الرئيس الأميركي دونالد ترمب

جددت واشنطن اتهاماتها إلى الصين على الجبهة التجارية، في الوقت الذي يترقب فيه العالم لقاءًا على أعلى مستوى بين أميركا والصين، في نهاية الشهر الجاري، قد يُسهم في حلحلة أزمة الحرب التجارية المشتعلة بين أكبر اقتصادين في العالم، أو مزيد من تأجيجها، وجاء ذلك في الوقت ذاته الذي أرسلت فيه إشارات على وجود احتمالات لإيجاد تسويات بين الطرفين.

وقال الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر "إن الصين لم تغير ممارساتها غير العادلة والتمييزية التي دفعت الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى فرض تعريفات جمركية على البضائع الصينية، بقيمة 250 مليار دولار".

وأدلى لايتهايزر ببيان إلى جانب تقرير من 53 صفحة، بشأن تحقيقه في ممارسات الملكية الفكرية الصينية، بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، وقدم هذا التحقيق والتقرير الأولي الصادر في مارس /آذار الماضي، الأساس القانوني لترمب لفرض التعريفات على ما يقرب من نصف جميع الواردات من الصين، وفق ما نقلته مجلة "بوليتيكو" الأميركية.

وقالت لايتهايزر في البيان "أكملنا هذا التحديث كجزء من جهود المراقبة والتعزيز المعززة لهذه الإدارة. ويظهر هذا التحديث أن الصين لم تغير جذرياً ممارساتها غير العادلة وغير المعقولة والمشوِّهة للسوق، والتي كانت موضوع تقرير مارس 2018 حول بند 301 في تحقيقنا".

ويأتي هذا الإعلان قبل عشرة أيام من اجتماع مرتقب بين ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ، في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، والذي قد يمهد الطريق لوقفة في الصراع التجاري، أو لمزيد من التصعيد، ويشير بيان لايتهايزر إلى أن الصين لم تفعل كثيراً خلال الأشهر الثمانية الماضية، لمعالجة المخاوف الواردة في تقريرها الأصلي.

وترفض بكين هذه الاتهامات؛ لكن طوكيو وبروكسل انضمتا إلى واشنطن في إدانة الممارسات الصينية، ونشرت الاقتصادات الثلاثة بياناً مشتركاً في هذا الاتجاه، في سبتمبر /أيلول الماضي.

وأرسل كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض لاري كودلو، إشارات متضاربة بشأن فرصة التقدم في بوينس آيرس، وقال كودلو "عندما نتحرك نحو اجتماع مجموعة العشرين، فإن الاتصالات المفصلة للغاية تحدث على جميع مستويات الحكومة".

وقال كودلو يوم الثلاثاء "إن الرئيس ترمب يحاول "ضخ إشارة تفاؤل" في المحادثات التجارية مع الصين، قبل لقائه المقرر مع نظيره الصيني".

وأضاف في مقابلة مع قناة "فوكس بيزنس نتوورك" التلفزيونية الأميركية، أن ترامب يعتقد أن الصين ستفضل التوصل إلى اتفاق، مشيرًا إلى وجود "اتصالات مفصلة للغاية" تجري على كل المستويات الحكومية بين البلدين.

وكان الرئيس ترمب قد قال للصحافيين يوم الجمعة الماضي "إنه يتوقع التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين، مع إمكانية تجنب فرض جولة جديدة من العقوبات الأميركية على السلع الصينية، والتي قد تؤثر وبصورة كبيرة على العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم".

ونقلت وكالة "بلومبيرغ" عن ترتمب قوله في البيت الأبيض "إن الصين تريد عقد اتفاق، أعتقد أنه سيتم التوصل إلى اتفاق. سنصل إليه قريبًا جدًا"، مضيفًا أن الولايات المتحدة تلقت "قائمة تنازلات محتملة" من الصين، ولم يتبق سوى أربعة أو خمسة موضوعات لم تتم تسويتها.

وشدد كودلو مع ذلك، على وجهة نظر ترمب، بأن أي صفقة يجب أن تكون في مصلحة الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن الصين يجب أن تعالج مخاوف الولايات المتحدة بشأن سرقة الملكية الفكرية، وقيود الملكية، والحواجز الجمركية وغير الجمركية، وعمليات نقل التكنولوجيا القسرية، وإنفاذ أي اتفاق تم التوصل إليه.

وتتهم الإدارة الأميركية الصين بارتكاب ممارسات تجارية غير نزيهة، مما يمنحها مزايا تنافسية في مواجهة الولايات المتحدة، وقال ترامب "إنه يريد فتح الاقتصاد الصيني أمام الشركات الأميركية".

وأضاف "أتمنى أن نتوصل إلى اتفاق، وإذا لم يحدث، فنحن حتى الآن نتصرف بصورة جيدة"، مشيراً إلى أن الرغبة في الوصول إلى اتفاقيات تجارية يجب أن تكون "متبادلة".
ويذكر أن الولايات المتحدة فرضت بالفعل رسوماً إضافية على واردات من السلع الصينية قيمتها نحو 200 مليار دولار، وهو ما ردت عليه الصين بفرض رسوم مماثلة على سلع أميركية بقيمة 110 مليارات دولار.

وقال ترامب "إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإن الولايات المتحدة ستنفذ تهديدها بفرض رسوم إضافية على كمية جديدة من السلع الصينية المصدرة إليها، بقيمة 267 مليار دولار".

وعلى الجانب الآخر، فإن الصين تحاول دائماً الدفاع عن مواقف من باب حرية التجارة. وأكد سفير الصين لدى منظمة التجارة العالمية تشانغ شيانغ تشن، ضرورة استعادة المنظمة قدرتها على تسوية النزاعات.

وقال في تصريح نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" أمس "إن الصين شكلت مجموعة عمل رفيعة المستوى بشأن إصلاح منظمة التجارة العالمية مع الاتحاد الأوروبي، وإن الأولوية حالياً هي إعادة المنظمة إلى دورها كجهة تقوم بتسوية النزاعات".

وأضاف تشانغ أن المهمات العاجلة الأخرى لمنظمة التجارة العالمية تشمل تسهيل التجارة الإلكترونية والاستثمار، وتحسين الشفافية، وتابع "يقول البعض أحياناً، إن منظمة التجارة العالمية مريض في حالة حرجة يعاني من فشل أعضاء متعددة لديه. وإذا كان هذا هو الحال، فإن استعادة عمل هذه الأعضاء بشكل عاجل وإجراء التشخيص الصحيح للمرض، أكثر أهمية من الاندفاع لإعطاء وصفات طبية".

وأشار إلى أن هناك كثيراً من الأسباب لإصلاح منظمة التجارة العالمية، وأن الإصلاح لا يعني البدء من الصفر، وليس عذراً لعدم تنفيذ القواعد، مشدداً على ضرورة مواجهة أعضاء المنظمة أي محاولات من هذا القبيل.

ولفت المسؤول الصيني إلى أن منظمة التجارة العالمية منفعة عامة، وليست أداة لتلبية حاجات معينة لشخص ما أو مجموعة من الأعضاء، موضحًا أن الإصلاحات ينبغي أن توضع بشكل صارم في سياق مواجهة الأحادية والحمائية، ويتعين عليها الدفع باتجاه تحرير التجارة، وتسهيل الاستثمار على مستوى العالم، والالتزام بمبدأ عدم التمييز، وتبني منهج ديمقراطي