آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

لبنان بين الصعود النفطي والتراجع الإعلامي

اليمن اليوم-

لبنان بين الصعود النفطي والتراجع الإعلامي

وليد شقير
بقلم : وليد شقير

هل هي مصادفة تاريخية أن يتزامن صعود الحديث عن استثمار الثروة الغازية والنفطية في لبنان مع حقبة أفول أو تراجعٍ في دور الصحافة في البلد الذي تميز بإعلامه منذ بداية القرن الماضي، أم أن في الأمر مفارقة لا بد من التوقف عندها على رغم الظروف الموضوعية التي تتحكم بكل من القطاعين المهمّين لبلد يعاني من أزمة اقتصادية وديون طائلة هي وليدة التأزم السياسي قبل أي عامل آخر؟.

إذا كان من الطبيعي أن يستعجل العديد من القوى السياسية والمسؤولين البت بالمراسيم التي تمهد لإطلاق الاستثمار اللبناني في ثروة مكتشفة في باطن البحر والأرض، من أجل اللحاق بركب الدول التي تشترك مع لبنان في حيازة هذه الثروة، لأنها تعين البلد على مواجهة تعثره الاقتصادي، فإن الأكثر إلحاحاً هو أن يشترك الإعلام اللبناني في ذلك النقاش الوطني الواسع حول السبل الفضلى للاستثمار في هذه الثروة لمصلحة الأجيال المقبلة.

استعجال إصدار نظم وقوانين ومراسيم كالمرسومين اللذين أقرهما أول اجتماع عمل للحكومة اللبنانية الجديدة بعد أن تأخر ذلك نتيجة الخلافات، بذريعة حاجة لبنان إلى اللحاق بالركب كي يتمكن من الإفادة من ثروته الدفينة، يجب ألا يلغي الحاجة إلى شفافية عالية تسمح للرأي العام بأن يكون رقيباً على العملية الاستثمارية الكبرى التي يقبل عليها البلد.

وعلى رغم أن الإعلام اللبناني عموماً وقع في سقطات كبرى في السنوات الماضية وواجه ظروفاً قاسية بفعل الشح الإعلاني وتصاعد المنافسة مع الإعلام الجديد الإلكتروني، فإن مؤسساته تبقى المنبر الذي يحتضن ذلك النقاش الوطني من كل الاتجاهات. وعلى رغم سقوط بعض هذا الإعلام في الاصطفاف السياسي والطائفي العميق الذي طبع المشهد السياسي المعقد محلياً وإقليمياً في العقد الأخير، فإنه يبقى أحد المنابر التي يمكن الركون إليها لتحفيز الرقابة الشعبية والسياسية في شأن مصيري مثل الشأن النفطي. وسقوط بعض الإعلام في مجالات عدة، لا يبرر إسقاط دوره في ضمان الشفافية وإطلاق النقاش الوطني حول إدارة هذا القطاع، ولا يسوغ التبرم من أن بعض الانتقادات التي ظهرت في بعض وسائل الإعلام غير صحيحة، في وقت يفترض اعتبار الجدل وسيلة للوصول إلى ما هو صحيح. فكيف يكتشف الرأي العام الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إذا كان بعض المراسيم خضع للحجر والسرية قبل عرضه على الحكومة لإقرارها، كأن في الأمر تهريبة؟

تترافق الحاجة إلى الجدل الواسع حول الثروة البترولية اللبنانية مع أزمة في الإعلام اللبناني غير مسبوقة، تصعّب هذا الجدل. والأمر لا يقتصر على توقف جريدة مهمة مثل «السفير» عن الصدور، نتيجة قلة الموارد، بل يتعداه إلى قصور وسائل إعلام أخرى عن إنتاج موادها بالجودة التي اعتادها القارئ اللبناني تاريخياً، نتيجة اضطرارها إلى تقليص استثمارها في الجهاز البشري والمهني. وفي هذه الحال يخشى من أن تتراجع قدرتها على تحمل كلفة الاستقصاء والبحث والنشر، وبالتالي الإحاطة بوقائع ما يجري على مستوى قطاع النفط. وقد ينسحب هذا القصور على قدرتها على تحمل الكلفة السياسية أيضاً، في وقت هي مهيضة الجناح.

ولّد تعطيل المؤسسات في لبنان بفعل التأزم السياسي، إضافة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وتقلص موارد الدولة، استشراء للفساد الذي خصصت الحكومة الجديدة لمكافحته أحد وزراء الدولة فيها، فيما الأروقة والصالونات السياسية تلغط بأخبار تهافت جزء من الطبقة السياسية على قطاع النفط، ولا يخفي بعض القادة في تصريحات علنية هواجسهم من اقتحام تلك الآفة القطاع الجديد الذي يعول عليه للنهوض بلبنان من كبوته الاقتصادية، إلى درجة دفعت بكثر منهم إلى تفضيل بقاء الثروة المكتشفة دفينة البحر والأرض مخافة خضوعها للنهب والتقاسم. وما برر هذه المخاوف هو أن الخلاف على تقطيع البلوكات النفطية التي ستخضع لتلزيم الاستكشاف والتنقيب والاستخراج، ومن أين تكون البداية، أخذ طابعاً طائفياً يخفي مصالح نفعية. وما عزز تلك الهواجس أيضاً أن شركات كثيرة فرّخت مثل الفطر لتأهيلها في عملية التلزيم، لم يسمع بها في ميدان استخراج الذهب الأسود، إضافة إلى بدء بعض القوى السياسية تهيئة بنى تحتية لشركات تعنى باستقبال الشركات التي سيقع عليها التلزيم، للإفادة من حصة بالشراكة معها.

قد لا يكون معيباً أن يتحضر مستثمرون لبنانيون لصعود هذا القطاع. لكن معرفة هوية السياسيين الذين يستفيدون من العملية في صرف للنفوذ هي مهمة الإعلام اللبناني المأزوم.

المصدر صحيفة الحياة

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين الصعود النفطي والتراجع الإعلامي لبنان بين الصعود النفطي والتراجع الإعلامي



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 12:59 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 14:19 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

وبِفَشَلَكْ بِحبَّكْ

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 18:03 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

عندي للقارئ بعض القصص - ١
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:44 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 04:08 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انخفاض أسعار السيارات الكهربائية خلال العامين المقبلين
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen