آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

من صنعاء... إلى جنوب لبنان

اليمن اليوم-

من صنعاء إلى جنوب لبنان

بقلم - خيرالله خيرالله

في غياب ضربة قوية توجه إلى الحوثيين (أنصار الله)، سيكون لإيران وجود دائم في اليمن، وستكون صنعاء مدينة إيرانية أخرى… وسيكون العراق وسوريا ولبنان مستعمرات إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك.

لا يمكن فصل اغتيال علي عبدالله صالح بالطريقة التي اغتيل بها عن الهجمة الإيرانية في المنطقة. هناك محاولة واضحة لتأكيد أن صنعاء مدينة تحت السيطرة الإيرانية وأن ما حصل يوم الواحد والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2014، عندما اجتاح الحوثيون (أنصار الله) العاصمة اليمنية، ليس مجرّد حدث عابر. الرسالة، التي اسمها رسالة صنعاء، واضحة كلّ الوضوح. إيران موجودة في العاصمة اليمنية كي تبقى فيها إلى الأبد حتّى لو كان معنى ذلك في المدى المنظور تحويل المدينة والمنطقة المحيطة بها إلى قطاع غزة آخر.

لماذا الإصرار على اغتيال الرئيس اليمني السابق في بيته بالطريقة التي حصلت، في حين أنه كان معروفا تماما أنّه لا يمتلك أي مصدر قوّة باستثناء حراسه الشخصيين؟

المطلوب بثّ الرعب في صنعاء وفي كل أنحاء اليمن. المطلوب ترويع اليمنيين والقول لكل يمني إن مصير من يتجرأ على “أنصار الله”… هو مصير علي عبدالله صالح الذي أُسر اثنان من أبنائه هما صلاح ومدين وابن شقيقه محمد محمّد عبدالله صالح وآخرون من القريبين منه. لم يكتف الحوثيون بقتل علي عبدالله صالح. لجأوا قبل ذلك إلى تعذيبه مدة ساعة ونصف ساعة قطعوا خلالها أحد أصابعه قبل أن يصدر أمر من عبدالملك الحوثي بتصفيته. بعد ذلك، غيّر عبدالملك الحوثي الجنبية التي يرتديها. وضع مكانها جنبية أخرى هي التي ورثها أخوه حسين بدرالدين الحوثي عن والده. أراد أن يقول أنه أخذ أخيرا بثأره من علي عبدالله صالح…

رسالة صنعاء واضحة كل الوضوح. إيران موجودة في العاصمة اليمنية كي تبقى فيها إلى الأبد حتى لو كان معنى ذلك في المدى المنظور تحويل المدينة والمنطقة المحيطة بها إلى قطاع غزة آخر

كان كافيا أن يتجرّأ الرئيس اليمني السابق على إيران وعلى الحوثيين، الذين هم أحد ارتكاباته منتصف تسعينات القرن الماضي، كي يلقى المصير الذي لقيه مع أولئك الذين ينتمون إلى محيطه المباشر. ليس صحيحا أنه كان يريد الانقضاض على الحوثيين حتّى لو أعلن ذلك. كان يعرف تماما أنّه ليس في استطاعته الطلب من “قبائل الطوق” التي تتحكّم بمداخل صنعاء دعمه في وجه “أنصار الله”. عندما يتعلّق الأمر بموازين القوى، كانت هذه الموازين مختلّة كلّيا لمصلحة الحوثيين، الذين استفادوا من إعادة هيكلة القوات المسلّحة اليمنية التي قام بها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في العام 2012، فور تولّيه الرئاسة خلفا لعلي عبدالله صالح الذي غادر الرئاسة تلبية للمبادرة الخليجية. من دون قوات عسكرية ومن دون قبائل مساندة له، كان مصير علي عبدالله صالح معروفا، بل معروفا أكثر من اللزوم.

هناك منذ بضعة أسابيع عملية تجميع أوراق تقوم بها إيران وذلك منذ بدر عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يوحي بأنّها تستوعب تماما، من الناحية النظرية فقط، أخطار المشروع التوسّعي الذي تقف خلفه طهران.

ليس سرّا أن إيران متورطة في كلّ حروب المنطقة، وفي كلّ ما من شأنه إثارة النعرات المذهبية والطائفية من المحيط إلى الخليج. من الواضح أن إيران تمتحن الإدارة الأميركية في غير مكان في وقت وضع دونالد ترامب نفسه في خدمتها عندما اتخذ قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، متجاهلا أن ذلك يقضي نهائيا على خيار الدولتين ويعزّز وجهة نظر المتطرفين، على رأسهم إيران من جهة أخرى. ما فعله ترامب كان أحسن هدية لإيران التي تتحيّن كل الفرص كي تتابع المتاجرة بالفلسطينيين وقضيّتهم وبالقدس تحديدا.

في عالم يسود فيه منطق اللامنطق، كان اغتيال علي عبدالله صالح رسالة إيرانية. كان في استطاعة الحوثيين الاكتفاء بمحاصرته في بيته. لم يكن ذلك ليغيّر شيئا في موازين القوى داخل العاصمة اليمنية ومحيطها، خصوصا أن “قبائل الطوق” انضمت إلى “أنصار الله”، وأن كلّ المعسكرات داخل صنعاء ومحيطها صارت خاضعة لهم.

فضلا عن ذلك، لم يعد هناك شيء اسمه الحرس الجمهوري. قادة الحرس إما قتلوا أو ذهبوا إلى بيوتهم وإمّا انضمّوا إلى الحوثيين. فعل الشيء ذاته عدد من كبار الضباط الذين ينتمون إلى سنحان والذين اكتشفوا أخيرا أن لديهم حسابات يريدون تصفيتها مع ابن منطقتهم!

يظل السؤال لماذا يريد الحوثيون إظهار كل هذه الشراسة في الوقت الحاضر؟ الجواب بكل بساطة أن إيران مهتمّة بالقول للأميركيين إنها اللاعب الأساسي في الشرق الأوسط. وأن لا أحد يستطيع إخراجها لا من سوريا ولا من العراق ولا من لبنان ولا من اليمن. لو لم يكن الأمر كذلك، لما استحضر “حزب الله” أحد قادة “الحشد الشعبي” في العراق ويدعى قيس الخزعلي إلى جنوب لبنان. ما معنى هذه الزيارة ذات الطابع الاستفزازي والكلام الذي صدر عن الخزعلي من أرض الجنوب عن “إقامة دولة صاحب الزمان”؟

المعنى الوحيد للزيارة والإعلان عنها وتصويرها يتمثل في أن إيران تريد القول في لبنان إن الأمر لي وليس للحكومة اللبنانية ولرئيسها سعد الحريري الذي يجتهد لتحييد البلد. لم يكتف سعد الحريري، قبل أيام قليلة، بالسعي إلى وضع الأمور في نصابها داخل الحكومة، بل عمل من خلال مؤتمر باريس على مساعدة لبنان وإنقاذ ما يمكن إنقاذه تفاديا لكارثة اقتصادية تهدّد البلد، خصوصا القطاعات الحيوية فيه. ما حصل في جنوب لبنان هو تحدّ للحكومة اللبنانية ولجهود سعد الحريري على كلّ المستويات.

جاء الخزعلي لتأكيد أن إيران لا تبالي بالسياسة الأميركية ولا بكلام ترامب. إيران التي أخرجت الأكراد من كركوك، بواسطة ميليشياتها العراقية، هي من أفشل الاستفتاء على الاستقلال الذي أصر عليه مسعود البارزاني. إيران استطاعت بعد ذلك السيطرة على معبر البوكمال على الحدود السورية – العراقية. كان التدخل الإيراني في كركوك إشارة أخرى إلى أن العراق تابع لإيران، وأن “الحشد الشعبي” هو اللاعب الأساسي في هذا البلد، وأن الرهان على حيدر العبادي لا يمكن أن يكون أكثر من رهان. أما السيطرة على البوكمال فهي تكريس لربط طهران ببيروت عن طريق بغداد ودمشق.

في المقابل، تكتفي الإدارة الأميركية التي تخلت عن المعارضة السورية منذ زمن على لعب دور المتفرّج. لم يعد من معنى للوجود العسكري الأميركي في سوريا ما دام البوكمال في يد إيران.

إلى أي حدّ ستذهب إيران في تحديها للإدارة الأميركية؟ تصعب الإجابة عن السؤال. لكن الثابت أن هناك ترابطا بين دور “الحشد الشعبي” في كركوك وفي محاصرة إقليم كردستان في العراق، وبين السيطرة على البوكمال وبين زيارة قيس الخزعلي لجنوب لبنان وبين رسالة صنعاء.

تتابع إيران سياستها الهجومية على كلّ صعيد وفي غير مكان مستفيدة إلى أبعد حدود من سياسة إدارة ترامب التي ثبت إلى اليوم أنّها تتكلم ولا تفعل وأنّها تسيء إلى حلفائها أكثر بكثير مما تفيدهم.

لو لم يكن الأمر كذلك، كيف تفسير موقف الرئيس الأميركي من القدس في هذا بالتوقيت بالذات وفي هذه الظروف الإقليمية؟

لا تفسير واضحا غير الرغبة في خدمة إسرائيل بشكل مباشر وخدمة إيران بشكل غير مباشر لا أكثر. جاءت رسالة صنعاء واضحة لكل من يعنيه الأمر. في غياب ضربة قوية توجّه إلى الحوثيين (أنصار الله)، سيكون لإيران وجود دائم في اليمن، وستكون صنعاء مدينة إيرانية أخرى… وسيكون العراق وسوريا ولبنان مستعمرات إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من صنعاء إلى جنوب لبنان من صنعاء إلى جنوب لبنان



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 12:14 2018 الخميس ,16 آب / أغسطس

استراتيجية مكافحة الجريمة الاقتصادية

GMT 01:21 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

منع دخول الصحافين حضور تصوير أخر حلقات "30 يوم"

GMT 11:08 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

أوبل تجعل Astra الشهيرة أجمل وأكثر اقتصادية

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 07:12 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

تعرّف على أفضل ناطحات السحاب المذهلة في العالم

GMT 20:41 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الميسري يترأس اجتماعًا مع اللجنة الرئاسية لمحافظة تعز

GMT 06:11 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ملابس طويلة وجديدة لاسترخاء هادئ في الشتاء البارد

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 12:24 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

نجوم أجانب يرتدون ملابس مستعملة وقديمة

GMT 13:00 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

Huawei"" تطلق "قاتل MacBook" بنظام تشغيل "Windows 10"
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen