موجة نزوح من مدينة زبيد التاريخية اليمنية

ربما توقفت المعارك لبعض الوقت في محافظة الحديدة اليمنية غربي البلاد، لكن موجات النزوح لم تتوقف منذ دخول القوات الشرعية المحافظة، نزوح هو الاكبر، فرار من موت محتوم الى هلاك محسوم، فسكان مدينة الحديدة، يعيشون ظروفًا هي الأسوء في البلاد، قبل اندلاع الحرب، ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة.

مرت نحو، 30 يوما على انطلاق عملية (النصر الذهبي) لتحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، من مسلحي جماعة الحوثيين، وهي عملية، توقّع التحالف العربي الذي تقوده السعودية، أن ينجزها خلال أيام قليلة، لما لديه من قدرات عسكرية، وقوات بالآلاف، بالإضافة إلى الاسناد الجوي والبحري، الا أن توقعات التحالف، اصطدمت بالأمم المتحدة، فجماعة الحوثيين، تستميت في الحفاظ على المدينة، ومستعدة، لخوض حرب هي الابشع في البلاد، التي تتواصل فيها المعارك منذ ثلاثة سنوات.

الجماعة الحوثية، حفرت مئات الخنادق، وقطعت الخطوط والطرقات، ونشرات مختلف أنواع السلاح والدبابات، والمدافع، في ارجاء المدينة، بالإضافة إلى نشرها قوات متخصصة، في حرب الشوارع، تلقت تدريبات بيد خبراء إيرانيين، ومن حزب الله اللبناني، قوامها 7 آلاف مقاتل، في استعداد لحرب شوارع، ستكون عواقبها وخيمة.

التحالف العربي، وتحت ضغوطات دولية، وتحذير أممي، من كارثة إنسانية، ستكون الأسوء في تاريخ البلاد، أوقف عملياته العسكرية تجاه المدينة، والميناء، لإعطاء فرصة للمبعوث الاممي، لإقناع جماعة الحوثيين بالانسحاب من المدينة، واتجه نحو المديريات، المحاذية لها، لتحريرها، فيما تمكنت القوات الحكومية، من تحرير مديرية التحيتا، بالكامل، واتجهت نحو مدينة، زبيد التاريخية، لكنها توقفت على ابواب المدينة، التي تعد من التراث الإنساني العالمي، خوفا من تدميرها، بعد أن نشرت جماعة الحوثيين، مسلحيها، فوق المباني، والمعالم التاريخية للمدينة.

(نزوح جماعي)

مع اقتراب القوات الحكومية، من مدينة زبيد، نزح الآلاف من سكان المدينة، إلى المناطق الريفية المجاورة، فيما اتجه، الكثير من القادرين على السفر صوب المدن المحررة، والمحافظات القابعة تحت سلطة الحوثيين.

المواطنون منذ أمس الأول بدأوا بمغادرة منازلهم باتجاه المناطق الآمنة، في المدينة، وخارجها بعد انتشار الحوثيين بكثافة في أحياءهم والتمترس فيها، كما نزح الكثير من سكان المدينة التاريخية خلال الأيام الماضية في ظل انتشار الحوثيين في الأحياء السكنية والأبواب التاريخية ونقل المعدات العسكرية وإطلاق القذائف باتجاه مدينة التحيتا.

وقال احمد الزبيدي أحد نازحي مدينة زبيد، لـ"العرب اليوم" إن الآلاف من سكان المدينة، نزحوا، من مدينتهم، غير آملين في العودة اليها، فالحرب أصبحت على أبوابها، وأضاف" أن موجات النزوح مازالت مستمرة، بعد فشل المفاوضات الأممية، في ايقاف المعارك، وتقدم القوات الحكومية، نحو المدينة وتابع" لقد جلسنا ثلاث ليالي لم ننام ابدا من اصوات المدافع وقصف طيران التحالف المستمر على مواقع الحوثثين، فما اضطرنا الى النزوح، بعد أن ادركنا أنه لا أمل في توقف المعارك.

وأردف " لقد تركنا منازلنا، واثاثنا، ولم نستطيع أن نأخذ شيء سوى ملابسنا التي علينا"، كما قال "لا أملك النقود للمهاجرة إلى المحافظات الاخرى، فكل ما أملكه بعته خلال الحرب من اجل شراء الطعام، بعد توقف المرتبات"، مشدّدًا "مصيرنا مجهول، لا نعلم أين نذهب، وهل سنعود إلى مدينتنا ام أننا سنموت هنا، تحت القصف، وحرارة الشمس".

أما أحمد فيجلس مع عائلته، جنوب مدينة زبيد، أمام احد المحلات التجارية، ويفترشون الارض ويلتحفون، السماء، وكل ما يأملون أن يجدوه هو سطح، او خيمة تقيهم حرارة الشمس، وعيون الناس التي تحدق بهم من كل جانب، فالمعارك على الأرجح أنها ستتواصل نحو ومدينة زبيد وغيرها من مديريات محافظة لحديدة، لتضيق الخناق على جماعة الحوثيين، وقطع خطوط الامداد، لجبر الجماعة، على تسليم المدينة دون قتال، ورغم أن ذلك سيأخذ وقت أكبر، قد يصل الى نحو 10 اشهر، الا أن الفاتورة العسكرية والإنسانية، ستكون منخفضة.

من جانبه، أكد وزير الخارجية، خالد اليماني، أن القوات الحكومية ستواصل عملياتها العسكرية لتحرير محافظة الحديدة، خلال الأيام القادمة، مضيفا أن ميليشيات الحوثي تقوم بتقطيع أوصال مدينة الحديدة وتدمر بنيتها التحتية، مؤكدًا أن الحديدة سيتم تحريرها قريبًا.

وأوضح المحلل السياسي، اليمني، أحمد الحطامي أن الوضع العسكري في مدينة الحديدة، سيستمر كما هو عليه الان لمدة طويلة، في حال توقفت القوات الحكومية عن دخول مدينة الحديدة، كما حذّر من هزيمة، ستلحق بالتحالف العربي، في حال نفذ هجومه في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن جماعة الحوثيين، نشرت مقاتليها، داخل احياء المدينة، استعدادا لحرب داخل الاحياء السكنية" وقال ان المعارك ستكون كارثية، على البنية التحتية، والسكان، وكل اطراف الصراع في البلاد".

(مبادرة غريفثت)

المبعوث الدولي الى اليمن مارتن غيريفت، قدّم مبادرته للرئيس هادي، بعد جولات من المفاوضات، مع الحوثيين، والحكومة الشرعية، والمبادرة التي لازالت تدرسها الحكومة الشرعية، وبإشراف من رئيس الحكومة احمد عبيد بن دغر، نصت، على انسحاب القوات الشرعية، من محافظة صعدة، معقل جماعة الحوثيين، مقابل تسليم الحديدة، للحكومة، الشرعية، بالإضافة إلى اشراف الامم المتحدة، على ميناء الحديدة، وتسليم الحكومة الشرعية، مرتبات الموظفين في المحافظات التي لازالت تحت سيطرة الحوثيين.

غريفت حاول انتزاع موافقة عاجله من الرئيس هادي، على المفاوضة، الا أن الرئيس اليمني، أكد أن الحل لن يكون الا وفق المرجعيات المتفق عليها، بالإضافة الى أنه كلف رئيس الحكومة، بدراسة المقترحات الاممية، وفرص تطبيقها على ارض الواقع.

واطلق التحالف العربي عملية عسكرية، لتحرير محافظة الحديدة، ومينائها الاستراتيجي،  قبل نحو 30 يوما، لمنع تدفق السلاح الإيراني الى اليمن، وتأمين طرق التجارة العالمية في البحر الأحمر غربي اليمن، فيما تسيطر جماعة الحوثيين، على مدينة الحديدة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، ضمن محافظات أخرى يسيطرون عليها، بينها العاصمة صنعاء، ويعتمد حوالي 19 مليون يمني، يشكلون 70 بالمائة من السكان، على المواد الغذائية التجارية والإنسانية الواردة عبر ميناء الحديدة، في حين ستمثل السيطرة على مدينة الحديدة في حال تحققت، أكبر انتصار عسكري للحكومة الشرعية، والتحالف العربي، في مواجهة الحوثيين، منذ استعادة الشرعية، خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015.