الفراشات

نجح العلماء في تغيير لون وهيكلة أجنحة الفراشات للمرة الأولى، مما فتح الباب أمام إمكانيات مستقبلية للهندسة الحيوية، ووفقا للبحث الذي نشر امس الثلاثاء، يمكن الآن للباحثين استخدام تكنولوجيا تعديل الجينات التلاعب بالنماذج والألوان والأشكال التي تُشاهد في أجنحة أنواع الفراشات المختلفة حول العالم، وتسمح هذه الطريقة المعروفة باسم Crispr-Cas9 للعلماء بتغيير تسلسل الحمض النووي.

وتمكن العلماء حسبما ورد بصحيفة "ديلي ميل" البريطانية من استخدام هذه التقنية لاكتشاف المفتاح الوراثي المسؤول عن أجنحة الفراشة وكيفية حصولهم على لونهم وشكلهم وبنيتهم، ويدعي الباحثون أن هذه النتيجة يمكن أن تسمح لشركات التكنولوجيا الحيوية بإنشاء "ألوان زاهية ورائعة" في المستقبل القريب، يعتقد الباحثون أن تحديد العوامل الوراثية المؤدية لتكوين الأشكال الجميلة على أجنحة الفراشات قد يسمح بإنتاج ألوان زاهية للغاية من خلال عملية طبيعية، في مقابل الطريقة الحالية التي تستخدم الفلزات، وهذا سيكون أكثر ملاءمة للبيئة من التقنيات الحالية.

ووجد العلماء أثناء البحث، أن لون الجناح وبنيته مرتبطان بإحكام، عندما استخدموا تقنية Crispr-Cas9 للتلاعب بمسار جيني لجعل لون الأجنحة أفتح، كان له تأثير ضار على مستويات الكيتين، والكيتين هو جزيء عضوي صلب يشكل الهيكل الخارجي لجميع الحشرات تقريبًا، تحتوي الفراشات عادة على طبقة رقيقة من الكيتين لحماية سطح أجنحتها.

واستخدم الفريق تقنية Crispr-Cas9 للتلاعب بخمس جينات لدى الفراشة من المعروف أنها تتحكم في التصبغ، وتشارك هذه الجينات في سلسلة معقدة من التفاعلات المعروفة باسم مسار الميلانين الحيوي، الذي يحول تيروزين الأحماض الأمينية إلى شكل من الميلانين، والذي بدوره يؤدي إما إلى تصبغ داكن أو فاتح في الحشرة، هذه العملية تنتج خمسة مواد كيميائية مختلفة، بما في ذلك دوبا-ميلانين ودوبامين-ميلانين، والذان يجتمعان لخلق مظهر فريد من نوعه وألوان الفراشة المتنوعة.

ونظر الباحثون في كيف أن حرمان حيوان من عناصر محددة من مسار الميلانين الحيوي من شأنه أن يغير شكله، وأثناء اختباراتهم للكشف عن مزيد من التفاصيل حول هذا المسار لاحظوا العلاقة الوثيقة مع الكيتين، وفقا للباحثين، أظهرت الدراسة أن الجينات الطافرة "الصفراء" حالت دون توليد الصبغة الدوبا الميلانينية وتسببت في تكوين طبقة إضافية من الكيتين بشكل أفقي على السطح العلوي للجناح.

وتلعب ألوان وأشكال الجناح أدوارًا متعددة وحاسمة في حياة الحشرات، وهي بمثابة تمويه لتجنب الحيوانات المفترسة وغالبا ما تلعب دورا في جذب زوج محتمل، وإذا حدثت الطفرات التي أُنتجت في المختبر بشكل طبيعي، أي أصبحت الحيوانات شاحبة ويتأثر بذلك هيكلها الخارجي، يمكن أن تتعرض أفراد الحيوانات للخطر، وكذلك النوع بكامله.

وكشف تقرير صادر عن إدارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية "ديفرا" مؤخرًا أن أعداد الفراشات في المملكة المتحدة في تراجع بسبب سوء إدارة الأراضي، ووجدت الدراسة الحكومية أنه منذ عام 1990 انخفضت أعداد الفراشات بنسبة 27 في المائة في الأراضي الزراعية وبنسبة 58 في المائة في الغابات، ويلقي التقرير باللوم على "عدم إدارة الغابات وفقدان المساحات المفتوحة في الغابات".