اليوم العالمي للجبال

تحيي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، غدا الثلاثاء، اليوم العالمي للجبال لعام 2018 تحت شعار "الجبال: فؤائد في حياتنا"، فعلى الرغم من ذكرها في جدول أعمال عام 2030، لا تزال الجبال في طي النسيان.

ونظراً للدور الحاسم الذي تلعبه الجبال في توفير منافع وخدمات النظام الإيكولوجي الرئيسية إلى كوكب الأرض وقابلية ضعفها في مواجهة تغير المناخ، يجب زيادة الاهتمام بالجبال ولفت الانتباه إليها، لذلك سيكون اليوم الدولي للجبال مناسبة لإنشاء حركة اجتماعية واسعة يمكن أن تجلب قضايا الجبال على طاولات السياسيين، ومن خلال حملة عالمية واستراتيجية لوسائل الإعلام الاجتماعية والأحداث في جميع أنحاء العالم، تخطط منظمة الأغذية والزراعة لإخبار العالم بالتوقف عن الإهمال الحالي للجبال والشعوب الجبلية.

وتشير تقارير "الفاو" إلى أن الجبال تغطي 22% من مساحة اليابسة على الأرض، كما أنها موطن لـ 13% من سكان العالم، ويعتمد 915 مليون شخص على الجبال في معايشهم، كما أن لها فوائد غير مباشرة لمليارات البشر ممن يعيشون في نهايات جداولها ، فيعيش 90% من سكان الجبال في الدول النامية، ويعيش معظمهم تحت خط الفقر، في حين يواجه 1 من كل 3 منهم مخاطر غياب الأمن الغذائي.

وبدأ الاحتفال باليوم العالمي للجبال أثناء الاحتفال بالسنة الدولية للجبال في عام 2002 التي عززت الالتزامات والإرادة للدفع قدما بهذه المسألة، واكتسبت الجبال مكانة رفيعة على جداول الأعمال على جميع المستويات، مما أدى لاتخاذ الجمعية العامة القرار 245-57 ، الذي حددت فيه يوم 11 ديسمبر يوما دوليا للجبال اعتبار من عام 2003، وشجعت المجتمع الدولي على أن ينظم في ذلك اليوم مناسبات على جميع المستويات لإبراز أهمية التنمية المستدامة للجبال.

وللجبال أهمية خاصة في إتاحة الطاقة المتجددة، وبخاصة الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الغاز الحيوي، وتوفر الطاقة الهيدرولوجية في الوقت الراهن قرابة خُمس إجمالي الكهرباء في العالم، حيث تعتمد بعض البلدان بشكل شبه كلي على المناطق الجبلية لتوليد الطاقة الهيدرولوجية.

وتحمل الجبال الواقعة في المناخ الجاف أو المداري إمكانية خاصة لتوليد الطاقة الشمسية، كما تشير تقارير "الفاو" لعام 2017 إلى أنه يعيش ما يقرب من مليار نسمة في المناطق الجبلية، ويعتمد نصف سكان العالم على الجبال للحصول على المياه والأغذية والطاقة النظيفة.

وتواجه الجبال العديد من الضغوط و المخاطر التي تؤثر عليها، فتغير المناخ وتدهور الأراضي والكوارث الطبيعية تهدد رفاهية المجتمعات الجبلية وقدرة البيئات الجبلية على إتاحة السلع والخدمات الضرورية التي يؤمنها النظام إلايكولوجي، كما يعتبر الاحتباس الحراري من أكبر المخاطر التي تواجه سكان الجبال -الذين يواجهون تحديات كبرى من أجل البقاء- لأنه بارتفاع درجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية الجبلية سيؤثر على إمدادات مجرى المياه العذبة في اتجاه الملايين من الأشخاص.

وتوجد الجبال بالغابات الاستوائية المطيرة وبالجليد والثلوج، ومن مناخات يكثر فيها هطول الأمطار وبالصحاري والبحار، لذلك يمكن القول إن نصف أهم مناطق التنوع البيولوجي في العالم توجد في الجبال.

وعلى المستوى الاقتصادي، تلعب الجبال دورا كبيرا في الأمن الغذائي من خلال توفيرها للأراضي المخصصة لزراعة المحاصيل ورعي الحيوانات، فضلاً عن المسطحات المائية المستخدمة لصيد الأسماك في المناطق الداخلية، إضافة إلى توفيرها لمنتجات حرجية غير خشبية، من قبيل العنبيات والفطر والعسل، حيث ظلت زراعة الجبال نموذجاً للتنمية المستدامة لقرون، وهي "خضراء" بطبيعتها بفضل ما تتسم به من خاصية النطاق الصغير وتدني البصمة الكربونية، فهي توفر من 20 نوعاً نباتياً هناك ستة أنواع ترجع بأصلها إلى الجبال أو شهدت التنوع فيها، مثل الذرة والبطاطا والشعير والذرة الرفيعة وكذلك الكينوا والطماطم والتفاح.

كما تعتبر المحاصيل والمنتجات التي يتم إنتاجها في المناطق الجبلية مثل القهوة والعسل والأعشاب والتوابل، من أجود المحاصيل التى يكثر الطلب عليها، إلى جانب الطلب المتنامي على الأشغال اليدوية والمواد التجميلية والأدوية.

على جانب آخر، تعتبر الجبال بيئات عالية المخاطر أيضا؛ لوجود الانهيارات الجليدية والأرضية، والانفجارات البركانية، والزلازل وفيضانات البحيرات الجليدية التي تهدد الحياة في المناطق الجبلية والأقاليم المحيطة بها.

وأوضح تقرير "الفاو" أن مواجهة التحديات والتهديدات العالمية تتطلب نهجا شاملا وتشاركية، يمكن من خلالها التعامل مع كل جوانب الاستدامة، مع الأخذ في الاعتبار الحاجات الخاصة والروابط المشتركة بين الجوانب المختلفة للتنمية الجبلية المستدامة مثل المياه والتنوع البيولوجي والسياحة والهياكل الأساسية، ولتحقيق تنمية جبلية مستدامة، ينبغي إشراك جميع أصحاب المصلحة المعنيين، كما ينبغي رفع الوعي بالنظم الإيكولوجية للجبال وهشاشتها ومشاكلها السائدة وسبل التصدي لها.

وينبغي لذلك أيضا أن تكون التنمية المستدامة وحماية المناطق الجبلية وتحسين معايشها المحلية في صلب التشريعات المتعلقة بالجبال، وتحتاج مثل تلك التشريعات إلى التعامل مع قضايا حماية الأقليات الإثنية والتراث الثقافي لسكان الجبال، والاعتراف بحقوق الملكية المجتمعية؛ لأن كثير من السلاسل الجبلية عابرة للحدود، مما يتطلب تعاونا دوليا.