الاقتصاد الصيني

سجلت الصادرات والواردات الصينية في شهر يونيو /حزيران الماضي نموًا تخطى التوقعات، وفق ما أظهرت أرقام رسمية نشرت أمس الخميس، بدعم قوة الطلب العالمي على السلع الصينية وزيادة الإقبال على مواد البناء في الداخل، غير أن القيود المحلية على الإقراض قد تؤثر على الواردات في وقت لاحق من العام؛ ما دفع عدد من المحللين إلى التحذير من أن ذلك النمو الكبير قد يكون "مرحليا"، ومن المتوقع أن يتراجع زخم ثاني أكبر اقتصاد في العالم في النصف الثاني من عام 2017 مع فرض بكين ضوابط على الاقتراض وشراء العقارات، اللذين شكلا عاملين رئيسيين في تحقيق النمو على مدى سنوات.

وفي حين استفادت الصادرات من الطلب القوي على الإلكترونيات والسلع الصناعية، فقد يفضي الفائض التجاري المتزايد - وبخاصة مع الولايات المتحدة - إلى توترات تجارية، حيث يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتعزيز نشاط القطاع الصناعي في بلاده، ويقول يانغ تشاو، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في مجموعة "نومورا"، لوكالة الصحافة الفرنسية: "لا نزال نتوقع تراجع نمو الصادرات في النصف الثاني من العام الجاري مع ارتفاع قيمة اليوان هذه السنة، كما أن الشكوك تحوم حول الطلب الخارجي"، ويتابع أن الضوابط في مجال العقارات "تؤدي إلى تراجع الاستثمارات الداخلية، الأمر الذي قد يلقي بثقله أيضًا على نمو الصادرات".

وحققت الصين فائضًا تجاريًا بلغ 42.77 مليار دولار في يونيو /حزيران، وهو ما يتجاوز بقليل توقعات المحللين لتحقيق فائض 42.44 مليار دولار، ويزيد على الفائض التجاري لمايو /أيار البالغ 40.81 مليار دولار، وبلغت الصادرات الصينية ما قيمته 196.59 مليار دولار، أي بنمو نسبته 11.3 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وفق ما أعلنت إدارة الجمارك، وهي نسبة تفوق مستوى 8.9 في المائة الذي توقعته وكالة "بلومبرغ"، وكذلك بلغت الواردات إلى الصين 153.83 مليار دولار، أي بارتفاع نسبته 17.2 في المائة عن العام الماضي، بما يفوق التوقعات التي كانت تشير إلى 14.5 في المائة، ما رفع الفائض التجاري إلى 42.76 مليار دولار.

وتوقع محللون استطلعت رويترز آراءهم زيادة شحنات يونيو من أكبر مصدر في العالم 8.7 في المائة تماشيًا مع النمو المسجل في مايو، وكان من المتوقع زيادة الواردات 13.1 في المائة في تباطؤ طفيف عن زيادة قوية لم تكن متوقعة في مايو/أيار بلغت 14.8 في المائة، وزادت الصادرات المقومة باليوان 15 في المائة على أساس سنوي في الفترة من يناير /كانون الثاني حتى يونيو /حزيران، في حين قفزت الواردات 25.7 في المائة في نفس الفترة.

ويقول الخبير الاقتصادي في "كابيتال ايكونوميكس" جوليان إيفانز بريتشارد في وقت يُتوقع أن تحافظ الصادرات الصينية على قوتها"نشكك في القدرة على المحافظة على الوتيرة الحالية للواردات لفترة أطول بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني جراء سياسة التشدد"، وتسعى الصين إلى كبح جماح المصارف في منح قروض تنطوي على مخاطر ووضع ضوابط على شراء العقارات، حيث إن ارتفاع نسبة الدين الصيني يعزز المخاوف من حصول أزمة قد تنفجر على الصعيد العالمي.

وتأتي الأرقام المفاجئة قبل انعقاد محادثات صينية أميركية في واشنطن الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع أن يجري الطرفان تقييمًا لنتائج أول مائة يوم لخطة العمل الهادفة إلى تحسين العلاقات الجارية بين البلدين، واشتد التوتر بين البلدين في الأشهر الأخيرة وسط تباينات حول آلية مواجهة التهديد الكوري الشمالي، ولطالما شكل الفائض التجاري الصيني مع بقية دول العالم حجر عثرة في العلاقات مع الولايات المتحدة.

وأظهرت البيانات الرسمية أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة سجل 25.4 مليار دولار في يونيو، ارتفاعًا من 22 مليار دولار في مايو، وهو أعلى فائض تجاري منذ أكتوبر/ تشرين الأول) 2015 وفقًا لحسابات رويترز، ولم يكف الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية عن مهاجمة الصين، فاتهمها بخفض سعر عملتها وهددها بفرض رسوم جمركية على وارداتها، لكنه تراجع عن ذلك بعد لقائه الرئيس الصيني في 6 و7 أبريل /نيسان الماضي، وخلص إلى أن الصين لا تتلاعب بعملتها لتنشيط صادراتها.