آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب؟

اليمن اليوم-

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب

بقلم/عمرو الشوبكي

جاء توقيت العملية الإرهابية التى شهدتها مدينة مانشستر الصناعية الكبرى فى بريطانيا ليشكك فى فاعلية كثير من الأفكار التى طرحها ترامب فى مؤتمر الرياض لتبدو شعاراته وخطبه فى واد وواقع الإرهاب الجديد وتحدياته وطرق مواجهته فى واد آخر.

ثم جاءت تصريحات أمير قطر لتشير إلى تصدع البيت الخليجى وصعوبة القول إن ما أعلن فى الرياض من «سياسات حرب» على الإرهاب محل إجماع عربى أو خليجى، وأكدت أيضا على استمرار سياسة قطر كوكيل دولى أو حالة إقليمية تتبنى سياسيات متناقضة فهى صديقة إسرائيل وحماس، وإيران والسعودية، والإخوان وتركيا وأمريكا، وتتصور أنها أشطر من الجميع ولكنها باليقين ستدفع ثمنا باهظا لهذه النوعية من السياسات.

ولعل السؤال الأول المطروح على الساحة العربية عامة والسعودية خاصة هل صفقات السلاح الأكبر فى تاريخ الدول العربية (110 مليار دولار) لها علاقة بالحرب على الإرهاب؟ الإجابة الأكيدة لا؟ ولكن هل لها علاقة بردع إيران والدفاع عن المملكة فى وجه تهديداتها لدول الخليج وارد وهذا أمر تقدره السعودية وفق أولوياتها الوطنية، إلا أن المؤكد أن إيران تواجه الخليج بأذرع سياسية وتنظيمات عسكرية طائفية لا تمتلك كل هذا العتاد الحربى الذى تمتلكه دول الخليج، ولكنها نجحت فى النهاية أن تكون قوة تهديد حقيقية بفضل دهاء الإدارة السياسية وليس كثرة السلاح.

ومع ذلك فإن خطة ترامب التى ركزت على المواجهة العسكرية ضد الإرهاب لم تتعلم شيئا من فشل سلفه الجمهورى جورج بوش فى حربه على الإرهاب بل وتحولها إلى أحد المصادر الرئيسية وراء انتشار الإرهاب.

الفارق بين الفشل الأول (السابق) والثانى (القادم) يكمن فى أن مشروع بوش الابن كان مشروعا أيديولوجيا حكمته رؤية متكاملة مثلت غطاء سياسيا لغزو العراق فى 2003، فقد خرجت أطروحة الفوضى الخلاقة التى دعت إلى نشر الفوضى فى العالم العربى حتى يمكن بناء الجديد الديمقراطى، واعتبرت أن إحدى العقبات لتحقيق ذلك هو وجود الدول الوطنية العربية، فهدمت الدولة العراقية وفككت الجيش، واعتبرت أنها فى طريقها لبناء الديمقراطية فى العراق فكانت أكثر جرائم القرن العشرين بشاعة وقسوة وأيضا فشلا فى تحقيق أى من الشعارات الديمقراطية التى رفعتها.

والحقيقة أن ترامب جاء وهو لا يحمل أى مشروع سياسى أو أيديولوجى إلا التجارة وبيع السلاح الأمريكى، كما أنه يعلم جيدا أن أمريكا والغرب لم يعودا معنيين بنشر الديمقراطية أو حتى التبشير بها فى العالم العربى بل إن قناعة ترامب ومعظم تياره اليمينى المتطرف أن العرب والمسلمين شعوب متخلفة وغير مهيأة لتبنى الديمقراطية والمهم هو ضمان عدم عبور الإرهابيين واللاجئين حدود العالم العربى إلى «العالم المتحضر».

والحقيقة أن ترامب لن يحارب الإرهاب إنما سيتاجر بقضية الإرهاب لضمان بيع السلاح الأمريكى للمنطقة كما أنه أكد أكثر من مرة على أن محاربة الإرهاب قضيتنا وأمريكا ستساعدنا ولن تحرك جنديا واحدا للمنطقة إلا لو كان الحساب مدفوعا مقدما.

أما السؤال الثانى فهو كيف سيواجه خطاب ترامب الإرهاب الفردى الجديد عقب تحرير المدن الكبرى من قبضة تنظيم داعش الإرهابى وتوقع انتشاره بشكل خفى على طريقة الذئاب المنفردة التى تنفذ عملياتها الإرهابية فى أوروبا وأمريكا؟ وهل صفقات السلاح الضخمة هى التى ستواجه إرهابيين من عينة سلمان العبيدى ذو الـ 22 ربيعا البريطانى الجنسية والليبى الأصل والذى قتل مؤخرا 20 شابا بريئا فى عمر الزهور فى إحدى أكبر المدن الصناعية فى أوروبا وهى مدينة مانشستر؟.

هذا الإرهاب الفردى والعشوائى لن يواجه بصفقات السلاح الضخمة إنما باتخاذ إجراءات جديدة تحل المشاكل السياسية فى المنطقة وتحاصر البيئات الحاضنة للإرهاب فى سوريا والعراق.

فالإرهاب الجديد ستكسره الجيوش العربية والتحالفات الدولية مثلما يجرى الآن ولكنها لن تستطيع هزيمته بل سيتحول إلى صورة فردية جديدة مثلما جرى فى مناطق كثيرة من العالم، فالإرهاب فى مصر (خارج سيناء) هو فى جانب رئيسى منه إرهاب مظلومية سياسية وثأر من الدولة وتحريض عليها، والإرهاب الذى شهدته أوروبا مؤخرا هو لعناصر فى غالبيتها الساحقة ليس لها تكوين عقائدى عميق ولا تهتم بتأصيل العنف فقهيا حتى نحرص نحن على مواجهته فقهيا ونطالب الأزهر بتجديد الخطاب الدينى ومواجهة الفكر التكفيرى، ونتصور أن مركز اعتدال السعودى سيواجه الفكر المتطرف بالاعتدال، فى حين أن دوافع غالبية عناصر الإرهاب الجديد هى إما الثأر من مظالم سياسية أو انتقام ممن اعتبرتهم مسؤولين عن تهميشهم الاجتماعى أو رفض لسياسات سلطة حكم اعتبروها تضطهدهم طائفيا ومذهبيا.

الإرهاب الجديد يشكله أولا الواقع الاجتماعى والسياسى والمذهبى ثم يأتى ثانيا دور المبرر العقائدى والفقهى للقتل والإرهاب الذى لا يشكل أساس تكوينه أو دوافعه الأولى نحو العنف، أى أن الواقع الذى يعيشه مع هشاشة نفسية يحولانه إلى مشروع إرهابى يضفى مفردات وقشورا دينية على جرائمه متصورا أنها ستدخله الجنة.

هذه الأنماط الجديدة من العنف والإرهاب التى تجتاح الشرق الأوسط والعالم لن يوقفها خطاب ترامب، بل ربما سيكون سببا فى انتشارها وعلينا نحن قبل فوات الأوان أن نضع استراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب الجديد قد نتحالف فيها مع بعض الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا، دون أن نسلم لها مصائرنا مرة أخرى فمسؤوليتنا أساسية فى هزيمة الإرهاب ولن ننتصر عليه إلا بسياسات جديدة تعى طبيعة التحولات التى أصابت ظاهرة العنف والإرهاب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب هل سيحارب ترامب حقا الإرهاب



GMT 05:50 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حروب سيناء

GMT 03:01 2017 الإثنين ,31 تموز / يوليو

البطولة !

GMT 05:40 2017 الخميس ,01 حزيران / يونيو

من مانشستر إلى المنيا: الإرهاب مستمر
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 20:26 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إتيكيت كتابة الإيميل و طريقه تعاملك مع الاشخاص

GMT 09:26 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

الدباسي يعلن انضمام ناقلة نفط إلى أسطول "البحري"
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen