الأطفال في شوارع العاصمة اليمنية

ينتشر الآلاف من الأطفال في شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، شمالي اليمن، بحثا عن لقمة يسدون بها رمقهم، بعد أن شردتهم الحرب من منازلهم، وأفقدتهم ابسط وسائل العيش.

بل إن العشرات من الأطفال يعيلون أسرا كبيرة، رغم صغر سنهم الذي لا يتجاوز في الغالب الـ13عاما.

محمد علي يتسول في شارع حدة وسط العاصمة ‎صنعاء، ويتنقل بين المحلات التجارية، هو  والعديد من الأطفال الأخرين.

 يقبلون أيادي المارة في محاولة لاستعطافهم، للحصول على المال، بعد إن نزحوا من مدن عدة بسبب الاشتباكات الدائرة في مختلف جبهات القتال.

لا يجني محمد سوى القليل من المال، فالحالة الإنسانية التي تعيشها البلاد، وتقلص موارد الدخل، اثر بشكل كبيرة على سكان البلاد الذين بات 80%منهم، يحتاجون لنوع من أنواع المساعدات الإنسانية والإغاثية.

ولا يكفي ما يحصل عليه محمد لشراء المواد الغذائية، الضرورية له ولأسرته، لكنها تقيهم الموت جوعا.

ويتمنى الطفل محمد الذي يجوب الشوارع من الصباح إلى المساء، بملابسه الرثة في اليوم العالمي للأطفال، إن يجني اكبر قدر من المال، ليعود بالطعام والشراب لأسرته.

يضيف محمد "أتمنى أن أعود إلى مدرستي، والى منزلي، وان أتوقف عن سؤال الناس.

قد يكون محمد محظوظ لحصوله على الطعام، فأكثر من 140طفل يمني، يلقون حتفهم بشكل يومي، بحسب منظمة اليونيسيف، بسبب سوء التغذية الحاد، وأسباب أخرى يمكن تجنبها لولا الحرب.

ويقول الناشط الإنساني عبدالكريم منصر، أن نسبة الأطفال المشردين ترتفع في اليمن، يوما بعد أخر، واكد منصر أن شوارع العاصمة صنعاء، شهدت انتشار العشرات من الأطفال خلال الأيام الماضية، مؤكدا أن الأوضاع التي تعيشها البلاد، زادت من معاناة الأطفال في اليمن .

لافتا إلى أن الأطفال في اليمن يفتقرون إلى الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة، والى المسكن والمشرب، ويفتقرون إلى الحنان والعاطفة. وأشار إلى أن الكثير من الأطفال تركوا المدارس واتجهوا إلى سوق العمل، موكدا انهم يعملون في مهن شاقة، لا تناسب مع أعمارهم.

ومع مرور يوم  أخر  في اليمن، يزداد الوضع الإنساني سوءا، ويلقي بظلاله بشكل اكبر على الأطفال .

ونظمت السلطة المحلية، في محافظة مأرب، شرقي البلاد، وبالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني، فعالية حقوقية، تحت شعار" الأطفال هم الحياة"، استعرضت خلالها، الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها الطفولة من قبل مليشيا الحوثي تارة بقصف المدن الآهلة بالسكان وتارة أخرى بتجنيد الأطفال والزج بهم في معاركها العبثية.

وأكد عبدالله الباكري وكيل محافظة مأرب ،أن الطفولة هي المدماك الأساس في المجتمعات وأنها من عناصر المجتمع الهشة التي لا تستطيع حماية نفسها وعلى الدول القيام بذلك وحفظ حقوقهم . مشيرا إلى أن الأطفال  فقدوا الأمن في الحياة وفي المعيشة وهذا يعد انتهاكا صارخا لحقوق الطفولة الستة المكفولة في قوانين الأمم المتحدة.

ليس الجوع وحده السلاح الوحيد لقتل أطفال اليمن، لكنه يعد السلاح الفتاك الأكثر بطشا بهم، بالإضافة إلى تفشي وبائي الكوليرا والدفتيريا، والتجنيد الإجباري، وزراعة الألغام والعبوات الناسفة، والمعارك الدائرة في مختلف مناطق البلاد.

تجنيد الأطفال
وعلى متن احد العربات السكرية التابعة لمسلحي جماعة الحوثيين، يجلس اكثر من 10 أطفال ، لا يتجاوز أكبرهم الـ15عاما، جمعتهم مليشيا الحوثي من أحياء العاصمة ، للزج بهم إلى جبهات القتال. ويحملون أسلحة عسكرية من كلاشنكوفات  وقنابل، في سياق التجهز والاستعداد للتضحية بهم، لحماية المشروع الإيراني الطائفي.

الآلاف من الأطفال لقوا حتفهم خلال الأيام الماضية  خلال المعارك بين القوات الحكومية، ومسلحي جماعة الحوثيين، خلال السنوات الماضية، ولازالت الحرب تحصد العشرات منهم بشكل شبه يومي، اثر تجنيدهم والزج بهم في معارك لا نافة لهم فيها ولا جمل.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من خطورة الأوضاع في اليمن.

وقالت مديرة اليونيسف هنريتا فور، إن العدد المتزايد من النداءات من أجل وقف إطلاق النار في اليمن واستئناف المحادثات السياسية، يقدم بصيص أمل للأطفال اليمنيين بأن السلام قد يأتي في يوم من الأيام، مضيفة بأن القتال مستمر والأطفال هم الذين يتحملون عواقب الحرب. ولفتت إلى "إنه قُتل أو أصيب بجروح خطيرة ما لا يقل عن 6 آلاف بسبب القتال، في حين يحتاج أكثر من 11 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية من أجل البقاء". وزادت: يموت طفل واحد كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها، بما في ذلك سوء التغذية والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.

في اليوم العالمي للطفل، بات معظم أطفال اليمن، أشبه بهياكل عظمية، فسوء التغذية، لم يبقي لهم سوى الجلد والعظم.

وقالت الناشطة في  مجال حقوق الإنسان كوثر الحمادي، أن الأطفال هم الخاسر الأكبر في الحرب التي تشهدها البلاد.

وأكدت أن الحرب دمرت المرافق الصحية والتعليمة، والمنازل وخلفت الآلاف من اليتامى المعاقين، بالإضافة إلى وفاة العشرات من الأطفال بشكل يومي.

وأكدت ل"العرب اليوم "،أن الأطفال سيدفعون ثمن الحرب التي تشهدها البلاد منذ اربع سنوات، على مدى عقود طويلة. مبينة أن الوضع المأساوي الذي يعيشه الأطفال، سيلقي بظلاله على مستقبل البلاد، وسيكون له أثارا سلبية على مستقبل البلاد.

مؤكدة أن أطفال اليمن يحتاجون إلى الغذاء المناسب، وإعادة فتح المدارس والرعاية الصحية، بالإضافة إلى إيقاف عمليات التجنيد، وإيقاف نشر الأفكار الطائفية.