صعود أسعار النفط

أدى الصعود الأخير لأسعار النفط الخام بقيادة "منظمة الدول المصدرة للنفط" (أوبك)، إلى إلحاق أضرار بالغة بأرباح مصافي التكرير، ما يطلق إشارات تحذير بشأن ارتفاع الخام القوي، وأكد محللون أن موجة من أعمال الصيانة المقررة للمصافي في الربيع، قد تشكل أيضا ضغوط نزولية على الأسعار. وفي العادة يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تقليص الاستهلاك وهبوط هوامش الأرباح في المصافي، التي تحوّل اللقيم إلى بنزين وديزل ووقود طائرات.

وارتفعت أسعار النفط أكثر من 50 في المئة منذ حزيران (يونيو)، فيما أدى خفض إنتاج "أوبك" ومنتجين آخرين من خارجها، إلى هبوط مخزون الخام العالمي. وبينما تراجع مخزون الخام بوتيرة متسارعة عام 2017، استمر تشغيل المصافي في أنحاء العالم بمعدلات قياسية لتلبية الطلب والحفاظ على هوامش أرباح قوية. وأدت الفجوة بين مكاسب أسعار النفط وهبوط هوامش أرباح التكرير إلى زيادة مخزون المنتجات النفطية، وفي الربع الأخير من العام الماضي، استهلكت المصافي كميات قياسية مرتفعة بلغت 81.5 مليون برميل يومي ، وفق لما أظهرته بيانات "وكالة الطاقة الدولية"، ما أدى إلى فائض في إمدادات الوقود وإرسال شحنات إلى صهاريج التخزين بعد عام من السحب.

ولفتت "أف جي إي" لتحليلات وبحوث الطاقة، إلى أن مخزون الوقود في أوروبا وسنغافورة والولايات المتحدة، ازداد بنحو 27.5 مليون برميل في أول أسبوعين من السنة الجارية". ومن المتوقع أن يشهد مخزون الوقود مزيد من النمو في الأسابيع المقبلة، وهو اتجاه يتعزز بفعل ارتفاع أسعار النفط، الذي تؤكد "وود ماكينزي" أنه "يؤدي إلى تقليص شركات النقل البحري استهلاك الوقود من خلال خفض سرعة السفن، ويدفع بمحطات الكهرباء إلى استخدام مصادر طاقة أقل كلفة بدل من زيت الوقود".

ولفت تاجر أوروبي إلى أن "هوامش أرباح التكرير تبدو مزعزعة جدا، ويطلب الجميع من بعضهم بعض خفض معدلات التشغيل"، كذلك، تؤثر أسعار الخام أساس في كلفة تشغيل المصافي التي تستهلك ما يزيد على خمسة في المئة من اللقيم عند تشغيل وحداتها.

ومن المتوقع أن تتلقى هوامش أرباح المصافي دعم في الأشهر المقبلة، مع الإغلاق المقرر لأعمال الصيانة قبيل ذروة الطلب خلال الصيف. لكن ذلك من المرجح أن يضع مزيد من الضغط على أسعار الخام مع انحسار الطلب، في وقت ستتاح إمدادات من النفط الخام، ويتوقع أن تؤدي القائمة الكبيرة من المصافي التي ستغلق لأعمال الصيانة في الشرق الأوسط هذه السنة، خصوص في السعودية، إلى سحب كميات كبيرة من الوقود من السوق، ما يعزز هوامش الأرباح على مستوى العالم.

وفي آذار (مارس)، ستتوقف طاقة تكريرية تبلغ أكثر من 900 ألف برميل يومي في الشرق الأوسط، وفق لتقديرات "إنرجي أسبكتس"، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى العمل في مصفاة "ينبع" في المملكة والتي تبلغ طاقتها 400 ألف برميل يومي . وقال ليتش من "وود ماكينزي" إن "توقعاتنا تشير إلى أن أسعار الخام بلغت ذروتها وتتجه نحو الانخفاض".