النفط الخام

سيكون عام 2018 مثيرًا بالنسبة للسوق الصينية، والتي أصبحت تجد في كل يوم مصدرًا جديًدا لتزويدها بالنفط الخام. ففي القمة، هناك الصراع بين السعودية وروسيا بشأن من يحتفظ بالمركز الأول على قائمة المورّدين، ومؤخرًا انضمت الولايات المتحدة إلى قائمة الدول التي زادت من صادراتها إلى الصين وسط منافسة باقي المنتجين التقليديين على حصتهم السوقية هناك.

وأعلنت شركة "ساينوبك"، عملاق التكرير الصيني، أنها سوف تستورد أكثر من 10 ملايين طن من النفط الخام من الولايات المتحدة في عام 2018، وهي تقريبًا ضعف الكمية التي استوردتها في العام الماضي من أميركا والبالغة 5.56 مليون طن، وهي تعادل نحو 10 في المائة من صادرات أميركا من النفط الخام، وقالت الشركة في تصريح صحافي الإثنين، إن هناك نحو 10 مصاف لها في الصين، كلها تقوم بتكرير النفط الخام الأميركي.

وتعتبر هذه الأنباء مفاجأة للولايات المتحدة، التي كانت تستورد النفط الخام وبدأت قبل عامين فقط في تصديره بكميات قليلة. وتعتبر أغلب صادرات النفط الخام الأميركي من النفط الخفيف جدًا أو من المكثفات، والتي يأتي أغلبها من حقول النفط الصخري، بينما من المتوقع أن تزداد صادرات الولايات المتحدة هذا العام بفضل الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط الصخري، والذي قد تساهم حقوله في رفع إجمالي ما تنتجه البلاد من النفط الخام هذا العام فوق مستوى 11 مليون برميل يوميًا. وبإمكان منتجي النفط الصخري زيادة إنتاجهم حاليًا حتى مع أسعار نفط بين 50 و60 دولارا، وهو نصف السعر الذي كان عليه النفط في فترة التوسع للنفط الصخري بين أعوام 2011 و2014.

وليست الولايات المتحدة الوحيدة التي تسعى لزيادة حصتها السوقية في الصين، حيث لا تزال "أرامكو" السعودية مهتمة بإيجاد عملاء جدد؛ وإن كانت الكميات التي تضيفها السعودية حاليًا ليست بالكبيرة، مقارنة بالزيادة التي شهدتها صادرات النفط من روسيا إلى الصين.

وتقدمت روسيا على السعودية كأكبر مورد للصين للعام الثاني على التوالي في 2017، وعزز الطلب القوي من مصافي التكرير الصغيرة والمستقلة الطلب على النفط الروسي بسبب صغر حجم الشحنات وقرب المسافة، في حين تعتمد السعودية علي مصافي الدولة الأكبر حجما كعملاء رئيسيين، وكشفت ثلاثة مصادر مطلعة أن أرامكو السعودية اتفقت على توريد 12 مليون برميل من الخام لمجموعة "هواجين" للصناعات الكيماوية في الصين بموجب اتفاق سنوي للعام 2018، وبزيادة كبيرة عن العام الماضي.

ورغم أن الرقم ضئيل بالنسبة لمجمل إمدادات الصين، فإن الاتفاق السنوي الثاني من نوعه بين المملكة، أكبر منتج في أوبك، والشركة الصينية، سيساعد السعودية على تعزيز حصتها في سوق أكبر دولة تستورد الخام في العالم، وذلك في إطار المنافسة مع روسيا، وقال مصدران طلبا عدم نشر اسميهما إن واردات "هواجين"، وهي مجمع بتروكيماويات ومصفاة تسيطر عليه مؤسسة مجموعة صناعات شمال الصين "نورينكو" العاملة في مجال الدفاع، تقدر بما بين ستة وثمانية ملايين برميل العام الماضي.

وأكد متحدث باسم "هواجين" حجم واردات العام الجاري دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل بشأن صفقة الإمدادات. ولم يعقب مسؤولون إعلاميون في أرامكو آسيا حتى الآن، في حين أظهرت بيانات مصلحة الجمارك الصادرة هذا الشهر أن الصين استوردت نحو 40.64 مليون طن متري من النفط، أي ما يعادل 9.61 مليون برميل يوميًا في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو مستوى قياسي جديد لها بزيادة 20 في المائة عما استوردته في ديسمبر (كانون الأول) أو حتى ما استوردته في نفس الشهر من العام الماضي.

وتأتي هذه الزيادة في الواردات بفضل المصافي الصغيرة المعروفة باسم "أباريق الشاي"، والتي سمحت لها الحكومة بكميات أكبر من النفط المستورد. وسبق وأن نقلت وكالة "بلومبيرغ" الشهر الماضي عن مصادر في هذه المصافي قولها إنها حصلت على حصة رسمية لاستيراد نحو 121 مليون طن متري من النفط في 2018، وهذه هي الدفعة الأولى من حصص النفط الذي خصصتها الدولة للمصافي.

وستعطي الدولة بحسب تصريح لوزارة التجارة الصينية تصاريح للمصافي غير المملوكة للدولة لاستيراد 142 مليون طن متري في 2018، بزيادة 63 في المائة عن الكمية التي تم تخصصيها لها في عام 2017، فيما كانت الصين في العام الماضي قد تجاوزت الولايات المتحدة كأكبر مستورد للنفط في العالم بعد أن بلغ إجمالي متوسط ورادتها في 2018 نحو 8.43 مليون برميل يوميًا.

وتتوقع شركة "ساينوبك"، إحدى أكبر شركتين في النفط في الصين، أن ترتفع واردات البلاد من النفط في العام الجاري بنحو 7.2 في المائة، لتصل الكمية الإجمالية إلى 450 مليون طن، قد يصل نصيب الولايات المتحدة منها 10 ملايين طن، وهي أعلى كمية قد تصدرها أميركا للصين على الإطلاق.