آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

كيف تسلل الغلو إلى ليبيا؟

اليمن اليوم-

كيف تسلل الغلو إلى ليبيا

بقلم - د. جبريل العبيدي

المجتمع الليبي الوسطي، لم يشهد أي حالات غلو وتطرف، إلا حالات منعزلة ومتفرقة في نهاية تسعينات القرن الماضي عندما تسلل فكر «القاعدة»، إلى بعض الشباب، خصوصاً ذلك المنبهر «بالجهاد» الأفغاني ضد آلة القمع السوفياتي في حينها، وكنتيجة للقمع وكبت الحريات في زمن القذافي، دفع البعض للهجرة حتى ولو كانت للسكن في كهوف تورابورا.

فمحاولات البعض اليوم التشبه باللباس الأفغاني في ليبيا، والتي لا تربطها بأفغانستان حدود ولا تراث ولا عادات مشتركة، بنشر البرقع الأفغاني «البروكا» مثلاً بين تلميذات المدارس، وبين المعلمات، الأمر الذي يعتبر خطراً يهدد المجتمع، ويكرر الخطأ، والسكوت عنه كارثة أخرى. فقد يصلح اللباس لسكان كهوف تورابورا من العرب المهاجرين للاندماج في المجتمع الأفغاني، ولكنه حتماً لا يصلح للمجتمع الليبي العريق في أصله وتاريخه الليبي بجذوره العربية والإسلامية، التي يفتخر ويفاخر بها.
ولعل ما تسبب في اتساع رقعة الغلو والتطرف وابتعاد البعض عن الوسطية، هو إلغاء التعليم الديني زمن النظام السابق، حيث قام نظام القذافي بالإبقاء فقط على تدريس سور القرآن الكريم ومعاني الكلمات في مناهج التعليم العام، مما تسبب في حالة فراغ ديني، مكنت المتطفلين من نشر أفكارهم دون حصانة للمجتمع بمؤسسة دينية تعليمية، تشرف عليها الدولة وتراقب إصداراتها، وهو السبب المباشر في تغلغل الغلو والتطرف وانتشار أفكار كأفكار البنا وقطب.
وفي تسعينات القرن الماضي عندما واجهت الدولة الجماعات المتطرفة، وقدمت المئات من رجال الشرطة والجيش ضحايا لغدر هذه الجماعات، مثل «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» فرع القاعدة الليبي، التي لا تقوى على المواجهة، بل تستخدم الغدر سبيلاً، والتي تحصنت في كهوف الجبال الوعرة، لتكون قاعدة انطلاق لها، بعد أن رفضهم المجتمع بين ظهرانيهم.

واستمرت المعالجة الخاطئة، حيث تحولت السجون إلى مفرخة لإنتاج المتطرفين وأشبه بأكاديمية يتخرج فيها الكثيرون منهم، وسجن «بوسليم» نموذج حي، ولعل خديعة تنظيم الإخوان لنظام القذافي في الألفية، حين خدعوا القذافي الابن، بأنهم قاموا بمراجعات لأفكارهم، في عملية المصالحة مع النظام الليبي عام 2005، وكان عرابها في حينها المطلوب على قائمة الإرهاب الصلابي، ومرجعها القرضاوي المطلوب الآخر، حيث أصدر قادة الجماعة «مراجعات» جديدة للجهاد، أوضحت المراجعات «أن الكفاح المسلح ضد نظام القذافي غير شرعي»، كانت هي مجرد تقية سياسية للخروج من السجون، سرعان ما تنكرت لها في فبراير (شباط) 2011 وحمل أعضاء الجماعة السلاح لإسقاط النظام، بمساعدة الناتو.

تسلل الفكر المتطرف إلى ليبيا وأحدث شرخاً في المجتمع، خصوصاً أن أغلب من تم القبض عليهم، في المواجهات المسلحة مع الدولة، كانوا ممن يعتنقون فكر الإخواني التكفيري عضو جماعة الإخوان، شكري مصطفى مؤسس جماعة التكفير والهجرة، التي تتبنى فكراً ضالاً فاسداً يلخصه مؤسسه بقوله: «إن كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعاً»، وبذلك يكفر الابن أبويه وإخوته وأهله، ويهجرهم ثم يعود ليقتلهم بالفؤوس والسكاكين، ظناً منه أنه يتقرب إلى الله بدمائهم، وهو المتشبع بأفكار «القاص» قطب وتلاميذه أمثال «الشاعر» شكري مصطفى، مما يؤكد أن جميع من أسس لأفكار التطرف هم دخلاء على المنهج وليسوا متخصصين لا في الفقه ولا حتى في اللغة.

ولكن المجتمع الليبي، الذي في عمومه وسطي، ويعتمد أغلبه فقه المدرسة المالكية، يرفض رفضاً قاطعاً احتضان هذه الحركات وفكرها، إذ بقيت هذه الجماعات مجرد جماعات انتهازية منعزلة تظهر وتطغى وفق الظروف المحيطة، مستغلة حالة الفراغ، سواء الفكري الديني، أو الأمني للتسلل، عبر أشكال وتسميات مختلفة، لا يهمها الاسم، الذي تختفي خلفه، بقدر ما يهمها نشر أفكارها المتطرفة الدخيلة.
الناس جميعهم في ليبيا ضد هذه الجماعات وأفكارها التدميرية، وقد برز هذا واضحاً أيام الانتخابات، لم تنل هذه الجماعات شيئاً، إلا أنها تحاول التسلل نتيجة الدعم اللامحدود من قطر وتركيا مالاً وسلاحاً، لتخريب ليبيا ووسطيتها.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تسلل الغلو إلى ليبيا كيف تسلل الغلو إلى ليبيا



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 01:20 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة مي عز الدين تشبّه والدتها بالحياة والأكل والشرب

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 10:15 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

رامي جمال يحيي حفلًا غنائيًا في الفيوم 5 آذار

GMT 22:48 2016 الخميس ,05 أيار / مايو

طريقة عمل بلح بالبشاميل

GMT 20:39 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد رمضان يظهر في شخصيتين خلال فيلمه الجديد "الكنز"

GMT 00:56 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

الفنان أحمد الفيشاوي يرفض الرد على الشائعات

GMT 00:57 2017 الخميس ,13 تموز / يوليو

هيفاء وهبي تنسحب من بطولة فيلم "ثانية واحدة"
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen