آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠

اليمن اليوم-

كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠

بقلم - نيفين مسعد

قبل أسابيع قليلة من انعقاد القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الأولى فى الكويت مطلع عام ٢٠٠٩، كتب المفكر الكبير رغيد الصلح مقالا فى جريدة الخليج الإماراتية تحت عنوان «كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠.» وجوهر المقال هو التحذير من أن تنتهى القمة المرتقبة آنذاك فى الكويت إلى ما انتهت إليه القمة العربية الحادية عشرة التى انعقدت فى عمّان، بمعنى عدم تنفيذ قرارات قمة الكويت كما ضُرِب عرض الحائط بقرارات قمة عمّان. اليوم وقد مر على نشر المقال المذكور عشرة أعوام رحل خلالها كاتبه، وعُقدت على مدارها بعد قمة الكويت ثلاث قمم اقتصادية وتنموية فى شرم الشيخ والرياض وأخيرا فى بيروت، فإن تحليل رغيد الصلح مازال يتمتع بمصداقية عالية، ومازلنا نحتاج إلى التحذير من أن تنتهى قمة بيروت إلى ما انتهت إليه قمة عمّان، وإن كان الفارق شاسعا بين أهمية القرارات الاقتصادية فى القمتين، دع عنك مستوى التمثيل، وتلك قضية أخري. 

 لم تكن قمة عمّان التى عُقِدَت فى عام ١٩٨٠ قمة اقتصادية كتلك القمم المشار  إليها أعلاه بل إنها كانت قمة سياسية بامتياز، فلقد كان هدفها الأساسى هو مواجهة ما تم وصفه بنهج اتفاقيات كامب ديڤيد،  وفى هذا الإطار تم التأكيد على رفض انفراد أى طرف من الأطراف العربية بأى حل للقضية الفلسطينية بوجه خاص وللصراع العربى - الصهيونى بوجه عام.  ومع ذلك لم تكن القرارات الاقتصادية الصادرة عن المؤتمر أقل أهمية من القرارات السياسية، فلقد وضعت قمة عمّان استراتيجية شاملة لتطوير العمل الاقتصادى العربى المشترك وحددت المهام والآليات والمراحل بشكل تفصيلي، وذلك على نحو جعل الكثيرين يصفون هذه القمة بأنها قمة اقتصادية، ويجعلون منها نموذجا يقاس عليه ما ينبغى أن يكون عليه التكامل الاقتصادى العربى . 

أما عن التنفيذ فنقول: لقد توفر عامل مهم من عوامل تنفيذ القرارات الاقتصادية لقمة عمّان،  والمقصود بذلك الوفورات المالية العربية التى تحققت نتيجة الارتفاع الكبير فى أسعار النفط، إلا أن قرارات عمّان لم تلبث أن اصطدمت بالمعضلة المزمنة التى يعانيها العمل العربى المشترك، وهى معضلة التأثير السلبى للخلافات السياسية على العلاقات الاقتصادية العربية. فعلى مدار الثمانينيّات تباينت مواقف الدول العربية من مبادرة الملك فهد والحرب العراقية - الإيرانية وقضية الصحراء الغربية، وألقت تعقيدات الحرب الأهلية اللبنانية بظلالها على الساحة العربية، حتى إذا وقع غزو الكويت عام ١٩٩٠ اختلف المشهد جذريا وذهبت قرارات قمة عمّان أدراج الرياح. فإذا انتقلنا إلى قمة بيروت الاقتصادية الأخيرة نجد أنها تمت فى أجواء ملبدة بالعديد من الخلافات العربية، وأكثر هذه الخلافات مرشح للتفاقم على وقع الصراع الأمريكي/الإسرائيلى  - الإيرانى من جهة، ومستقبل الصراع فى سوريا وليبيا واليمن من جهة أخري، والتطورات داخل مجلس التعاون الخليجى من جهة ثالثة. ويزيد فى تعقيد هذه الخلافات حالة الاستقطاب داخل بعض الدول العربية، فقضية مثل عودة سوريا للجامعة العربية ليست موضع خلاف بين الدول العربية فقط لكنها أيضا موضع خلاف داخل بعض هذه الدول، وليس أوضح على ذلك من الحالة اللبنانية، ومن هنا جرى انتقاد دعوة وزير الخارجية اللبنانى فى القمة إلى عودة سوريا للحضن العربى على أساس أنها دعوة تعبر عن رأى الفريق السياسى الذى ينتمى إليه وليس عن رأى جميع اللبنانيين.    

قد يسأل البعض: وهل انتهت قمة بيروت أصلا إلى قرارات ذات بال بحيث يُخشى من خلافات عربية تودى بها؟ بنظرة إجمالية على البيان الختامى يمكن القول إن القرارات التى تم التوصل إليها هى قرارات متواضعة، حتى إن الموضوع الوحيد الذى حظى بمخصصات مالية محددة وهو صندوق الاستثمار فى مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمى فإن مخصصاته (مائتى مليون دولار) تناسب تحقيق الهدف المطلوب على المستوى الوطنى أكثر مما تكفى لتحقيقه على المستوى القومي، فتكنولوجيا المعلومات مجال شديد التشعب دع عنك أن يضاف إليه الاقتصاد الرقمي. ومع ذلك فإن إدراج قرار خاص بقضية اللاجئين والنازحين للمرة الأولى ضمن البيان الختامى إنما يعكس إلحاح هذه القضية المعقدة لحين عودة أصحابها إلى أرض الوطن، وبالتالى فلو تم الاشتغال على ما ورد فى القرار من تنفيذ مشروعات تنموية للتخفيف من معاناة اللاجئين والنازحين والدول المضيفة لهم وتدريب الشباب منهم ورفع مهاراتهم لكان ذلك أمرا إيجابيا، وهذا يستلزم إبعاد ملف اللاجئين والنازحين عن التجاذبات السياسية بين الدول العربية وداخلها، علما بأن البيان لم يُشر لقضية إعادة الاعمار رغم أنها وثيقة الصِّلة بقضية عودة اللاجئين والنازحين.    

إن فصل الخلافات السياسية عن المصالح الاقتصادية ليس بدعة بل هو الأساس فى العلاقات الدولية، ولدينا نماذج عديدة فى هذا الخصوص، منها الولايات المتحدة والصين، واليابان والصين، وألمانيا وتركيا،  والإمارات وإيران، كما أن فرنسا وإيطاليا وهما تتصارعان على ثروات ليبيا ويصل التلاسن بينهما إلى مداه  يجمعهما الاتحاد الأوروبي، فلماذا كُتِب على العرب وحدهم أن يعقدوا قمة اقتصادية تلو الأخرى ويظلوا يحذرون دائما من مصير قمة عمّان؟

نقلا عن الاهرام الاخبارية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠ كى لا يتكرر مصير قمة عمّان ١٩٨٠



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 02:08 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

شينولا تطرح أفضل سماعات للرأس بتصميمات أنيقة

GMT 14:48 2016 الأربعاء ,03 آب / أغسطس

كوكتيل الرمان

GMT 19:25 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

الجودة في التعليم مسؤولية متقاسمة بين المجتمع والمدرسة

GMT 03:02 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هل تعرفين أثار الضرب على طفلك؟

GMT 22:55 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع لا بورا ملاذ مخصص للسيدات

GMT 13:12 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

أزارو يخلق أزمة بالاتفاق السعودي

GMT 04:46 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

بولتون يؤكّد أن ناسا لديها برنامج يتوقع الجفاف
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen