آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

لقب بشارع الفضائح لتسابق المراسلين والصحافيين للحصول على قصص مثيرة

شارع "فليت ستريت" لايزال شاهدًا على حقبة تاريخية أمضتها الصحف البريطانية

اليمن اليوم-

اليمن اليوم- شارع "فليت ستريت" لايزال شاهدًا على حقبة تاريخية أمضتها الصحف البريطانية

الصحف البريطانية
لندن - اليمن اليوم

تستقيم المباني من اليمين واليسار معانقة "فليت ستريت". تلك المباني كانت يوماً مهداً لولادة مطبوعات بريطانيا. صنعت الصحافة مجدها هناك ثم هجر أهلها المكاتب وتناثروا. لا تزال المباني شاهدة على حقبة ذهبية عاشتها الصحف البريطانية العريقة. ولا يزال الشارع اللندني مزدحماً، لكن رواده اليوم تناثروا بين سياح ومحامين ومصرفيين.

زرت "فليت ستريت" الأسبوع الماضي على أمل العثور على أي أثر خلفه الصحافيون بعد عزوفهم عنه في ثمانينات القرن الماضي. مبنى "الديلي تلغراف" و"الديلي إكسبريس" أصبحا ملكاً لبنك "غولدمان ساكس"، ولم يتبقَ منهما غير ساعة التلغراف الشهيرة وطابع الإكسبريس المعماري المميز. كما تحول مكتب وكالة "رويترز" للأنباء إلى مطعم. المطبوعات الأخرى باتت مكاتب محاماة أو حتى بقالات.

لطالما ارتبط اسم "فليت ستريت" بالصحافة البريطانية المطبوعة، لكن ملامحه اليوم بددت ذلك الانطباع لدي مع أن تاريخه هو الذي استحقه لقب "شارع الصحافة". جلست لاحتساء القهوة أمام إحدى مقاهيه ولوهلة تخيلت نفسي هناك، لكن قبل 4 أو حتى 5 عقود. مراسلون يركضون إلى مكاتبهم لكتابة سبق صحافي في أمل التفوق على ما ستنشره الصحف المنافسة، رؤساء تحرير يتناولون وجبة الغداء في مطعمهم المعتاد على الشارع ذاته، وموظفو الطباعة يرشفون الشاي استعداداً لليلة طويلة من الصفحات والحبر. فجأة سألني سائح تائه عن الطريق إلى المترو وقطع رحلتي.

 تاريخ شارع الصحافة
في عام 1495، أنشأ وينكين دي ورد، أول مطبعة في "شو لين"، الممر المتقاطع مع "فليت ستريت"، وولدت في تلك الفترة أيضا دار نشر لريتشارد بينسون بقرب كنيسة سانت دنستان الواقعة على شارع فليت. وأصبح اسما دي ورد وبينسون مرتبطيْن بالكلمة المطبوعة والتنوير في بريطانيا منذ ذلك الحين. وتبعتهما مطابع ودور نشر أخرى إلى الشارع ذاته، وكان عملها الرئيسي هو توفير المواد القانونية لمحاكم العدل الملكية الواقعة في آخر الشارع، إلى جانب إصدارات نثرية ومسرحية.

وفي مارس/آذار 1702، صدر العدد الأول من أول صحيفة يومية لندنية: "ديلي كورانت" من هناك، ثم صدرت الـ"مورنينغ كرونيكل". وبحلول عام 1712 أصبح في لندن 12 صحيفة مختلفة. وبمنتصف ثلاثينات القرن الثامن عشر ازدادت المطبوعات وأصبح لدى العاصمة البريطانية 6 صحف يومية، و12 صحيفة تصدر 3 مرات أسبوعيا، و13 صحيفة أسبوعية. وكان مجمل التوزيع الأسبوعي للمطبوعات مائة ألف نسخة، إلا أن النسخة الواحدة في تلك الأيام كان يقرأها نحو 20 شخصا.

شعبية الصحف قيدتها الضرائب المفروضة عليها في القرن التاسع عشر. لكن في منتصف القرن، أعفيت المطبوعات من الضرائب وأصبحت تكلفة النسخ لا تزيد على سنت واحد، مما شجع ولادة كثير من المطبوعات وتضاعف الشهية الشرائية. وبحلول عام 1880 وصل عدد الصحف إلى 15 جريدة يومية، و383 جريدة أسبوعية، إلى جانب "لندن غازيت" التي كانت تصدرها الحكومة.

وعلى مدار السنوات التالية تحول "فليت ستريت" إلى شارع الصحافة البريطانية وعصبها، وافتتحت جميع الصحف الشهيرة مقرات لها هناك في بدايات القرن العشرين، وانتقلت "ديلي إكسبريس" إلى بناية رقم 121 - 128 على الشارع عام 1931، من تصميم المهندس المعماري أوين ويليامز، وكانت أول بناية بحائط زجاجي "curtain wal" في لندن، وكانت جارتها منافستها "ديلي تلغراف" في بناية رقم 135 - 142 التي تتميز بساعة شهيرة لا تزال موجودة إلى يومنا هذا. وتربعت أمام الصحيفتين وكالة "رويترز" للأنباء بمبنى شامخ يعلو مدخله تمثال "الشهرة".

وصلت شهرة هذا الشارع لذروتها في ستينات وسبعينات القرن الماضي. كان القلب النابض للصحافة والمصدر الرئيسي للأخبار. وأطلق البعض عليه اسم "شارع الفضائح" لانتشار صحافييه ومراسليه في مطاعمه ومقاهيه بحثا عن تسريبات وقصص مثيرة من المنافسين. وكان مركزاً مهماً للمشوار المهني لأي صحافي في البلاد؛ إذ تدرج منه أعلام المهنة. التكنولوجيا كانت محدودة في تلك الأيام والإرسال كان ضعيفا، فكان من الصعب إجراء الاتصالات، وكان اعتماد الصحافيين أيضا على الكتابة بالقلم، والاستعانة بالآلة الكاتبة لصف الأخبار. وكان لكل جريدة مطبعتها الخاصة القابعة في قبو البناية. لذلك لطالما وُجدت الشاحنات المحملة بلفائف الورق الضخمة وهي تحاول الدخول إلى الشوارع الجانبية لتوصيل شحناتها إلى المطابع. وكانت تعاود الكرة في المساء لتسلم الطبعات وتوزعيها.

أهل الصحافة يهجرون مكاتبهم
بدأت سطوة شارع الصحافة في الانكماش، وغاب عنه الحبر تدريجيا، بعدما قرر روبرت ميردوخ، مالك شركة "نيوز إنترناشيونال" عام 1986، أن ينقل مطبوعاته "التايمز" و"الصن" و"أخبار العالم" إلى مقر جديد في "وابينغ"، بعيدا عن "فليت ستريت". وكان قرار ميردوخ ماديا بحتا؛ إذ رأى أنه من المستحيل أن تدر صحفه الأرباح في شارع كانت تحكمه سياسات الاتحادات المهنية التي كانت تعنى بحقوق عمال الطباعة والنشر والتوزيع، وأيدته آنذاك رئيسة وزراء البلاد المحافظة مارغريت ثاتشر. وقام ميردوخ بفصل جميع عمال الطباعة وتوظيف كادر جديد يعنى بالنشر الإلكتروني مع إدخال الكومبيوترات والتنقية الحديثة إلى مكاتبه الجديدة، مما أضعف موقف الاتحادات المهنية.

وأدى الأمر إلى خلاف شرس على مدار عام ومظاهرات تحولت إلى مواجهات عنيفة بين الموظفين ورجال الأمن على "فليت ستريت". لكن الأمر انتهى بهزيمة الاتحادات المهنية. وفي عام 1988، نُقلت كل الصحف الوطنية من شارع فليت إلى منطقة دوكلاندز، واعتمدت على طرق الطباعة الحديثة بالكومبيوتر، بدلا من الألواح المعدنية الساخنة، وأصوات الآلات الكاتبة. كما بدأت مطبوعات أخرى بالنزوح من "فليت ستريت" تدريجيا إلى كناري وورف وسوثارك. وكانت وكالة "رويترز" للأنباء من آخر الأسماء الشهيرة التي عزفت عن الشارع عام 2005.
ورحلت آخر مطبوعة شهيرة عن الشارع في أغسطس/آب الماضي وهي "الصنداي بوست". وتدريجيا، استخدمت المباني التي خلفتها هذه المطبوعات استخدامات أخرى؛ بعضها أصبح محال تجارية أو مطاعم. كما أصبح الشارع مقرا لكثير من البنوك الاستثمارية والتجارية وشركات المحاماة الكبرى، لقربه من المحاكم الملكية. واستولى بنك "غولدمان ساكس" على مبنييْ "التلغراف" و"إكسبريس" الشهيرين. ومع أن الصحافيين هجروا "فليت ستريت"، إلا أن اسمه لا يزال مرتبطا بمسيرة تطور مجالات الطباعة والنشر في بريطانيا، والعالم، ليومنا هذا.

 

alyementoday
alyementoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شارع فليت ستريت لايزال شاهدًا على حقبة تاريخية أمضتها الصحف البريطانية شارع فليت ستريت لايزال شاهدًا على حقبة تاريخية أمضتها الصحف البريطانية



إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 20:26 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إتيكيت كتابة الإيميل و طريقه تعاملك مع الاشخاص

GMT 09:26 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

الدباسي يعلن انضمام ناقلة نفط إلى أسطول "البحري"

GMT 20:17 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كراينوفيتش يتأهل إلى ربع نهائي بطولة باريس بيرسي

GMT 05:53 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

بيلا حديد تسحر العيون بإطلالة هي الأجرأ على الإطلاق

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 09:38 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

"أحن إليك"

GMT 02:49 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء 5 رحلات دولية في مطار القاهرة بسبب قلة عدد الركاب

GMT 20:35 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد المصارعة "wwe" ينفي وفاة بيغ شو في حادث سير
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen