آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

خطورة التوسع فى «ثقافة التخوين»

اليمن اليوم-

خطورة التوسع فى «ثقافة التخوين»

بقلم - عماد الدين حسين

يوم الخميس الماضى قال الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب ما يلى: «المعارض لا يمكن أن نتهمه أنه خائن للوطن على الإطلاق، هذه عبارات يجب أن تنتهى تماما، يجب أن يكون لدينا روح قبول الرأى الآخر، وأحيى الجميع أغلبية وأقلية، من الذين كانوا موافقين أو غير موافقين على التعديلات الدستورية».

هذا كلام جميل جدا لكن هناك سؤالان: الأول: هل هذا الكلام مطبق فعلا على أرض الواقع، وإذا كانت الإجابة بالنفى، فكيف يمكن ترجمته عمليا، بدلا من تحوله إلى شعار فارغ من مضمونه؟!

من سوء الحظ أن ثقافة التخوين تشهد أزهى عصورها هذه الأيام، وبأشكال مختلفة. من ليس مع الحكومة، يتم استهدافه بكل أشكال الهجوم التى تصل إلى حد التخوين. سيقول البعض ولكن لماذا تعارض مهاجمة وكشف وفضح الذين خانوا الوطن بالفعل، وهل تنفى أن هناك بعض المصريين قد سلموا أنفسهم لكل أعداء الوطن؟!

الإجابة ببساطة هى أننى مع فضح وكشف كل المتورطين فى الإساءة للوطن، الذين لا يفرقون بين معارضة الحكومة والنظام، وبين الوطن نفسه أو حتى الدولة. بعض من هؤلاء موجود خارج مصر، ويشن عليها هجمات تنطبق عليها تهمة الخيانة فعلا، لكن شرط أن يتم ذلك بالقانون وليس حسب المزاج!

لكن أن يتم التوسع فى عدم التفريق بين المعارضين للحكومة والمهاجمين للوطن، فتلك هى المشكلة الكبرى. من يتابع ويراقب بعض وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة، سيلحظ توسعا غير مسبوق فى وضع غالبية المعارضين فى سلة خيانة الوطن. ونتيجة لهذا التصنيف، فقد انفتحت على بعضهم كل أبواب جهنم. جرى نهش أعراضهم، وبعضهم تم تسريب مكالمات ومشاهد تتعلق بحياته الخاصة، ونتيجة لهذا التطور الخطير فسوف يترسخ لدى كثيرين أن كل من يختلف مع الحكومة سوف يتم فضحه وتجريسه بالحق والباطل. وأن حياته الخاصة عرضة للتجسس والتلصص، ورهينة يتم الضغط بها، لضمان الولاء لسياسات الحكومة. ناهيك بالطبع عن الهجمات العادية المتمثلة فى كوكتيل الاتهامات التقليدية!!

يسىء للحكومة جدا أن يلجأ بعض أنصارها إلى نهش أعراض المعارضين، فقط فى هذه الأيام، لأن بعضهم، تجرأ وأعلن اعتراضه على التعديلات الدستورية.

نتذكر جميعا كيف انقلب الشعب بكامله تقريبا على جماعة الإخوان خلال وجودها فى الحكم، لأن إعلامها وأنصارها ارتكبوا خطأ قاتلا، حينما تعاملوا مع كل معارضيهم باعتبارهم خارج دائرة الدين، ونتذكر حالة السعار التى أصيبت بها الجماعة فى آخر أيام حكمها، وكانت ذروتها خطاب محمد مرسى قبل خلع الجماعة من الحكم بأيام. والسؤال هل نريد أن يكرر البعض هذه المأساة، ويخرج كل معارض من دائرة «الوطنية» مثلما أخرج الإخوان معارضيهم من دائرة الدين؟!

نعود إلى السؤال الثانى الذى بدأنا به وهو: طالما لا توجد ثقافة راسخة لقبول الرأى الآخر المعارض، فكيف يمكن لنا أن نرسخها على أرض الواقع؟!

لكى يحدث ذلك، لابد أن تثق الحكومة وأجهزتها فعلا، لا قولا فقط، فى أن المعارضين يحبون الوطن بالفعل، لكنهم مختلفون فى الطريقة، وحتى لو كانوا على خطأ، فإن الشعب هو الذى سيحكم على الجميع فى النهاية عبر الآليات الديمقراطية مثل الانتخابات.

ترجمة كلام الدكتور على عبدالعال على أرض الواقع تتطلب أن يتمتع المعارضون ــ وهم قلة قليلة جدا ــ بالحد الأدنى من حرية التعبير داخل البرلمان.

وتتطلب أن تحظى كلماتهم وآراؤهم بالحد الأدنى من العرض فى وسائل الإعلام، حتى تصل للرأى العام، وتتطلب ثالثا أن يكون هذا الأمر ليس قاصرا فقط على البرلمان، بل موجودا فى الحياة العامة بأكملها، وليس لمدة دقائق قليلة تحت قبة البرلمان، وأحيانا فى جلسات مغلقة لا تصل إلى الناس.

أتمنى أن يكون ما قاله الدكتور على عبدالعال، هو ما يؤمن به جميع أركان النظام فعلا، والأهم أن يبدأ الجميع فى ترجمته والعمل به، وأن يصدقه الناس، لا أن يسخروا منه، باعتباره غير موجود عمليا!!

عموما الأيام بيننا وهى التى ستبين إذا كانت عبارة رئيس مجلس النواب تعبر عن توجه حقيقى، أم أنها كانت مجرد عبارة عابرة، أو جملة اعتراضية فى سياق مخالف تماما.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطورة التوسع فى «ثقافة التخوين» خطورة التوسع فى «ثقافة التخوين»



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 23:44 2016 الأحد ,29 أيار / مايو

كريم طبيعي وبسيط يزيل رائحة العرق بسهولة

GMT 01:36 2016 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جامعات يابانية تستعرض برامجها الدراسية في "نجاح 2016"

GMT 14:51 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بدر الشعيبي ينشر صورة طفلته الجديدة على موقع "إنستغرام"

GMT 22:15 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

المؤتمر الوطني يعتمد تشكيل حكومة الوفاق الوطني

GMT 06:57 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 3

GMT 09:22 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

مليارات من الجراد تجتاح كينيا

GMT 13:21 2021 الجمعة ,02 تموز / يوليو

السيارات الطائرة ستصبح حقيقة بحلول 2030
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen