ميناء عدن

يجمع أهل الخبرة والدراية العارفون بتاريخ عدن ومينائها ومطارها على القول إن "الوضع العام في محافظة عدن كما يرونه حاليًا، ليست عدن التي نعرفها لا من قريب ولا من بعيد"، وأن "ما يجري فيها من أمور شاذة وسلوك غير سوي، يسلم معها المرء بأنها بفعل فاعل أو قل " المخرج عايز كدا".

رجل أعمال سواء كانوا مستوردين بدرجة اساسية او مصدرين بدرجة ثانية، ضاق حالهم من كل مجريات الامور في عدن بأعتبارها المستهدف الاول من المخطط الاستخباري الخارجي المعروف بـ"مخطط حدود الدم" الساري على معظم بلاد العرب، وهي مُعجَّل: (سورية والعراق وليبيا واليمن ..) ومؤجَّل: (بلاد النفط التي تتكبد الخسائر الفادحة جراء انخفاض اسعار النفط والتمويل القسري للمخطط المشبوه والمفروض على بلاد العرب، استعداداً  للترتيب الجغرافي الجديد (سايكس بيكو2 ).

 وتؤكد المؤشرات بالارقام على عدوانية التوجه المعادي لعدن والذي ينفذه مأجورون داخل المدينة لصالح المخطط الاستخباري الخارجي ففي حين يبلغ التناول السنوي للحاويات في ميناء جيبوتي اكثر من مليوني حاوية  لم يتناول ميناء عدن اكثر من 150000 حاوية (مائة وخمسون الفاً). ولو تناولنا اجمالي الحركة في ميناءي جيبوتي وعدن سيفوز ميناء جيبوتي بنسبة 93% وسيحظى ميناء عدن  بنسبة 7%. وأمام هذه الاحصائية يدرك العاقل والسوي بأن هذه ليست عدن الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد، وانما عدن التي أرادها المخرج أن تكون كذا..

يحدثني المقهورون والمأزومون من رجال الاعمال المحبين  بل العاشقين لعدن ومينائها، فالحاوية ذات الابعاد المحددة ب(20) قدماً الحاملة لشحنة تونة(Tuna) يجمرك عليها التاجر في ميناءي المكلا والحديدة بمبلغ (300) الف ريال ويدفع في جمارك عدن مليونين و(600) الف ريال.

ويفيد التجار بأن موانئ عدن والمكلا تخضع لوزارة واحدة ومؤسسة عامة واحدة ونظام جمركي واحد انتفت فيه المساواة. ويتحدثون بنبرة ساخطة وغاضبة ويقولون  : لماذا لا يساوون بيننا في المعاملة والسرعة والرسوم الجمركية ..

من واقع التعامل مع موانئ جيبوتي والمكلا والحديدة وعدن، يفيد رجال الاعمال بأن ميناء عدن لم يعد في مستوى التنافس الدولي، وأصبح التنافس عمليًا بالخدمات المقدمة وليس بالموقع لان التنافس مع عدن من حيث الموقع وهي ميزة حظيت بها عدن بالمقارنة مع بقية الموانئ في المنطقة ..

الوجه الكارثي في التعامل مع ميناء عدن بأن الشيكات لا تقبل والمطلوب الدفع نقداً . وتصور انك تحضر ملايين بحقائب كبيرة  او اكياس كبيرة يوفرها التجار بدفع مبالغ اضافية ويقبل جمرك الميناء المبالغ النقدية الكبيرة، الا ان عملية عد للمبالغ ستأخد وقتاً ويطالب التاجر بالعودة في اليوم التالي.  وعند مراجعتهم في اليوم التالي  يفاجئون التاجر بان المبالغ ناقصة (40000) او (50000) الف ويدفعها التاجر والا تعطّلت المعاملة الجمركية..

وثبت بالملموس وبالدليل المادي القاطع بأن عدن مستهدفة وان هناك حاقدون عليها وهناك من يسعى الى تدميرها وتأزيم اوضاعها واهلها وان ما يرهق عدن هو ضعف الانتماء  السامي (الوطن) لان الانتماء السائد لا يخدم عدن من ناحية، ومن ناحية اخرى ان الحلقة الغائبة الاخرى هي حلقة القيم الاسلامية التي انحدرت الى الدرك الاسفل من الحضيض.