عدن - صالح المنصوب
يستقبل اليمنيون شهر رمضان في وضع أمني واقتصادي وسياسي وصحي سيء جدًا، فأوضاعهم الاقتصادية أصبحت حبلى بالمواجع والقهر، وترى قلة الإقبال على السلع في الأسواق، وتراجع للمتسوقين، لأنهم بالكاد يحصلون على السلع الضرورية، حيث أصبح الحصول على المال أمرًا صعب في ظل الحرب الدائرة وانقطاع صرف رواتب الموظفين منذ ثمانية شهور، وتعتمد تلك الأسر على الراتب، فيما أصبحت الديون متراكمة والأوضاع صعبة، ووصلت إلى حالة لا تطاق.
وكان شهر رمضان يتم الاستعداد والتجهيز له بشراء السلع، ويظهر الإقبال الكبير ولا تتوقف حركة الأسواق، أما رمضان هذ العام فتزيد فيه المعاناة، بسبب انقطاع الرواتب، ما جعل الناس يعزفون عن الشراء، وهمهم فقط بلقمة العيش الرئيسية، لم يكن هناك أي تفكير بالكماليات سوى بالسلع الضرورية، فحال الناس بين مشرد ونازح ومتسول وفقير ومتعب وعاطل عن العمل، لا تجد في شوارع المدن سوى متسول يبحث عن ما يسد رمق أسرته، وآخر يبحث عن مصاريف للعودة إلى منطقته بعد أن تقطعت به السبل وضاق به الحال.
وقال المواطن عبد العالم منصر: "استمرار الحرب وغياب الرواتب سبب معاناة لدى لسكان لا تتصورها، الراتب لم يدفع منذ شهور في عدد من المحافظات، والأسر تعتمد عليه بشكل كلي، والدخل بسبب الحرب تدنى الى مستوى الصفر، كان شهر رمضان مميز، ويُستقبل بالفرحة، وترى الإقبال فيه على السلع والتسوق كبيرًا، وكل شخص يجلب كل ما تطلبه الأسرة، كانت هناك إكراميات للموظفين، واليوم تغير الحال، فاستقبال رمضان بالهموم والمعاناة، كل ذلك سببته الحرب بفعل قيادات سياسية فشلت في إخراج البلد إلى بر الأمان، وفقد ادخلته في بحر الفوضى والمعاناة.
وكشفت المواطن أمين سعيد هو الآخر عن تفاصيل محزنه، قائلاً: "الناس في مناطق سيطرة الحوثي هجروا مناطقهم بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، ونزحوا إلى مناطق الشرعية، التي لا يختلف وضعها عن وضع تلك المناطق، وزادت البطالة والتسول وحكايات الوجع"،
أصبحت حياة الناس محزنة، ولم يعد هناك أمل بعد دخول البلاد في الحرب والقتل والخراب، وأدت سيطرة "الحوثيين" على مؤسسات الدولة المالية في العاصمة، صنعاء، بعد اجتياحها في سبتمبر / أيلول 2014، إلى وضع سوداوي للاقتصاد أدى إلى اهتزاز الثقة داخل القطاع المصرفي. وقال مسؤول إن صالح شعبان، وزير مال الانقلابيين، اجتمع مع قياداتهم، في مارس / آذار الماضي، وأطلعهم على الإيرادات، مؤكدًا أنهم لم يستطيعوا الحصول على إيرادات كافية لتغطية رواتب شهر واحد للموظفين الحكوميين، في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وأكد شعبان أن ما تملكه حكومة "الحوثيين"، مع ما استطاعت جمعه بالقوة والابتزاز، منذ تعيينها في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، لا يتعدى 27 مليار ريال يمني، مشيرًا إلى أن المشرفين "الحوثيين" يرفضون توريد أي مبالغ إلى البنك المركزي ويقومون بنهبها، موضحًا أنه بحاجة إلى أربعة أشهر متتالية لجمع رواتب الموظفين لشهر واحد فقط، حيث إن نفقات الرواتب تصل إلى 91 مليار ريال يمني، وهو ما يعتقد شعبان أنه صعب للغاية. وتذهب إيرادات بعض الجهات إلى حساباتها في البنك المركزي بصنعاء، لكنها لا تستطيع سحب المبالغ للوفاء بالتزاماتها، وموظفوها بدون رواتب منذ أربعة أشهر بسبب ممارسات الفساد التي تتم من خلال الأفراد المعينين من قبل جماعة "الحوثي".
وتكلف رواتب موظفي الدولة 72 مليار ريال، وفق نفقات 2014، ويبدو أن المبلغ المتبقي هو رواتب من أضافتهم الجماعة إلى وظائف الدولة، والذين سببوا تضخمًا في الهيكل الإداري. ونشأت علاقة بين الانقلابيين، وخاصة "الحوثيين"، والتجار، واتفاقيات غير معلنة أتاحت للتجار ورجال الأعمال السيطرة المطلقة على الأسواق المحلية، والتحكم فيها، والتلاعب بالأسعار وفق ما تفتضيه مصالحهم، مقابل الدعم السخي للمجهود الحربي، ومليشيات "اللجان الثورية" التي تتولى حمايتهم، وهكذا أصبح المواطن اليمني يعاني من وطأة حكام الانقلابيين، ويعاني من جشع التجار. ولعل هذه الحرية المطلقة التي يتنعم بها التجار، والتلاعب في الأسعار بحسب هواهم، هي التي أغرت "الحوثيين" لخوض غمار التجارة، فظهر تجار جدد في جميع المجالات التجارية، النفطية والغذائية وغيرها، يتحكمون في الأسواق، ويتلاعبون في قوت المواطنين. ويبقى الموظفون يتزاحمون على أبواب المحلات التجارية قبيل شهر رمضان المبارك لشراء حاجاتهم، ببعض الفتات الذي حصلوا عليه.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر