آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

هل من "صفقة" حول عفرين؟ ومن الرابح والخاسر فيها؟

اليمن اليوم-

هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة ما ينبئ بأن “صفقة ما” قد تم إبرامها بين دمشق وأنقرة والحركة الكردية في عفرين، سمحت بتوافق الأخيرة مع النظام في دمشق، على إرسال قوات له أو محسوبة عليه إلى المدينة، لتفادي اجتياحها من قبل الجيش التركي وحلفائه، وإلا لما “قامرت” سورية بالدخول في حرب مفتوحة مع تركيا، ولما صدر عن أنقرة ذاك “الترحيب المشروط”، بعودة الدولة السورية إلى تلك المنطقة، بل ووصولها إلى ضفاف الحدود الدولية بين البلدين.والمؤكد أن “مايسترو” الصفقة وعرابها، هي موسكو وقاعدة “حميميم” ... موسكو تولت التنسيق “رفيع المستوى” مع الأطراف، وربما من ضمنها واشنطن، راعية الأكراد وحليفهم الأهم والأقوى... 

فيما تولى فريق القاعدة الروسية، أمر الاتصالات مع الجانب الكردي، وترتيب الجوانب العملية واللوجستية، وتذليل ما قد ينشأ من عقبات في منطقة حساسة للغاية، قد يتحول فيها “خطأ غير مقصود” إلى شرارة تشعل حرباً إقليمية أوسع نطاقاً، لا تريدها تركيا ولا سوريا، والمؤكد أن روسيا في غنى عنها تماماً.ما كان لأكراد سوريا أن يقبلوا بتسليم عفرين لقوات الجيش السوري وحلفائه، لولا ضيق خياراتهم، وانسداد آفاق البدائل والخيارات الأخرى أمامهم، سيما مع التقدم الذي سجله الجيش التركي والقوى الرديفة له في القرى والبلدات الأمامية... 

ولقد سبق لهؤلاء أن رفضوا عرضاً روسياً – سورياً قبل بدء عملية “غصن الزيتون”، ومن أجل تفاديها، ويقضي بنشر الجيش السوري في هذه المناطق، وسحب أية ذريعة من بين يدي أنقرة ... الأكراد المتشككون في نوايا دمشق، ظنوا أن تركيا لن تذهب إلى هذا الحد، سيما أن أمكن لهم إطالة أمد المعركة، وتكبيد القوات الغازية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، لكن حسابات الأكراد ورهاناتهم، “طاشت” هذه المرة كذلك، مثلما كان عليه الحال في مرات سابقة عديدة.

وتركيا ما كان لها في المقابل، أن تجنح راغبة أو طائعة، لإبرام اتفاق وتفاهمات، تعيد خصمها في دمشق، إلى مناطق حدودية أو قريبة من الحدود، وما كان لها أن ترسل بجحافلها إلى سوريا، لتقدم للأسد، وعلى طبق من فضة، مناطق جديدة من سوريا، يضمها إلى المناطق التي يسيطر عليها، أو يستعيد سيطرته عليها ... لكن طول أمد المعركة التي تكاد تدخل شهرها الثاني، وارتفاع الخسائر في الأوساط التركية، وفشل الحملة في تحقيق اختراقات كبيرة، وتزايد الأصوات في الداخل المحذرة من “مستنقع سوري لتركيا”، وعدم تفهم المجتمع الدولي لدوافع الحملة التركية، كل ذلك، جعل بالإمكان التوصل إلى “اتفاق الجنتلمان” الذي نعتقد أن التطورات الأخيرة على هذه الجبهة، ما كان لها أن تحدث، لولا توصل الأفرقاء إليه .يفسر ذلك إلى حد كبير، مواقف كل من دمشق وطهران وموسكو، من الاختراق التركي لخط الحدود مع سوريا ... فردود أفعال هذه الأطراف المتحالفة، جاءت أقل مما هو متوقع ... 

سوريا تكتفي بالإدانة وموسكو وطهران تكتفيان بحث أنقرة على التزام “ضبط النفس”، وعدم التوسع في العمليات الحربية، واحترام سيادة سوريا ... 

جميع هذه الأطراف تخشى “المشروع الكردي” المدعوم بقوة من واشنطن، وترى فيه رأس حربة أمريكية ضد نفوذها ومصالحها في سوريا ... 

لكن جميع هذه الأطراف، تبدي مخاوف حيال النوايا التركية الخبيئة، ومحاولات أنقرة اللعب على حبال المحاور والعواصم الدولية، وتحديداً بين واشطن وبروكسيل وموسكو.سيكون بمقدور تركيا أن تقول إنها نجحت في إبعاد شبح الإرهاب الكردي عن حدودها، وقد يشمل ذلك، سحب الأسلحة الثقيلة من بين يدي الفصائل الكردية، وهذا أمر تريده دمشق، بالقدر ذاته ... 

وتستطيع تركيا أن تزعم، بأنها حفظت وحدة سوريا، ومنعت التحام جيب عفرين ببقية جغرافيا الكيان الكردي، وان الكرة الآن في ملعب واشنطن، لحل استعصاء “منبج” ...

 في المقابل، تستطيع دمشق، أن تدعي بأنها ما فرطت ولا هادنت مع “العدو التركي”، وأنها بسطت سيادتها على جزء من ترابها الوطني، وأنها قطعت الطريق على أحلام أردوغان التوسعية ... كما سيكون بمقدور الأكراد، الطرف الأضعف في المعادلة، الادعاء بأنهم فعلوا ما فعلوا، من منطلق أنهم جزء من الشعب السوري، وجزء من الدولة والسيادة السوريتين، وأنهم “استدعوا” الجيش السوري من باب حث دمشق على القيام بمسؤولياتها في حفظ أمن شعبها ووحدة ترابها وصون رموز سيادتها واستقلالها.إن سار “اتفاق الجنتلمان” على ما يرام، فإن الأكراد سيخرجون كخاسر أكبر في هذه المواجهة، وتركيا ستحل في المرتبة الثانية في قائمة الخاسرين، لأنها قدمت الكثير ولم تتحصل إلا على القليل، وأنها جعلت من جيشها “بلدوزر” يمهد الطريق لعودة نظام الأسد إلى مناطق أخرج منها منذ أزيد من أربع سنوات ... 

أما موسكو فهي تبرهن من جديد، أنها قادرة على الإفادة من حروب أصدقاء واشنطن وحلفائها وتناقضاتهم المحتدمة، وأنها هي من يقطف الثمار في نهاية المطاف.لسنا على ثقة من أن “الاتفاق” المذكور سيبلغ خواتيمه السعيدة، فتعقيدات الميدان، وما يصاحبها من حسابات وحساسيات متناقضة، قد تطيح به في أية لحظة، وربما بصورة تعيد الوضع إلى ما هو أسوأ وأخطر مما كان عليه قبله، سيما أن اقتراب القوات النظامية التابعة لكل من سوريا وتركيا من بعضها البعض، تجعل البلدين يقفان على “حافة هاوية” ولا يحتاجان سوى لدفعة صغيرة للأمام، حتى ينزلقا إلى قعرها ...

 الأيام القادمة، ستوضح في أي اتجاه ستتتالى الأحداث والتطورات، ومن هم المدرجة أسماؤهم على قوائم الرابحين والخاسرين في أحدث جولة من جولات الحروب الساخنة والمتنقلة، في سوريا وعليها.

المصدر : جريدة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها هل من صفقة حول عفرين ومن الرابح والخاسر فيها



GMT 09:49 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تأملات في المشهدين اللبناني والعراقي

GMT 16:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

«بيان سوتشي» يجبُّ ما قبله... وما بعده

GMT 11:59 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

عشر ساعات هزت سوريا والإقليم

GMT 13:14 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من «شرق الفرات»

GMT 09:01 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الأكراد كما العرب... لا يتعلمون
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 15:28 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

رئيس ميانمار الجديد يؤدي اليمين الدستورية

GMT 13:58 2017 الخميس ,22 حزيران / يونيو

دراسة تكشف غياب المرأة عن وسائل الإعلام اليمنية

GMT 06:04 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

خواتم من الأحجار الكريمة لأناقتك في "ليلة الكريسماس"

GMT 06:07 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تسريبات جديدة عن هاتف سامسونغ الذكي "غالاكسي S10"

GMT 23:23 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

نصائح لاحتراف وضع طلاء الأظافر

GMT 03:02 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

ما هو الدليل السريع والبسيط لفهم طفلكِ؟

GMT 22:50 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

مطار هيثرو البريطانى يلغى 80 رحلة ترقبًا لتساقط الثلوج

GMT 11:55 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

كارتر في بغداد لتعزيز جهود محاربة تنظيم "داعش"

GMT 14:45 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

"يونيسيف" يعلن 18 طفلًا أصيبوا بفيروس"الإيدز" كل ساعة

GMT 14:57 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

جاتوزو ينوي تغيير طريقة لعب ميلان والتحول لـ3-4-3

GMT 00:54 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

سجاد الحائط يعود إلى ديكور المنزل الداخلي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen