آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الـ"سوشيال ميديا" سلاح ردع إستراتيجي يُعادل القنبلة النووية

اليمن اليوم-

اليمن اليوم- الـ"سوشيال ميديا" سلاح ردع إستراتيجي يُعادل القنبلة النووية

موقع فايسبوك
واشنطن _ اليمن اليوم

صارت الـ «سوشال ميديا»، بكلمات واضحة ومباشرة، سلاحًا إستراتيجيًا في القرن الـ21 يوازي السلاح النووي في القرن الـ20. وتقف القنبلة الذرية في قمة سقف الردع الإستراتيجي في موازين القوى الأساسية بين الدول الكبرى وحلفائها. فيما وصلت الـ «سوشال ميديا» إلى ذلك المستوى من التأثير الإستراتيجي، مع فارق أنها ساهمت في ابتكار نوع جديد من الحروب الفعلية بين الدول وداخلها، سماها خبراء حلف الأطلسي «الحرب الهجينة»، وصارت تلك التسمية مكرسة مع الصراع في أوكرانيا نموذجًا معاصرًا عنها.

وتتميز الحروب الهجينة بوصفها قابلة للتنفيذ، فيما الحروب الذرية ليست كذلك، إذ لم تستعمل الأسلحة الذرية سوى في سابقة متفردة تمثلت في القصف الذري الذي نفَّذته الولايات المتحدة ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية. وبعدها، انتشرت الأسلحة الذرية «التكتيكية»، وتكرر التهديد بها، لكن شيئًا لم يحصل على الأرض. في القرن العشرين، هدد هنري كيسنغر بتعديل ميزان القوى الإستراتيجي في أوروبا عبر القنابل النيوترونية القادرة على إبادة البشر من دون إحداث دمار كبير للحجر! لم تستخدم تلك القنابل ولا غيرها من الأسلحة الذرية التكتيكية على الأرض... حتى الآن. وفي المقابل، يتحدث خبراء الإستراتيجيات عن وجود أكثر من حرب هجينة بين حلف الأطلسي وروسيا وحلفائها.

وتشبه الـ «سوشال ميديا» السلاح الذري في كونهما اكتشافًا علميًا جذريًا تحول سلاحًا هائل القوة. استولدت قوة السلاح الذري من الذرّة ونواتها، وقبل السير بها لتكون طاقة مفيدة للبشر، استعملت سلاح دمار شامل عانته «هيروشيما» و «ناغازاكي» ببشرها وحجرها.

وولدت الـ «سوشال ميديا» في سياق ثورة المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة وابتكاراتها التي تكاد لا تتوقف على مدار الساعة. وفي البداية "على عكس حال الذرّة"، استعملت لمصلحة البشر، وقربت بينهم، ووفرت أداة متفوقة للاتصال والتواصل بين الأفراد والشعوب، بل فاقت خيالات الأساطير في التقريب بين البشر في أرجاء الكرة الأرضية. ثم صارت سلاحًا. وعلى يد الرئيس الشعبوي دونالد ترامب وأنصاره تحوّلت أداة علمية ترفع من شأن البشر والجمهور، إلى أداة للتلاعب بالجمهور وإرادته وأفكاره وتوجهاته.

أميركا أرضًا لحرب غير خفية

الأرجح أنه لم يعد مجديًا أن يقتصر الحديث على لغة الفضائح عند التفكير في ظواهر كفضيحة شركة «كامبريدج آناليتكا»، والتدخل الإلكتروني الروسي في التجربة الديموقراطية الأميركية، و«الأخبار الكاذبة» على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. لنواجه الأمر كما هو: الـ «سوشال ميديا» صارت سلاحًا إستراتيجيًا حاسمًا في القرن الـ 21.

وفي سياق التحقيق القضائي البريطاني في شأن «كامبريدج آناليتكا»، توضحت صورة عن كيفية جعل شبكات التواصل الاجتماعي، أداة حربية بامتياز. إذ تبين أن الأمر ابتدأ مع تنبّه المتمول روبرت ميرسر "يستثمر في المعلوماتية، ومؤيد لترامب"، إلى دراسة أجراها خبراء في علم النفس في جامعة كامبريدج في 2013، شملت 58 ألف شخص، وتمكنت من تحديد الميول السياسية لهؤلاء الأفراد بواسطة تحليل بياناتهم على «فايسبوك». وضخ ميرسر 10 ملايين دولار إلى مؤسسة معلوماتية اسمها «مختبر الاتصالات العالمية» لتأسيس شركة «كامبريدج آناليتكا» التي يتولى فيها ستيف بانون "خبير سياسي، وعمل لفترة مستشارًا للأمن القومي لدى الرئيس ترامب"، منصب نائب الرئيس فيها منذ انطلاقتها في 2014. وعمل خبير في علم النفس من جامعة كامبريدج، هو آلكسندر كوغان "مواليد مولدافيا، ووطيد الصلة بروسيا"، على تأسيس شركة «بحوث العلوم العالمية» التي تعاونت مع «مختبر الاتصالات» و «كامبريدج آناليتكا» للحصول على بيانات من «فايسبوك» عن 50 مليون مواطن أميركي.

وتحت إدارة ألكسندر نيكس، الرئيس التنفيذي لـ «كامبريدج آناليتكا»، استطاعت تلك الشركة أن تساهم في فوز السيناتور تيد كروز في انتخابات حزبية في ولاية «آيوا» في مستهل 2016. وبعدها، تعاونت الشركة عينها مع حملة ترامب للتأثير في مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016. وتضافر ذلك مع عمل روسي منظم عبر «فايسبوك»، تضمن شراء إعلانات سياسية، ونشر مواقع إخبارية ملتبسة، وإنشاء مجاميع من الحسابات الشخصية وغيرها.

من كابلات الإنترنت إلى حاملات الطائرات!

إذن، هل تدخل انتخابات الرئاسة الأميركيّة 2016 التي أوصلت الرئيس دونالد ترامب إلى الرئاسة، تاريخ الإستراتيجيات المعـــاصرة بوصــفها حرب ســيبرانيّة أولى؟ إذا مارس قــطب دولي عملًا معمقًا ضد قطب آخر طاول رأس النظـــام فيه، كيف لا يوصف ذلك بأنه عمل إستراتيجي من الدرجة الأولى؟ ألم يقل وزير الخارجية الأميركي الــسابق ريكس تيلرسون إن روسيا كسبت حربًا هجينة على أميركا، في تعليقه على التدخّل الإلكتروني الروسي الذي تلاعب بآراء الناخبين لمصلحة ترامب، مستخدمًا سلاحًا أساسيًّا هو التدخّل الإلكتروني للتأثير على الـ «سوشال ميديا»؟

وفي صيف 2017، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرًا وثائقيًّا ورد فيه أن السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية الجمهوريّة في «مجلس الشيوخ»، تلقّى بقلق بيانًا نشرته إدارة أوباما وثّق أن روسيا لم تكتف بهجمات على مواقع الحزب الديموقراطي "وقبلها على مؤسّسة حكومية أميركيّة"، بل هاجمت مباشرة شبكة الانتخابات التي تحصي الأصوات وتعطي النتائج، ما يعتبر انتهاكًا واضحًا للسيادة والاستقلال.

وأبلغ ماكونيل الإدارة الأميركيّة بأنّه سيعتبر إدانة الإدارة لروسيا بالتدخل عملًا بدوافع سياسيّة، ما عنى غياب التوافق بين الحزبين على ردع روسيا. ووفق المقال عينه، تسرّب حينها أن إدارة أوباما تداولت مقترحات للردّ على التدخل الروسي شمل إرسال حاملات طائرات إلى بحر البلطيق!

في نهاية المطاف، لم تفعل أميركا شيئًا لردع روسيا، بمعنى أنّ الأخيرة نجحت في ردع أميركا عن... ردعها! والأرجح أن التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسيّة يمثّل حدثًا إستراتيجيًّا بامتياز، وكانت أداته الأساسيّة في التأثير على آراء الشعب الأميركي هي الـ «سوشال ميديا».

ولم تتجاوز الولايات المتحدة المربع الأول في الردع الإستراتيجي، لأنها فشلت لحد الآن في حسم تلك النقطة، خصوصًا مسألة التلاعب بالـ «ســوشال ميديا» لمصلحة ترامب، أو حتى لمجرد هزّ ثقة الشعب الأميركي بالمؤسّسات الديموقراطية وشرخ وحدته الوطنية عبر تسعير النزاع الداخلي "وهو متفاقم فعليًّا" في الولايات المتحدة.

هل تعرف تلك المكوّنات الأربعة؟

يجمع خبراء الإستراتيجية على أن المسألة الأساسيّة في الردع هي القدرة على إيصال رسالة واضحة عن حدود الأشياء في العلاقات بين الدول. يمكن تكثيف الرسالة وتبسيطها بكلمات «إذا فَعلَتْ أنت هذا، فلسوف أفعل ذلك». وعمومًا، يعتمد الردع الإستراتيجي على أربع ركائز.

أولًا، تحديد واضح للجهة التي يأتي منها التهديد "نسبة التهديد إلى مصدره".

ثانيًا، صوغ قواعد الاشتباك بوضوح، بمعنى توضيح الحدّ الذي يؤدي تجاوزه إلى ردّ محتّم، وكذلك توضيح التناسب بين التجاوز والردّ.

ثالثًا، تثبيت المصداقيّة بشأن الالتزام بقواعد الاشتباك، وأن يصدق الآخرون ذلك.

رابعًا، امتلاك قدرات كفيّة لتنفيذ التهديد بالردع عند الضرورة. واستباقًا، هناك صعوبات واضحة في تلك الركائز في الفضاء السيبراني. إذ يصعب تحديد الجهة التي تشن هجمة إلكترونيّة، وهي أمر تقدر عليه الحكومات والشركات وعصابات الإجرام بل حتى الأفراد.

وحتى إذا توضّحت جهة التهديد الإلكتروني، يكون صعبًا إعلان الأدلة تحت طائلة كشف المصادر والتقنيات التي استعملت في الرصد والتتبع الإلكترونيّين، وكذلك انكشاف مدى المعلومات التي توصّل إليها من استهدفته الهجمة. وتعيق تلك الأشياء عينها اللجوء الردّ على الهجمة بهجمة معلنة، التي تكشف أيضًا الأسلحة التي يملكها الطرف الذي طالته الهجمة ومدى قدرته على التصدي للهـجمات على شبكاته. وفي الحال الأميركي، يتعقّد الأمر مع وجود شركات المعلوماتية والاتصالات فيها، وهي تعمل على مستوى عالمي من جهة، وتتعاون مع استخبارات بلادها من الجهة الثانية.

وإذا استعملت أميركا أسلحة سيبرانيّة، ربما أثّر الأمر على اقتصادها الرقمي وشركاته. وأظهرت وثائق سرّبها الخبير المعلوماتي المنشق إدوارد سنودن أن الاستخبارات الأميركية تزرع «ثغرات» خفيّة في برامج وأجهزة إلكترونيّة كي تلجأ إليها عند الحاجة.

أحيانًا «ثغرات يوم القيامة». وهناك استثناء أميركي آخر يتمثّل في كثافة اعتماد الحياة والعمران في الولايات المتحدة على شبكات الاتصالات المتطوّرة، ما يجعلها في وضع أكثر حرجًا من خصوم لا يعيشون تقدّمًا تقنيًّا مماثلًا. أحيانًا، يسعى الخصم إلى الحصول على ردّ، ما يجعل عدم الرد على الهجمات الإلكترونيّة، بمثابة «ردّ» مقنّع!

alyementoday
alyementoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الـسوشيال ميديا سلاح ردع إستراتيجي يُعادل القنبلة النووية الـسوشيال ميديا سلاح ردع إستراتيجي يُعادل القنبلة النووية



GMT 19:36 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

6 خطوات لحذف "فيسبوك" دون خسارة أصدقائك وصورك

GMT 19:34 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

تسريب يكشف بعض الميزات الجديدة في كاميرا Huawei Mate 20 Pro

GMT 19:14 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"غوغل" تدعم خدمة "Call Screen" في هواتف "بكسل"

GMT 14:26 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"سامسونغ" تنوي طرح هاتفها "الوحش" المزوّد بـ 6 كاميرات

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 05:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

نشاطات واعدة تسيطر عليك خلال الشهر

GMT 08:19 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

"جبل السودة" لمحبي الطبيعة الساحرة والخيال

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 14:30 2018 السبت ,12 أيار / مايو

نسب النبي صلى الله عليه وسلم

GMT 02:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

الهردومي يؤكد الانتصار على الجيش مهم لخنيفرة
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen