آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

إيران والحاجة إلى حرب…

اليمن اليوم-

إيران والحاجة إلى حرب…

بقلم : خير الله خير الله

بعد أيام تدخل الحرب السورية سنتها الثامنة. كانت حصيلة سبع سنوات، مما بدأ بثورة شعبية قمعها نظام أقلوي لا يؤمن إلا بلغة إلغاء الآخر، هو تدمير سوريا وتفتيتها. 

كان هناك تركيز خاص على تدمير المدن الكبرى مثل حلب وحمص وحماة، وهو تدمير رافقه تغيير طبيعة التركيبة الديموغرافية لدمشق والمناطق المحيطة بها، كي يصبح تدجين العاصمة بمثابة تحصيل حاصل.فوق ذلك كله، وقعت سوريا تحت خمس وصايات هي الإيرانية والإسرائيلية والروسية والأميركية والتركية. 

استلحق التركي نفسه كي يجد له مكانا ثابتا في سوريا بعدما أطلق في آذار – مارس من العام 2011، مع اندلاع الثورة الشعبية في وجه النظام، شعارات ذات طابع نظري صحيح. تبيّن أنه عاجز عن ترجمة هذه الشعارات على أرض الواقع. استطاع التركي التقاط أنفاسه بعد تقارب مع روسيا التي تبيّن أنها قادرة على الاستفادة من تردده ومن نقاط ضعفه. كان من بين نقاط الضعف التركية إقبال السياح الروس الذين هز غيابهم قطاعا من أهمّ القطاعات الاقتصادية في البلد.حقّق النظام السوري الذي أنقذه، إنقاذا شكليا، الإيرانيون منذ العام 2012، ثم الروس ابتداء من خريف 2015، انتصارا على الثورة الشعبية عبر تحويلها من ثورة سلمية على الظلم، إلى ثورة مسلحة. 

أكثر من ذلك، نجح النظام، وهو شريك مع الإيراني في ظهور “داعش” وما على شاكلته، في تصوير الحرب على الشعب السوري بأنها “حرب على الإرهاب”.كان ظهور “داعش” في سوريا ثمّ تمدّده إلى العراق، حيث استفادت منه إيران إلى أبعد حدود، بمثابة نقطة تحوّل. فبفضل “داعش” وممارساته، وجد النظام وشريكاه الإيراني والروسي فرصة لممارسة كل أنواع الوحشية من أجل إبادة الشعب السوري وتهجيره، فضلا عن إجراء عمليات تبادل للسكان من منطلق مذهبي.صار استخدام سلاح الجوّ لتدمير مدارس ومستشفيات أمرا عاديا.

 صارت البراميل المتفجرة التي ترمى عشوائيا على أحياء فيها نساء وأطفال بمثابة الخبز اليومي للنظام. يقتات هذا النظام من دماء الشعب السوري. يعتبر النظام وجوده مرتبطا باستمرار النزف الذي لا يقتصر على الدماء، بل على تهجير أكبر عدد ممكن من السوريين من قراهم وبلداتهم ومدنهم. ساذج بل مضحك من يدعو في لبنان إلى عودة النازحين السوريين إلى المناطق التي استعادها النظام بفضل القصف الروسي والميليشيات المذهبية التابعة لإيران… 

هل جرى تهجير هؤلاء كي يعودوا إلى سوريا أصلا؟ لا عودة لهؤلاء النازحين إلا في اليوم الذي يتغيّر فيه النظام لا أكثر ولا أقل.

إنه نظام يؤمن بالتطهير العرقي من منطلق مذهبي، بما يخدم أهدافه في المدى القصير وأهداف إيران في المدى الطويل. هذا إذا استطاعت إيران البقاء في الأراضي السورية إلى ما لا نهاية. خدم “داعش” الغرض المطلوب من ظهوره.

 كان حجة لإعطاء شرعية لـ“الحشد الشعبي” في العراق وتدمير مدينة مثل الموصل وإجراء تغييرات في التركيبة السكانية للبلد كله. أما في سوريا، فكان، بفضل ممارساته، غطاء للنظام وأسلحته الكيميائية ولانتهاك “حزب الله” السيادة اللبنانية، وإلغاء الحدود بين لبنان وسوريا وتغليب المنطق المذهبي على كل ما عداه.

لعلّ التحوّل الذي شهدته سوريا في ظل حرب استمرت سبع سنوات، وهي حرب ما زالت في بدايتها، وجود خطوط عريضة لتفاهم أميركي – روسي، على الرغم من كلّ ما يقال عن أن إسقاط طائرة “أف- 16” الإسرائيلية، الأميركية الصنع، جاء ردّا على إسقاط قاذفة “سوخوي- 25” روسية في الأجواء السورية بواسطة صاروخ “ستينغر” أميركي الصنع. هذه الخطوط العريضة للتفاهم الأميركي – الروسي، تعني بين ما تعني أن مرتفعات الجولان المحتلة في 1967 صارت أرضا إسرائيلية.

 هذا ما أبلغه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل أيام قليلة عندما التقيا على هامش مؤتمر دولي في ميونيخ.ليس سرا أن لروسيا وجودا تاريخيا في سوريا وأن أي حماية للعلويين في هذا البلد في المدى الطويل ستكون حماية روسية، التي تبدو وحدها القادرة على إعادة بناء الجيش السوري، في يوم من الأيّام، من دون تهميش كامل للضباط العلويين. كذلك ليس سرّا أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عن دورها في المنطقة وأن وجودها في سوريا يؤكد أنها القوة العظمى الوحيدة في العالم وأن لا شيء يمكن أن يحصل في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط من دون موافقتها. 

أكدت أميركا إصرارها على الاحتفاظ بمنطقة سورية، قسم كبير من سكانها من الأكراد، فيها معظم ثروات البلد من نفط وغاز ومياه وزراعة.ليس سرّا أخيرا أن ثمة تفاهما أميركيا – روسيا على عدم تجاهل الدور التركي، وإن بشكل محدود، مع اعتراف بأهمية تركيا في الشمال السوري وبهواجسها الكردية. هذا ما كشفته زيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون لأنقرة وتصريحاته. بعد لقاء كبار المسؤولين الأتراك، اعتبر تيلرسون أن أميركا وتركيا تعملان من أجل الهدف نفسه في سوريا.

تبقى إيران. ليس لإيران مكان في سوريا. 

لماذا إيران في سوريا؟ ما الذي تفعله هناك؟ لماذا وظفت مليارات الدولارات من أجل بقاء بشّار الأسد في دمشق والقيام بما قامت به في تلك المدينة العريقة؟ كلّ ما تحاول إيران قوله إنه بإرسالها طائرة من دون طيّار في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، إنما هي مستعدة لخوض حرب من أجل البقاء في سوريا.

 لا يمكن عزل إرسال الطائرة الإيرانية من دون طيار في اتجاه إسرائيل عن الكلام الأخير الصادر عن الأمين العام لـ”حزب الله” في لبنان السيّد حسن نصرالله الذي يتوعّد إسرائيل بـ”صواريخ” حزبه من أجل أن تتمكن الدولة اللبنانية من التفاوض مع إسرائيل “من موقع قوّة” في شأن حقل الغاز في البلوك الرقم 9 في جنوب لبنان.

هناك، للأسف الشديد، من لا يريد أن يتذكّر ما الذي حلّ بلبنان صيف العام 2006 بسبب الحرب التي افتعلها “حزب الله” والصواريخ التي استخدمها. لا حاجة إلى القول إنّه لو كان “حزب الله” خرج منتصرا على إسرائيل، وليس على لبنان، في تلك الحرب… 

هل كان صدر القرار الرقم 1701 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة؟لا تفوت إيران فرصة إلا وتبدي فيها استعدادها لتفجير المنطقة وإفهام كل من يعنيه الأمر أنها على استعداد لتجاوز كل حدود من أجل ضمان وجودها في سوريا، حتى لو كان هذا الوجود مصطنعا.بعد حرب استمرت سبع سنوات كانت في الواقع حربا على الشعب السوري، هل من مكان لإيران في سوريا؟ تحولت إيران ورقة روسية في سوريا.

 لا يزال وجودها حاجة روسية في المساومات بين موسكو وواشنطن في ظل الخطوط العريضة للتفاهم القائم بينهما. 

متى ستقتنع إيران بأن عليها الانسحاب من سوريا، وأنها ليست قوة إقليمية مهيمنة تمتلك مشروعا توسّعيا قابلا لرؤية النور في يوم من الأيّام. هل تحتاج إلى حرب، يكون لبنان، بعد سوريا، من ضحاياها كي تقتنع أنها قدمت الخدمات المطلوبة منها، وأنّه آن وقت الانصراف إلى مشاكلها الداخلية، التي من بينها أن أكثر من نصف شعبها تحت خطّ الفقر!

المصدر : جريدة العرب 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والحاجة إلى حرب… إيران والحاجة إلى حرب…



GMT 12:40 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تسوية لما بعد عهد "حزب الله"

GMT 09:46 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معركة تحرير العراق

GMT 16:21 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة الجنوب الشيعية وطرابلس السنّية

GMT 12:19 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشراكة المغربية

GMT 13:09 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

من ميتران.. إلى بوش الابن وترامب
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:44 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 04:08 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انخفاض أسعار السيارات الكهربائية خلال العامين المقبلين

GMT 02:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

هويدا ابنة صباح تدخل في مرحلة خطيرة من اليأس

GMT 17:20 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

جوارديولا يُزاحم برشلونة على صفقة جديدة

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,24 آب / أغسطس

10 زيوت عطرية لا بد أن تتوفر دائماً في منزلك

GMT 20:10 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

علاج البروستاتا بالأعشاب

GMT 04:27 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة سيلينا غوميز تتألق في مطار لوس أنجلوس
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen