عملية زرع رأس بشرية

تعرَّضت فكرة الجراح الإيطالي سيرجيو كانافيرو، لهجوم كبير، بل وسخرية أيضًا. ووُصِفت  بأنها نوع من "الخيال العلمي" غير القابل للتحقيق على أرض الواقع. غير أنه بدا واثقًا من نجاح عمليته، التي ستقلب عالم الطب رأسًا على عقب، وهي أن الجراح الإيطالي يستعد لإجراء أول عملية زرع رأس بشرية أوائل العام المقبل.

في تحقيقها المنشور الأربعاء، تقترب صحيفة "تلغراف" البريطانية من الجراح الإيطالي، الذي يعِد البشرية بتحقيق ما رأوه مبالغًا فيه في أفلام الخيال العلمي. وقال كانافيرو إن "الأشخاص الذين تم تجميد أدمغتهم بإمكاننا (إيقاظهم) خلال ثلاث سنوات". حسبما قال الجراح الإيطالي للصحيفة البريطانية.

وأوضحت أن كانافيرو "يهدف إلى إجراء أول عملية زرع بشري خلال 10 شهور، ليبدأ بعد ذلك تجارب زرع الدماغ". وأضافت: أن "المئات من البشر الذين يموتون أو تعرضوا للشلل تم حفظ أجسامهم، أو أدمغتهم عبر تجميدها ؛ أملًا في أن علم الطب سيكون قادرًا على أن يعيدهم للحياة، أو يعالج حالاتهم".

واشارت "تلغراف" إلى أنه "بالرغم من أن كثيرًا من العلماء يشككون في إمكانية نقل الأعضاء الضخمة كالمخ دون أن تتعرض للضرر، فإن كانافيرو يقول إنه يؤمن بأن أول رأس مجمد من الممكن (بعثه) في وقت قريب".وكان كانافيرو قد صرح لصحيفة "أوم" الألمانية بأنه خطط لـ"لإيقاظ" المرضى الذين تم تجميدهم بالتعاون مع مؤسسة "ألكور" في ولاية أريزونا الأميركية.  واضاف: "سنحاول أن نعيد أول المرضى إلى الحياة، ولكن ليس في مئة عام. وبمجرد أن تتم أول عملية نقل دماغ، في 2018، سيكون بإمكاننا محاولة إيقاظ أول رأس تم تجميده، إننا نخطط الآن لإجراء أول عملية زرع دماغ، وأظن أننا سنكون جاهزين خلال ثلاث سنوات فقط".

عملية زرع الدماغ لها العديد من المزايا: أولًا: بالكاد ليس هناك أي رد فعل مناعي، مما يعني أن مشكلة رفض مناعة الجسم للعضو الجديد غير موجودة". هكذا يقول البروفيسور الإيطالي، واضاف: "الدماغ عضو محايد بشكل ما، إذا قمت بنقل رأس بالأعصاب، الأوتار، والعضلات، يمكن أن يسبب رفض المناعة مشكلة كبيرة، ولكن ليست هذه هي الحال بالنسبة للدماغ".

وكشفت الصحيفة عن أن كانافيرو "يعترف بأنه قد تكون هناك مشكلات فيسيولوجية وسكيولوجية التي قد تأتي نتيجة زرع مخ في جسد مختلف كلية". ويقول: "ما يعد مشكلة كبيرة هو أنه ما من مظهر من مظاهر جسدك يبقى كما هو، رأسك لم يعد موجودًا، لقد نقل مخك إلى جمجمة مختلفة كلية، إن ذلك يخلق موقفًا جديدًا، لن يكون سهلًا بكل تأكيد".

وتنوه الصحيفة إلى أن "العلماء البريطانيين يشككون حول ما إذا كانت الأعضاء بالغة التعقيد كالمخ من الممكن استعادتها بشكل كلي. عندما حكمت المحكمة العليا في بريطانيا العام الماضي بأنه يمكن تجميد مراهقة، قال الخبراء إن إمكانية استعادتها مرة أخرى ليست ضئيلة للغاية".

ويقول كليف كوين، أستاذ علم الأعصاب في King’s College London، إن "دعاة علم التجميد" غير قادرين على الاستشهاد بأية دراسة تثبت إنعاش دماغ ثديي كامل، ناهيك بجسم كامل، بعد أن يتم تجميده في النيتروجين السائل". ويضيف كوين "حتى لو كانت عملية الإحياء هذه ممكنة – والأمر ليس كذلك- فإن أجهزة الجسم المعقدة وأعضاءه سيكون قد تم تدميرها، ومحاولة إخراجها من حالة التجميد ستضاعف من هذا التدمير".

وتشير "تلغراف" إلى أن كانافيرو يعمل مع فريق من الأطباء الصينيين يقودهم البروفيسور شياوبينغ رين من مركز هاربين الطبي، الذي ساهم في إجراء أول عملية نقل يد في الولايات المتحدة. التكنولوجيا التي من المنتظر منها أن تساعد على إجراء عملية نقل رأس ستكون متوفرة أوائل العام المقبل، عندئذ سيكون الفريق في حاجة إلى جسد متبرع".


وبالرغم من أن عالم الكمبيوتر الروسي فاليري سبيريدينوف، الذي يعاني ضمورًا في العمود الفقري، قد تبرع ليكون أول حالة تُجرى لها العملية، فإن الفريق أشار إلى أنه التجربة الأولى من الأقرب أن تتم من خلال شخص صيني؛ لأن الحصول على جسد صيني متبرع ستكون فرصته أكبر، حيث أشار كانافيرو إلى أن أشخاصًا كثرًا عرضوا أنفسهم كمتبرعين".
وقال الفريق العام الماضي إنهم نجحوا في إجراء أول جراحة نقل رأس ناجحة لقرد، وقاموا بنشر صور للعملية.  ويقول كانافيرو: "في حالة نجاح الجراحة من خلال جسد بشري، فإن هذه العملية ستكون له تأثيرات جوهرية على الوعي البشري، وحتى على الدين"، ويضيف: "في غضون أشهر قليلة سنقوم بفصل رأس عن جسد، في إجراء طبي غير مسبوق، عندئذ لن يوجد أي نشاط حيوي، لا في الدماغ ولا في أي مكان آخر في الجسد".

ويتابع: "إن تمكنا من إعادة ذلك الشخص للحياة مرة أخرى، فإننا سنتلقى المعلومة الأولى حول ما يحدث بعد الموت. إن جراحة نقل الرأس الأولى ستعطينا الرؤية الأولى حول ما إذا كانت هناك حياة بعد الموت، أو عالم آخر". و"إذا كنا قادرين على أن نثبت أن دماغنا لا يخلق الوعي، فإن الأديان ستزول إلى الأبد".

تجربة كانافيرو المنتظرة، التي يراها البعض مستحيلة، ويراها هو وفريقه ممكنة، ستكون بمثابة ثورة في التاريخ البشري، لن يتوقف الأمر عند منحه جائزة "نوبل"، التي ما من شك في أنها ستؤول إليه لا محالة في حال نجحت التجربة، بل سيتحول الأمر ليكون قضية القرن، وربما القرون المقبلة، فهل ينجح؟