آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

قمّة الوضوح والواقعية

اليمن اليوم-

قمّة الوضوح والواقعية

بقلم : خير الله خير الله

قمة الظهران كانت دليلا على وجود مملكة عربية سعودية جديدة تفرق بين الواقع والأوهام، بين ما يمكن عمله وما لا يمكن عمله. مملكة تسمي الصديق صديقا والعدو عدوا، مهما زايد هذا العدو في القدس وفلسطين.

كان الملك سلمان بن عبدالعزيز واضحا كلّ الوضوح عندما سمّى قمة الظهران، وهي القمة العربية الـ29 بـ“قمّة القدس”.

 انعقدت القمة في الظهران أي في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية لتثبيت أن لا فارق بين منطقة سعودية وأخرى، أو بين مواطن سعودي وآخر. بدت كل رهانات إيران في غير محلّها، حتّى لو كان الأساس في كل سياساتها ومشروعها التوسّعي إثارة الغرائز المذهبية.

الأهم من ذلك كله، أن الدعم العربي للقدس من خلال قمة الظهران يستهدف تأكيد أن المتاجرة بالفلسطينيين وقضيّتهم، والقدس بالذات، لم تعد تنطلي على أحد. هناك دعم عربي للفلسطينيين وموقف موحد من القدس إلى حد كبير، ولا مجال لمزايدات تقوم بها إيران أو غير إيران.لم يعد من مجال لحشر العرب في زاوية بسبب القدس. 

في أساس ما تعاني منه القدس الآن تلك التصرفات الإيرانية التي تصبّ في خدمة إسرائيل لا أكثر ولا أقلّ.

 لو كانت إيران دولة طبيعية، لما كانت طريق القدس تمرّ ببغداد والبصرة والموصل، ولا بحمص وحماة وحلب، ولا بدمشق والغوطة، ولا بالقصير ومضايا والزبداني.

كان لا بدّ من قمة مثل قمّة الظهران لتسمية الأشياء بأسمائها بدل السقوط في الفخّ الإيراني القائم على إحراج العرب عموما عن طريق القدس. منذ قامت الثورة الإيرانية في العام 1979، رفعت إيران شعار “تحرير القدس”.

 ما الذي فعلته إيران من أجل القدس منذ 1979؟ الجواب، بكل بساطة، أنّها عملت كلّ ما يمكن أن يخدم المشروع الإسرائيلي الذي يقوم أساسا على إظهار العرب عموما، والفلسطينيين على وجه التحديد، بأنّهم يرفضون السلام. لعبت إيران كلّ الأدوار المطلوب منها كي تظهر إسرائيل في مظهر الضحيّة، في حين أنّها الجلّاد. ليس الكلام الذي يتحدث عن محو إسرائيل من الوجود وأنّها “غدة سرطانية” سوى خدمة لتلك الدولة التي تمارس الإرهاب بكلّ أشكاله متذرعة بأن لا شريك يمكن التفاوض معه.

عندما دعمت إيران ومن معها العمليات الانتحارية التي نفذتها “حماس” ومن يلفّ لفها في القدس وتل أبيب وأماكن أخرى، كانت تقدّم أكبر خدمة لإسرائيل. 

أظهرت أن ليس في استطاعة الجانب الفلسطيني الدخول في عملية تفاوضية تؤدي إلى سلام. لم يكن هدف العمليات الانتحارية خدمة اليمين الإسرائيلي فحسب، بل كان الهدف الحقيقي أيضا تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية التي ما لبثت أن وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه.. وصارت مهمتها الوحيدة، في نهاية المطاف، تحويل نفسها إلى أداة أمنية لا أكثر. هل هذا ما تريده إيران للفلسطينيين ولقضيتهم التي عملت قمة الظهران إلى إعادة الحياة إليها.

ما كشفته القمّة أيضا أن لا عقدة عربية تجاه إدارة دونالد ترامب. من أبرز ما ورد في إعلان قمّة الظهران “بطلان القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعدم شرعيته”.

في النهاية ما الذي تفعله إيران في اليمن؟ ما الهدف من دعم ميليشيا مذهبية سمّيت “أنصار الله” على رأسها عبدالملك الحوثي؟الواضح أن الهدف الوحيد، إضافة إلى تدمير اليمن وتقسيمه من منطلقات مذهبية، تهديد الأمن السعودي. لم يفت قمّة الظهران الإشارة إلى ذلك.

 كان كلام الملك سلمان في صدد الصواريخ الإيرانية التي يطلقها الحوثيون في اتجاه الأراضي السعودية انطلاقا من الأراضي اليمنية كلاما مباشرا. بعد كلام العاهل السعودي، لم تعد من حاجة إلى أي تفسير للأسباب التي تدعو المملكة وحلفاءها إلى التركيز على الخطر الإيراني الذي مصدره اليمن.حققت قمة الظهران المطلوب تحقيقه.

 لم تهرب من الاستحقاقات الإقليمية. إذا كانت إسرائيل تشكل خطرا، فإن إيران تشكل هي الأخرى خطرا. لذلك طالبتها القمّة بـ”سحب ميليشياتها والعناصر المسلّحة التابعة لها من كلّ الدول العربية وبالأخص سوريا واليمن”.

 كانت هناك في هذه الفقرة مراعاة واضحة للعراق ولبنان، حيث تلعب الميليشيات التابعة لإيران دورا في تعطيل أي تقدّم على أي صعيد في هذين البلدين العربيين اللذين شاركا في القمّة.اختتمت قمّة الظهران أعمالها. ماذا بعد القمّة التي كشفت مرّة أخرى أن إيران الملالي ليست مختلفة عن إيران الشاه، خصوصا عندما يتعلّق الأمر باحتلال أرض عربية، بدليل أنّها لا تزال في الجزر الإماراتية الثلاث منذ العام 1971. 

لم يفت قمّة الظهران “تأكيد سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)”، ودعم “كل الإجراءات التي تتخذها الإمارات لاستعادة سيادتها عليها”، و“دعوة إيران إلى الاستجابة لمبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إيجاد حل سلمي لقضية الجزر الثلاث عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية”.

وضعت قمّة الظهران النقاط على الحروف إنْ بالنسبة إلى إسرائيل والقدس، أو بالنسبة إلى إيران.

 قالت لا للمزايدات الإيرانية وقالت لإدارة ترامب إن التحالف مع الولايات المتحدة لا يعني الرضوخ لموقفها من القدس. كشفت أن ليس لدى العرب ما يستحون به وأنهم ما زالوا موجودين في المنطقة وأن كل كلام عن انتصارات وهمية لا معنى له. الدليل على ذلك أن الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين قصفوا المنشآت المرتبطة بإنتاج سلاح كيميائي في سوريا. 

ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أن روسيا تظاهرت بأنها لم تر الصواريخ الأميركية والفرنسية والبريطانية. أما إيران، فأعلنت عبر الناطقين باسمها، مثل الأمين العام لـ“حزب الله” السيّد حسن نصرلله، أنها انتصرت وأن “العدوان الثلاثي” لم يتجرّأ على عمل عسكري أوسع!لا يشبه كلام الأمين العام لـ“حزب الله” في 2018 سوى الكلام الذي ردده البعثيون في سوريا بعد هزيمة 1967 واحتلال إسرائيل للجولان.

 قالوا وقتذاك إن سوريا “انتصرت” لأن النظام لم يسقط. الواقع، أنه لم يكن مطلوبا، إسرائيليا، في أي وقت إسقاط النظام الذي سلم الجولان والذي يتولّى حاليا تفكيك سوريا وتفتيتها بدعم إيراني.

 هل بات مسموحا الآن توجيه كل الضربات إلى سوريا شرط عدم إسقاط النظام؟إذا كان من فضيلة لقمّة الظهران، فهذه الفضيلة تتلخّص بأنها مثلت قمة الواقعية والوضوح العربيين.

 انعقدت القمة بعد الجولة الطويلة للأمير محمّد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في الولايات المتحدة. تؤكد هذه الجولة وجود إرادة حقيقية في معرفة أميركا كما هي، وعن كثب، وليس كما يتصورها الذين لم يطأوا أرضها يوما.كانت قمة الظهران دليلا على وجود مملكة عربية سعودية جديدة تفرق بين الواقع والأوهام.

 بين ما يمكن عمله وما لا يمكن عمله. مملكة تسمي الصديق صديقا والعدو عدوّا، مهما زايد هذا العدوّ في القدس وفلسطين.

المصدر:خير الله خير الله

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمّة الوضوح والواقعية قمّة الوضوح والواقعية



GMT 12:40 2019 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تسوية لما بعد عهد "حزب الله"

GMT 09:46 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معركة تحرير العراق

GMT 16:21 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة الجنوب الشيعية وطرابلس السنّية

GMT 12:19 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشراكة المغربية

GMT 13:09 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

من ميتران.. إلى بوش الابن وترامب
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 20:26 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إتيكيت كتابة الإيميل و طريقه تعاملك مع الاشخاص

GMT 09:26 2017 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

الدباسي يعلن انضمام ناقلة نفط إلى أسطول "البحري"

GMT 20:17 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كراينوفيتش يتأهل إلى ربع نهائي بطولة باريس بيرسي

GMT 05:53 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

بيلا حديد تسحر العيون بإطلالة هي الأجرأ على الإطلاق

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 09:38 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

"أحن إليك"

GMT 02:49 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء 5 رحلات دولية في مطار القاهرة بسبب قلة عدد الركاب

GMT 20:35 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد المصارعة "wwe" ينفي وفاة بيغ شو في حادث سير
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen