آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

عن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وأولوياته

اليمن اليوم-

عن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وأولوياته

بقلم :عريب الرنتاوي

يربط وزير الدفاع الأمريكي الجنرال جيمس ماتيس انسحاب قوات بلاده من سوريا بالوصول إلى حل شامل ونهائي لأزمتها المفتوحة منذ ثماني سنوات، ما يعني رفض الالتزام بجدول زمني لانسحاب وشيك، طالما تحدث عنه دونالد ترامب وبشّر به في «تغريداته» التي لا تتوقف، وربما في سياق التحضير للانتخابات النصفية الوشيكة للكونغرس، كما يرى مراقبون.

والحقيقة أن تصريحات ماتيس تبدو أكثر «انسجاما» مع أولويات الاستراتيجية الأمريكية المعلنة في الشرق الأوسط، أكثر من «تغريدات» ترامب، فمن يضع إيران على رأس لائحة أعدائه في الإقليم، ومن يقرر استئصال نفوذها فيه، لا يبادر إلى سحب قواته من سوريا وعلى امتداد حدودها مع العراق، تاركاً الباب مفتوحاً أمام حلم إيران بتدشين «أوتوستراد» بري سريع يربط طهران ببيروت.

للوجود الأمريكي العسكري في سوريا، جملة أهداف أهمها: (1) محاصرة إيران وتطويق نفوذها الإقليم... (2) ضمان «حصة وازنة» لواشنطن وحلفائها (الحركة الكردية) في أية ترتيبات للحل النهائي في سوريا، وهذا ما عبّر عنه الوزير ماتيس صراحة في تصريحاته الأخيرة... (3) لجم الاندفاعة التركية في شمال سوريا، والتي تأتي دائماً على حساب أكرادها، حلفاء واشنطن، سيما حين يتعلق الأمر بوجودها في مناطق شرق الفرات.

وإذا كانت مقتضيات الحرب على «داعش» حاضرة بقوة في المواقف والتصريحات الأمريكية التي تسعى في تبرير وجود مستدام أو طويل الأمد، للقوات الأمريكية على الأرض السورية، فإن الوقائع الميدانية على الأرض، لا تدعم هذه التبريرات، اللهم إلا إذا كان المقصود بها، منع عودة مقاتلي التنظيم إلى المناطق التي استعادتها القوات الأمريكية بالاستناد إلى حلفائها الأكراد على الأرض.

وفي حين، تلتقي مصادر موثوقة عديدة على الإقرار بوجود ما بين 7-12 ألف مقاتل للتنظيم الإرهابي على امتداد خط الحدود بين سوريا والعراق، وفي مناطق جنوب الفرات في البادية الشرقية ... فإن هؤلاء، ومنذ انتهاء العمليات العسكرية الكبرى ضد التنظيم في العراق وسوريا، لم يتعرضوا لأية عمليات عسكرية جدية من قبل واشنطن وحلفائها على ضفتي الحدود، إذ باستثناء بعض الطلعات والضربات المتفرقة للطيران التحالف، وبالأخص للطيران العراقي، لا يبدو أن التنظيم يتعرض لضغوط جدية، حتى أنه صار بمقدوره، إعادة تنظيم صفوفه، وتمكن مؤخراً من شنّ هجمات مؤلمة ضد الجيش السوري والقوات الرديفة الموالية لدمشق، آخرها ما حصل في «البوكمال» ومحيط «الميادين» في الشرق السوري.

لقد فهم «داعش» كيف «رتبت» واشنطن أولوياتها في تلك المنطقة، فتحاشى اجتياز خطوطها الحمراء، وأولى جُل اهتمامه لاستهداف الوجود العسكري السوري، النظامي والرديف في تلك المنطقة، وأمكن له، إيقاع خسائر كبيرة في صفوف هذه القوات، ونغّص على النظام وحلفائه، احتفاليتهم بالانتصارات الأخيرة المتحققة في تلك المناطق وغيرها، وربما هذا ما تريده واشنطن على وجه التحديد.

إن الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها المراقب عن كثب للوضع في تلك المنطقة الحدودية الصحراوية، تقول إن واشنطن تركت «عبء» محاربة داعش فيها لموسكو وطهران ودمشق، وحلفاء العواصم الثلاث من المليشيات والوحدات «شبه العسكرية»، فمثل هذا التكتيك، يوفر لواشنطن فرصة مجانية نادرة لاستنزاف «جبهة الخصوم العريضة» هذه، من دون أن تتكبد أي خسائر من أي نوع، لا هي ولا حلفائها على الأرض... وطالما أن خطر التنظيم الإرهابي، محصور في بقعة جغرافية محددة، وغير ممتد لمناطق نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها، ومن غير المتوقع أن ينتشر خارج هذه الرقعة إلى أوروبا والولايات المتحدة، فلا بأس من الإبقاء على الوضع كما هو من دون تعديل أو تغيير.

وما ينطبق على المنطقة الشرقية لسوريا، ينطبق كذلك على المنطقة الجنوبية المحاذية للأردن وإسرائيل، وإن بدرجة أقل بالنظر لاختلاف الظروف واللاعبين على حد سواء ... ففي الجنوب، لا يبدو أن ثمة استعجالاً أمريكياً لطي صفحة التصعيد في هذه المنطقة، وتسهيل إتمام المصالحات والتسويات، وعودة الجيش السوري للانتشار على طول حدوده الجنوبية، نظير انسحاب إيران والميليشيات الموالية لها، إلى مسافة «آمنة» شمالاً، وربما تفكيك قاعدة «التنف» في مرحلة لاحقة ... وهذه المراوحة في المشهد الجنوبي لسوريا، مرشحة للاستمرار، ما لم «تحزم إسرائيل أمرها» وتقرر ترجمة «تفاهماتها» مع روسيا في هذه المنطقة وحولها، وهو توجه بدأ يكتسب كثيرا من المؤيدين في دوائر صنع القرار السياسي والأمني الإسرائيلي ... إن تحركت إسرائيل لترجمة هذه «التفاهمات» لن يكون أمام واشنطن من خيار سوى منحها الدعم والتأييد، فالإدارة الأمريكية، سيما في عهدة دونالد ترامب، تبدو منقادة في كل ما يخص حسابات إسرائيل وأولوياتها في المنطقة، ومن يجلس في مقعد القيادة في هذه المنطقة، ليس ترامب أو ماتيس، بل نتنياهو وليبرمان.

المصدر : جريدة الدستور

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وأولوياته عن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا وأولوياته



GMT 04:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتانياهو يعمل لنفسه فقط

GMT 04:52 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حروب الاستديوهات

GMT 04:50 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور سعيد إسماعيل على.. وجدوى الكتابة

GMT 04:48 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل الثورتين

GMT 04:46 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الأراجوز في اليونسكو..
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:44 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 04:08 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انخفاض أسعار السيارات الكهربائية خلال العامين المقبلين

GMT 02:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

هويدا ابنة صباح تدخل في مرحلة خطيرة من اليأس

GMT 17:20 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

جوارديولا يُزاحم برشلونة على صفقة جديدة

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,24 آب / أغسطس

10 زيوت عطرية لا بد أن تتوفر دائماً في منزلك

GMT 20:10 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

علاج البروستاتا بالأعشاب

GMT 04:27 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة سيلينا غوميز تتألق في مطار لوس أنجلوس
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen