خلفت الحرب مئات النساء الأرامل

تعيش المرأة اليمنية حالة إنسانية محزنه سببتها الحرب وحولت حالها إلى جحيم، فمن امرأة فقدت زوجها، إلى أخرى فقدت ابنها، حيث خلفت الحرب مئات النساء الأرامل، أما محافظة حجة فقد تصدرت المرتبة الأولى حد وصف ناشطون، وبين عشية وضحاها انقلبت حياة نساء في محافظة حجة رأسًا على عقب بعد أن حصدت الحرب أرواح أزواجهن، وحولتهن إلى أرامل مثقلات بالحزن يصارعن الحياة مع أطفالهن، أحيانا يجدن من يعيلهن ويساعدهن وأحيانا لا يجدن ذلك.

ودفعت النساء في حجة ثمنا باهظا جراء الحرب التي دخلت عامها الثالث، والعديد منهن فقدن أزواجهن، وهن في مقتبل العمر وباتت بعض القرى في المحافظة خالية من الشبان بعد أن قُتل معظمهم في جبهات القتال، كما توجد فتيات في عمر الزهور البعض منهن لم يمضي على زواجهن سوى أشهر قليلة، والبعض أعوام، فقدن أزواجهن وسط حرب مريرة نشرت آلامها بعيدًا في قلوب اليمنيين، لتغدو أصغرهن ذات الخمسة عشر ربيعًا تحت مسمى أرملة.

إنها الحرب الذي حولت عديد من الأسر إلى جحيم، وما ينتظر هؤلاء الفتيات بعد رحيل الزوج أشد ألمًا وصعوبة من مجرد الفراق, فقد فقدن معيلهن ووجدن أنفسهن وحيدات في مواجهة ظروف حياة قاسية تزيد الحرب من وطأتها يومًا بعد يوم، وفي إحصاء تقريبي لعدد الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن في الحرب على صعيد محافظة حجة فقط كان العدد يصل إلى أكثر من 1500 امرأة وهو عدد قابل للزيادة مع استمرار الحرب في اليمن.

ويقول ناشطون إن محافظة حجة تمد مختلف جبهات القتال بالمئات من أبنائها، أغلبهم من مديريات المحابشة والشاهل وكشر ووشحة أكبر معاقل الجماعة بالمحافظة, يعودون إلى أهاليهم من محارق الموت خصوصًا جبهة الحدود مع السعودية جثثًا متفحمة، ويشير مراقبون إلى أن حجة تحظى بأهمية رمزية وعقائدية لدى جماعة الحوثي، وتعتبر الحاضنة الثانية بعد صعدة كونها تكتنز مخزون بشري هائل لتمويل الجبهة الحدودية المشتعلة وجبهات القتال الأخرى بالمقاتلين والمال خصوصا، سكان المرتفعات الجبلية، الذين ينتهجون المذهب الزيدي، القريب نوعًا ما من المذهب الشيعي. واعتمد الإمام أحمد بن حميد الدين, على أبناء حجة في مواجهة الثوار بعد قدومه من تعز الى حجة عبر الحديدة عندما كان وليًا للعهد واستنجد بأهلها واجتاحوا العاصمة صنعاء، وأخمدوا ثورة 48 ويتكرر ذات المشهد اليوم حيث يعتمد الحوثيون على حجة لرفدهم بالمقاتلين.

وفي مداخل مديريات المحافظة وأسواقها الكبرى، تقابلك لوحات خضراء مزدحمة بأسماء قتلى الحوثيين، كشاهد على اتخاذ الجماعة لسكان هذه المحافظة والذين يمثلون نحو 10% من سكان اليمن, وقودًا لحروبها العبثية. ولا يكاد يمر يوم دون أن تفقد فتاة في إحدى قرى ومدن المحافظة زوجها في حين أصبح استقبال جثث قتلى الحوثيين والموكب الذي يرافقهم مشهدًا مألوفًا في قرى ومدن المحافظة الحدودية مع السعودية


وفي 28 من سبتمبر/أيلول الماضي, فقدت خمس فتيات من مديرية وشحة شمال المحافظة, أزواجهن الذين قتلوا وهم يخوضون القتال في صفوف الحوثيين في مدينة ميدي الحدودية شمال غرب المحافظة، بينما لا تكاد تكف مستشفيات محافظة حجة وخصوصًا المستشفى الجمهوري في مدينة حجة مركز المحافظة, ومستشفى عبس الريفي شمال المحافظة عن استقبال عشرات القتلى من أبناء المحافظة، الذين قضوا في جبهة الحدود اليمنية السعودية.


وخلال الشهرين الماضيين، كانت مديرية المحابشة, ذات الأغلبية الحوثية, هي الأكثر استنزافا من قبل الحوثيين، ووفقًا لسكان محليين، فقد كانت المديرية، تستقبل بشكل يومي جثثا لعشرات المقاتلين الذين سقطوا في جبهة حرض وميدي الحدودية، ويرى البعض أن سر صمود الحوثيين في الجبهة الحدودية في حرض وميدي والتي تشهد مواجهات عنيفة منذ عامين يرجع إلى وجود حاضنة شعبية لهم في محافظة حجة, أكبر معاقل الجماعة بعد محافظة صعدة.

وكشفت الحوثيون منتصف فبراير/شباط الماضي خلال معرض لصور قتلاهم فيما يسمونه يوم الشهيد بمحافظة حجة عن مقتل ما يقارب 2500 من عناصرهم من أبناء المحافظة منذ بداية الحرب، معظمهم شبان في مقتبل العمر، قتلوا في جبهة حرض وميدي الحدودية، حيث تعتبر حجة من المحافظات التي تشهد حدودها جبهات مشتعلة في حرض وميدي. وتحصد الجبهات أرواح البشر يوميا الذي تزج بهم مليشيا الحوثي وصالح يوميا.