آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

فاروق حسنى وفلسفة النظام

اليمن اليوم-

فاروق حسنى وفلسفة النظام

بقلم - نشوى الحوفى

شاءت لى الأقدار أن ألتقى الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، لنشر كتابه الذى صدر عن دار نهضة مصر منذ أيام بعنوان «فاروق حسنى يتذكر... زمن من الثقافة». يسرد فيه نحو نصف قرن قضاه بوزارة الثقافة، منذ تخرجه فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية والتحاقه بالعمل فيها عام 1964، عبر محطات بدأت بقصر ثقافة الأنفوشى، وتولى إدارة المركز الثقافى بباريس، ثم توليه مهام الأكاديمية المصرية للفنون بروما، وأخيراً توليه مهام وزير الثقافة لمدة 23 عاماً من 1987 إلى 2011.

كانت المرة الأولى التى ألتقى فيها الفنان فاروق حسنى. تحاورنا وتناقشنا مرات أثناء الإعداد لنشر الكتاب. أكتشف مثقفاً موسوعياً فى الأدب والفلسفة والفن التشكيلى والمسرح والموسيقى والتاريخ والمعمار. وأكتشف إنساناً يحمل فى ذاته عمق فلسفة التصوف التى صبغته بحالة من التسامح لا مع من أساء له فقط، ولكن مع حوادث الأيام، فأدرك فلسفة الوجود. لا يمتلك نفساً مملوءة بكبرياء العطاء، ولكنه يتحدث باعتزاز عن بصمات تركها فى مسار حياته. يتكلم بارتياح عن عمره فى الثقافة وإدراكه لعمق الحضارة التى يمثلها فى كافة مواقع المسئولية التى تولاها، حتى فى بداياته بقصر الأنفوشى.

تدرك من وقائع التاريخ فى حياته إصراره على حماية التراث كما يجب أن يكون، لا من باب أداء الواجب، ولكن من باب الإدراك. فكان ترميمه الآلاف من القطع والأماكن الأثرية، وفى مقدمتها أبوالهول ومئات المساجد والكنائس. تتعرف على حرصه على حماية الماضى بافتتاحه عشرات المتاحف القومية فى مصر. تتأمل فى فلسفته لنشر الثقافة -حيث آمن بأن الشعوب تُعرف من ثقافتها التى تنعكس على سلوكها- بذهابه لأبعد مدى فى إنشاء قصور الثقافة والمكتبات والمسارح ودور الأوبرا. تتلمس غيرته على ما تملكه مصر من قيمة فى التاريخ بإصراره على تنفيذ مشروع مكتبة الإسكندرية واحتفالية الألفية اللتين يقول عنهما: «إذا كان العالم يحتفى بمكتبة الكونجرس فمكتبة الإسكندرية كانت جامعة العالم القديم. وإذا أراد الاحتفال بالألفية فلن يجد أقدم من حضارتى التى كانت تحتفل فى بداية الألفية الثالثة بعيدها رقم 4000».

تدرك دوره فى العديد من الأحداث، لعل أبرزها واقعة إخفائه أعضاء من منظمة التحرير وبعض الفلسطينيين فى روما بعد واقعة اختطاف السفينة الإيطالية «أكيلى لاورو» التى قام بها فلسطينيون رداً على ضرب إسرائيل لموقع الرئيس عرفات فى تونس 1985، ثم واقعة قراره إنشاء المتحف المصرى الكبير فى موقعه عام 2001، رداً على مسئول فرنسى وصف المتحف المصرى بالتحرير بأنه مجرد مخزن للقطع الأثرية، فيعلن أن مصر تجهز لأكبر متحف فى العالم سيبهر الكون، ليشرع فى تنفيذ المهمة، وينتهى -قبل رحيله من الوزارة- من ثلثَى المشروع الذى يراه حلماً مصرياً.

يحكى عن معارك خاضها فى اليونيسكو ومصر، ويؤكد لك أن معركة الحجاب كانت أصعبها، لأنها كشفت له حجم الغوغائية حتى داخل الحزب الوطنى. يتأسى على ضحايا حادث إحدى قاعات قصر ثقافة بنى سويف، ويؤكد أنه أصر على تحمل المسئولية وتقديم استقالته، رغم أن من كانوا بالقاعة أهملوا فى حق أنفسهم حينما لم ينتبهوا لخطورة العرض بمئات الشموع فى قاعة صغيرة تضم عرضاً ديكوره من الخشب! أسأله عما افتقده نظام حكم الرئيس الأسبق مبارك، فيجيبنى بلا تردد: «الخيال.. فنظام الحكم الذى لا يملك فلسفة لا يذكره التاريخ».

يستحق فاروق حسنى أن نقرأ زمنه فى الثقافة، لا لنعطى الرجل قدره وحسب، ولكن لندرك ما نحتاجه اليوم فى ثقافتنا. نعم للإدراك زمن وميعاد.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاروق حسنى وفلسفة النظام فاروق حسنى وفلسفة النظام



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 01:20 2016 الثلاثاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة مي عز الدين تشبّه والدتها بالحياة والأكل والشرب

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 10:15 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

رامي جمال يحيي حفلًا غنائيًا في الفيوم 5 آذار

GMT 22:48 2016 الخميس ,05 أيار / مايو

طريقة عمل بلح بالبشاميل

GMT 20:39 2016 الثلاثاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد رمضان يظهر في شخصيتين خلال فيلمه الجديد "الكنز"

GMT 00:56 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

الفنان أحمد الفيشاوي يرفض الرد على الشائعات

GMT 00:57 2017 الخميس ,13 تموز / يوليو

هيفاء وهبي تنسحب من بطولة فيلم "ثانية واحدة"

GMT 05:36 2019 الخميس ,13 حزيران / يونيو

علماء يكشفون السبب الرئيسي لبدانة الأطفال

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

طرد الأهلي يجعل من النني أسطورة في أرسنال

GMT 04:04 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

دراسة تكشف أن الملح غير مسؤول عن ضغط الدم

GMT 19:33 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

هواوي تطلق سلسلة هواتف Y Series 2018 فى الأسواق المصرية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen