علماء يُطالبون بتزويد الروبوتات بتقنية "الصندوق الأسود"

طالب مجموعة من العلماء بتزويد الروبوتات بتقنية "الصندوق الأسود"، لتعقب قراراتهم والتمكن من شرح وتفسير أفعالهم عند وقوع حوادث، ويزعم الباحثون أنّ الحاجة إلى معايير الأمن أصبحت أكثر إلحاحًا، وذلك لأنه من المتوقع انتشار فكرة الروبوتات خارج البيئات التي تُسيطر عليها خطوط الإنتاج الصناعي لتعمل جنبًا إلى جنب مع البشر مثل سيارات الذاتية القيادة، وروبوتات حرّاس الأمن ومقدمي رعاية العملاء ومساعدتهم.

ويتحدّث العلماء والخبراء عن وضع الأجهزة الإلكترونية على هامش مؤتمر يُعقد في جامعة سري البريطانية الخميس المقبل، ويتناقشون بشأن التقدّم الذي تم احرازه نحو الروبوتات ذاتية التحكم والتشغيل التي يُمكنها أن تعمل دون تدخل من البشر، ويأتي الاقتراح على مدار أيام من سقوط روبوت أمن "كيه 5" يُدعى ستيف من إحدى البنايات في واشنطن داخل نافورة أثناء حراسته لمرآب موقف سيارات هذه العمارة.

وبيّن أستاذ علم تفسير سلوك الروبوتات في جامعة غرب إنجلترا في مدينة بريستول، ألن وينفيلد، أنّه "نأمل أن نرى نُدرة الحوادث ولكن لا مفر من وجودها، فأينما وُجد الإنسان والروبوتات في مكان واحد كلما وُجدت الحوادث"، وقُتل رجل العام الماضي في أيار/مايو جرّاء حادثة روبوت، يُدعى جوشوا براون، عندما تورطت سيارته تيسلا طراز "S"، وهي سيارة كهربائية ذات حجم كامل هاتشباك بأربعة أبواب ذاتية القيادة تنتجها تيسلا موتورز، في أول اصطدام فريد من نوعه في العالم مع مقطورة، إذ أن السيارة مزودة بنظام يُمكّن السائق من ترك عجلة القيادة ويولّي هذه المهمة للسيارة، ما أسفر عن اصطدام قاتل، وفي تحقيق للهيئة القومية المعنية بسلامة النقل والطرق السريعة، وهي وكالة تابعة للولايات المتحدة، ألقت باللوم على السائق، وعلى الرغم من ذلك أسفر الحادث عن انتقادات تقول شركة تيسلا أنها تختبر فعاليات تكنولوجيا السلامة على عملائها.

وأشار الباحث البارز في مجال الذكاء الصناعي في جامعة استانفورد، أندرو نغ، إلى أنه "غير مسؤول" عن فهم الناس لمصطلح "نظام ذاتي القيادة" بشكل خاطئ، وشددّ كلًا من ألن وينفيلد ومارينا جيروتكا، أستاذة بتقنيات الحوسبة في جامعة استانفورد، على شركات إنتاج الروبوتات أن تتبع النموذج الذي وضعه  قطاع الطيران، إذ أن كل طائرة تحمل صندوقًا أسودًا، وظيفته تسجيل ما يحدث للطائرة طول فترة سفرها وتتضمن المحادثات التي حدثت بين قمرة الطائرة وبرج المراقبة، مما يمكّن محققي حوادث الطائرات من فهم ما يتسبب في تحطم الطائرات وما يضمن سلامتها لتجنب هذه المسببات، وقد تم تثبيت تقنية الصندوق الأسود في روبوت لتسجيل قراراته والنظريات التي تقوم عليها هذه القرارات، فضلًا عن تسجيل حركاته ومعلوماته عن طريق أجهزة الاستشعار الخاصة بالصندوق الأسود من أجهزة الكاميرات والميكروفونات وأجهزة قياس المسافة الملحقة بالصندوق.

وقال ألن وينفيلد إنّ "الحوادث الخطيرة تحتاج إلى التحقيق بشأنها، ولكن ماذا تفعل إن اكتشف محقق حادثة ما عدم وجود سجل بيانات داخلي ولا تسجيلات ترصد ما فعله الروبوت أثناء وقوع الحادثة؟ حينها يكون من المستحيل معرفة ما حدث"، وبيّن الباحثون في أطروحة لعرضها ومناقشتها في مؤتمر جامعة سري، أنّ "السبب لا يرجع فقط إلى جودة تصميم الطائرات الجوية التي تتسم بالأمان العالي، بل بصعوبة عملية منح شهادة ضمان سلامة هذه الطائرات وعندما تسير الأمور على نحو خاطئ، تُقام عمليات جليًا علنًا للتحقيق في الحوادث الجوية"، ولإدخال تقنية الصندوق الأسود فوائد تتجاوز فوائده عند التحقيق في الحوادث، إذ يمكنه أن يوفر للروبوت مساعدين لرعاية كبار السن، كقدرته على تفسير أفعالهم مستخدمًا لغة بسيطة، وبذلك يُساعد مستخدميه على الشعور بالراحة.

وتُعد واقعة الروبوت الأمني "كيه 5" آخر واقعة حدثت لروبوت، إذ تم القبض على فتاة اعتدت بالضرب على روبوت العام الماضي، وكانت هذه الفتاة في حالة سكر تمامًا لذا اعتدت عليه أثناء حراسته لموقف سيارات في ولاية كاليفورنيا، ما جعل  الروبوت يستدعي قوات الأمن التي ألقت القبض على الفتاة.