آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن

اليمن اليوم-

التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن

بقلم - نيفين مسعد

ما أبعد الليلة عن البارحة, فى مثل هذا التوقيت منذ ثلاثين عاما، وتحديدا فى فبراير من عام 1989 نشأ تجمع فرعى بعنوان مجلس التعاون العربى وضم فى عضويته كلا من مصر والعراق والأردن واليمن. كان الظن حينها أن عصر التجمعات الفرعية قد بدأ وأنه يمكن أن يشكل قاطرة لدفع العمل العربى المشترك من خلال الربط بين هذه التجمعات كافة، فلقد كان مضى على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية ثمانية أعوام، وتزامن الإعلان عن مجلس التعاون العربى مع قيام اتحاد المغرب العربى. وفيما يخص مجلس التعاون العربى، فلقد حدد لنفسه عدة أهداف منها السياسى مثل تقوية الشعور بالوحدة العربية، ومنها الأمنى العسكرى مثل مواجهة تهديدات الأمن القومى العربى، ومنها الاقتصادى مثل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول الأربع. لكن تبين لاحقا أن هذا المجلس لم يكن إلا محاولة من العراق لتحييد الدور المصرى عما كان يتم التخطيط له أى غزو الكويت فى أغسطس 1990، لكن مصر وقفت إلى جانب دولة الكويت وشارك جيشها فى عملية التحرير.  وقبل بضعة أيام انعقدت فى القاهرة قمة ثلاثية بين الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى وملك الأردن عبد الله الثانى ورئيس وزراء العراق عادل عبد المهدى، وخرج البيان الختامى ليعلن، اعتزام القادة الثلاثة التعاون والتنسيق الاستراتيچى فيما بينهم وتعزيز التكامل بين دولهم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وأمنيا. هذه القمة تختلف اختلافا جذريا عن مجلس التعاون العربى الذى سبقت الإشارة إليه، ليس فقط من الناحية التنظيمية، حيث كانت للمجلس هيئة عليا وأخرى وزارية وأمانة عامة، أى كان له إطار مؤسسى متبلور، بينما، آلية القمة الثلاثية عبارة عن فريق عمل يتابع التنسيق فى المجالات المتفق عليها تحت رعاية القادة الثلاثة. لكن الاختلاف الأهم هو فى الفلسفة الكامنة وراء كلا الحدثين، فعلى حين أن مجلس التعاون كان يهدف إلى تكوين تحالف يدعم غزو الكويت فى مواجهة تحالف منتظر يعارض هذا الغزو، فإن القمة الثلاثية تحاول كسر الجمود الذى يميز نمط التحالفات فى المنطقة العربية.تصنف التحليلات السياسية كلا من مصر والأردن فى إطار ما يُعرَف باسم محور الاعتدال، وهو محور يضمهما معا إلى جانب دول الخليج ماعدا قطر، والملاحظ على هذا المحور أنه يتميز بدرجة عالية من الثبات فى بؤرته الرئيسيّة هذه، لكنه يتسع أحيانا ليشمل دولا أخرى كالمغرب والسودان واليمن. على الجانب الآخر يوجد ما يُطلَق عليه محور المقاومة أو الممانعة وهو يضم فى بؤرته الأساسية سوريا و إيران و حزب الله، وعدا هذا توجد سيولة تميز عضوية باقى الأطراف فتارة تقترب قطر من هذا المحور وتارة أخرى تبتعد، وتارة تُشكّل حماس عنصرا أساسيا من عناصر هذا المحور، ثم تأتى الثورة السورية لتبعدها عنه والحال نفسه بالنسبة لتركيا.

نأتى للعراق فإنه يقع فى منزلة بين المنزلتين إذا جاز التعبير، فهو بحكم علاقاته الوثيقة مع إيران منذ عام 2003 يدخل جزئيا فى محور المقاومة، وهو بحكم انفتاحه على محيطه العربى (خصوصا السعودية والإمارات والأردن ومصر) منذ ولاية حيدر العبادى فى عام 2014 ثم فى ظل الولاية الحالية لعادل عبد المهدى إنما يدخل جزئيا فى محور الاعتدال، ومن هنا فإن التنسيق الاستراتيچى بين مصر والعراق والأردن إنما يمثل حلقة وصل بين المحورين ويكسر فكرة الثنائية التى تميّز سياسة التحالفات القائمة.وعندما نتحدث عن التنسيق الاستراتيچى بين مصر والعراق والأردن، فإننا نأخذ فى الاعتبار جهدا كبيرا بُذل فى السنوات القليلة الماضية بين العراق والأردن من جهة وبين العراق ومصر من جهة أخرى، ومن يراجع كم الزيارات رفيعة المستوى وحجم الاتفاقيات وتنوع مجالاتها بين كل طرفين على حدة يدرك عمق هذا الجهد وأنه قد آن الأوان لتشبيك هذه الدوائر الثلاث، وهو ماحدث فى اجتماع القاهرة. إن هناك شبكة من المصالح المشتركة بين الدول الثلاث تفتح آفاقا واسعة للتعاون والتنسيق، فلقد اكتوت الدول الثلاث بنار الإرهاب، ومع أن «داعش» مُنى فعلا بهزيمة نكراء إلا أن أفكاره مازالت هائمة فى الفضاء العربى فى انتظار أن يلتقطها تنظيم جديد. وتحتل قضية إعادة الإعمار أهمية محورية بالنسبة للعراق، كما أن العقوبات الأمريكية على إيران لابد ـ ولو بعد حين ـ أن تؤثر على العراق بحكم العلاقة الوثيقة بين الاقتصادين العراقى والإيرانى، وبالتالى فإن الحضور العربى فى العراق، سواء من خلال مصر والأردن أو من خلال غيرهما، هو حضور مطلوب بل إنه ملّح. ولا ننسى أن استشراء النفوذ الإيرانى فى العراق كان بسبب الغياب العربى، وسوف تزيد أهمية العراق بالنسبة لإيران بسبب التضييق على وجودها فى سوريا ودخول إسرائيل بقوة على هذا الخط مدعومة من إدارة ترامب، وبالتالى فإن الصراع الأمريكى الإيرانى مرشح للانتقال من سوريا للعراق، ومن يتابع التهافت الإيرانى على العراق فى الشهور الماضية والتحذيرات الأمريكية من توسع النفوذ الإيرانى فى العراق يدرك هذه الحقيقة دون أى لبس.هل يمكن أن يلعب العراق دورا فى التمهيد لحوار عربى إيراني؟ ممكن، وقد سبق لحبيب الصدر سفير العراق السابق فى القاهرة أن ألمح لذلك بقوله إن العراق مستعد للقيام بأى دور لتنقية الأجواء فى المنطقة، لأن أى توتر فى علاقة إيران مع جيرانها ينعكس سلبيا على العراق. لكن أداء هذا الدور مرهون بأمرين، أحدهما أن تعيد إيران النظر فى سياستها الخارجية تجاه المنطقة العربية وتكف عن تدخلاتها التى لا تنتهى، والآخر أن تكون الدول العربية مستعدة لفتح صفحة جديدة مع إيران بعد إعادة ترتيب مصادر تهديد الأمن القومى العربى.

نقلًا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 22:39 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 00:00 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:44 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 04:08 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

انخفاض أسعار السيارات الكهربائية خلال العامين المقبلين

GMT 02:19 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

هويدا ابنة صباح تدخل في مرحلة خطيرة من اليأس

GMT 17:20 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

جوارديولا يُزاحم برشلونة على صفقة جديدة

GMT 02:06 2016 الأربعاء ,24 آب / أغسطس

10 زيوت عطرية لا بد أن تتوفر دائماً في منزلك

GMT 20:10 2016 الأربعاء ,15 حزيران / يونيو

علاج البروستاتا بالأعشاب

GMT 04:27 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجمة سيلينا غوميز تتألق في مطار لوس أنجلوس
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen