آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

(لبنان الذي أحببت)

اليمن اليوم-

لبنان الذي أحببت

بقلم/جهاد الخازن

كنت في موناكو لحضور حفلة زفاف الأهل فيها من أصدقاء العمر. رأيت عشرات الأصدقاء في بلد صغير جميل. وكان يُفترَض أن أسعد مع الجميع، إلا أن الهمّ ركبني وأنا أجلس في مقهى يطل على ساحة الكازينو فلا أنعم بالجو الطيب حولي وإنما أتذكر فيروز وأغنيتها: نسّم علينا الهوا...

فيروز قالت: نسّم علينا الهوا/ من مفرق الوادي/ يا هوا دخل الهوى/ خدني على بلادي.
لم أنقطع عن لبنان يوماً ولن أنقطع، ولي فيه من الأهل والأصدقاء ما يزيد على عدد سكان موناكو. ثم أشعر بالغربة ولا أجد تبريراً لشعوري، فقد كنت في بيروت قبل أسبوع من زيارة موناكو، ولا بد أن أعود إليها في الصيف هذا وبعده. أليس لبنان سويسرا الشرق أو موناكو العرب؟
لماذا أشكو؟ لا أدري وإنما أعيد ما قالت فيروز: يا هوا يا هوا/ يا اللي طاير بالهوا/ في منتورة/ طاقة وصورة/ خدني لعندن يا هوا.

لا أحتاج أن أطير مع الهواء، فأنا أذهب في طائرة، إما لطيران الشرق الأوسط أو الخطوط البريطانية، ولا أعدم أن أرى أصدقاء أو معارف في الطائرة، ثم أجلس في مقهى وأشكو سوء حظ موجوداً في مخيلتي فقط.
فيروز قالت: فزعانة يا قلبي/ إكبر في هالغربة/ وما تعرفني بلادي/ خدني على بلادي.

أقول إنني تركت بيروت في ما اعتقدت أنه إجازة الأعياد ولم أعد للإقامة فيها حتى الآن. كنت دون الثلاثين والآن أصبحت من عمر نسر لقمان الذي سمعت أنه عاش بضع مئة سنة. بلادي لا أنساها سواء أكانت لبنان أو فلسطين أو سورية أو الأردن أو مصر أو غيرها، لكن أزعم أن لبنان نسيني، فالأصدقاء كبروا أو هرموا، وبعضهم تركنا إلى عالم آخر، ثم أمشي في حارات الجهالة والشباب وأتذكر أياماً لم أكن أعرف في حينها أنها أسعد أيام حياتي. كم أتمنى لو أنني لا أزال في الجامعة مع الأصدقاء والصديقات، ولا همّ ولا غمّ، بل تفاؤل بتحرير فلسطين غداً أو بعد غد ووحدة عربية ناجزة.

أدرك أنني أحلم وأدرك أن الحلم لن يعيد الماضي، مع ذلك أنظر حولي وأفزع إلى أيام أجمل وآمال أفضل، وشباب يعمل وبنات لا أحلى ولا أذكى.

فيروز تقول: شو بنا شو بنا/ يا حبيبي شو بنا/ كنتو وكنّا/ تضلوا عنّا/ وافترقنا شو بنا.
أقول صادقاً إنني ذهبت إلى لندن في إجازة أيام. لم أتصور أبداً أن أقضي العمر غريباً أو مغترباً في بلاد الناس. أقمت في جدة بضعة أشهر، ولا أعتبرها غربة، ودرست في جامعة أميركية وعدت إلى لندن ولا أزال. هل يعرفني الوطن إذا عدت غداً؟ كنت شاباً الحياة كلها أمامه على طبق من ورد. والآن أصبحت «شيبة» كأكثر الأصدقاء، وقد تغيّر الوطن كما تغيرنا. هل أقول: آخ يا وطن؟ لا أفعل وإنما أبقى بانتظار أيام أفضل أو عودة تلك الأيام التي اعتقدنا أنها ستبقى معنا حتى النهاية.

فيروز تقول: وبعدا الشمس بتبكي/ عالباب وما تحكي/ يحكي هوا بلادي/ خدني على بلادي.
أريد أن أعود إلى البلد الذي ضمني طفلاً ومراهقاً وشاباً، وهجرني رجلاً. الوطن في قلبي، ولكن جيلي خرج من قلب الوطن وحرب أهلية طاحنة تفتك بأجمل ما فيه، ثم نزاع سياسي أو خراب، حتى بعد إقرار قانون النسبية في انتخابات البرلمان. أي قانون وأي نسبية؟ كنا ننتخب المرشح الأقرب إلى العقل والقلب، وانتخبت الدكتور بيار دكاش، طبيب الوالدة.

الآن البلد كله في غرفة الإنعاش، ولا أمل بأن يتعافى. لكن الله مع الصابرين وأنا منهم. ولا يزال هناك بصيص من نور، وأمل بعودة لبنان قديم، لبنان أفضل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان الذي أحببت لبنان الذي أحببت



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 23:44 2016 الأحد ,29 أيار / مايو

كريم طبيعي وبسيط يزيل رائحة العرق بسهولة

GMT 01:36 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جامعات يابانية تستعرض برامجها الدراسية في "نجاح 2016"

GMT 14:51 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بدر الشعيبي ينشر صورة طفلته الجديدة على موقع "إنستغرام"

GMT 22:15 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

المؤتمر الوطني يعتمد تشكيل حكومة الوفاق الوطني
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen