الاقتصاد الأميركي

أعلنت وزارة التجارة الأميركية، الجمعة، عن نمو اقتصاد البلاد خلال الربع الثالث من العام الجاري، بمعدل 3 في المئة، رغم الخسائر الناجمة عن الأعاصير القوية التي ضربت ولايتي تكساس وفلوريدا الأميركيتين خلال الشهرين الماضيين.
 
وجاء نمو الربع الثالث مدفوعًا بالإنفاق الاستهلاكي وتشييد المشاريع التجارية علاوة على إنفاق الحكومة الاتحادية، وفقًا لما قاله مكتب التحليل الاقتصادي الاتحادي الأميركي، وكانت أعمال البناء وإعادة الإعمار قد بدأت في الولايات الأميركية بعد فترة اضطراب سريعة لنشاط الاقتصاد المحلي في ولاية تكساس بسبب إعصار هارفي في أغسطس/ آب الماضي، وفي ولاية فلوريدا بسبب إعصار إيرما في الشهر الماضي.
 
ويقل نمو الربع الثالث عن نمو الربع السابق عليه من العام الجاري ولكن بشكل طفيف، حيث سجل الأخير 3.1 في المئة، بينما تبدو أحدث مؤشرات النمو الأميركي متفوقة على معدلات الأشهر الثلاثة الأول من العام 2017، التي سجل فيها النمو 1.2 في المئة فقط، ويمثل النمو في الفترة من أبريل/ نيسان إلى سبتمبر/ أيلول أقوى فصول متعاقبة من النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة منذ عام 2014.
 
ويتباهى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن الاقتصاد تحت إدارته تجاوز مستوى نموه معدل الثلاثة في المئة، الذي لم تتجاوزه إدارة باراك أوباما خلال ثمانية أعوام، متوقعًا أن يظل اقتصاد بلاده على الوتيرة نفسها خلال بقية العام، لكن هناك اقتصاديون يتوقعون أن يقتصر النمو خلال الربع الجاري على 2.8 في المئة.
 
كثير من الوظائف
ويبلغ معدل البطالة الأميركي في الوقت الجاري أدنى مستوياته منذ 16 عامًا، وهو ما يعكس التعافي النسبي لأكبر اقتصاد في العالم، وأشاد ترامب بقدرة الاقتصاد على توفير الوظائف في الوقت الجاري، قائلًا في مقطع فيديو: "اعملوا بجد، لدينا كثير من الوظائف الآتية إلى بلادنا، اخرجوا واحصلوا على وظيفة جيدة، والأجور آخذة في الارتفاع والاقتصاد قوي... استمتعوا".
 
واعتبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، الجمعة، أن "الثقة الاقتصادية آخذة في الارتفاع"، مضيفة أن "محرك الاقتصاد الأميركي يدور والرئيس على استعداد لضخ الوقود الصاروخي من خلال إصلاحات وتخفيضات ضريبية ضخمة".
 
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن جمهوريين "من حزب الرئيس ترامب" يرون أن مؤشرات النمو الأخيرة تعكس ميل رجال الأعمال للتوسع في الإنفاق مع توقعاتهم بتخفيض ضرائب الشركات، وهو ما يعد بنظرهم دليلًا على قدرة الاقتصاد على النمو بوتيرة أسرع من التوقعات الحالية لأدائه.
 
وتطرح إدارة ترامب حزمة من الإصلاحات الضريبية توصف بأنها أكبر خطة خفض ضريبي في تاريخ البلاد، التي رغم إمكانية تأثيرها سلبًا على الإيرادات العامة لأميركا لكن الرئيس يطمح في أن تلعب دورًا في تعزيز النمو الاقتصادي في البلاد، إلا أن بعض الاقتصاديين يرون عدم وجود رابط واضح بين الاتجاه لتخفيض الضرائب ومعدلات النمو الأخيرة.
 
كما تنقل "نيويورك تايمز" عن سكوت أندرسون، كبير الاقتصاديين في بنك أوف ذا ويست، الذي يقول: "لو أن هناك أحدًا يستحق التقدير على هذه الأخبار الجيدة فهي رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي، جانيت يلين".
 
وكان مجلس الاحتياطي قد رفع أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين من صفر في المئة تقريبًا إلى أكثر قليلًا من 1 في المئة، في إطار اتجاهه للتخارج من الإجراءات الاستثنائية التي اتبعها لاحتواء صدمة الأزمة المالية في 2008، واتجه في هذا السياق أيضًا إلى تقليص حجم محفظته من السندات هذا الشهر، التي بلغ حجمها 4.5 تريليون دولار وتم ضخها في الأسواق خلال الأعوام الماضية لتعزيز الاستثمار.
 
وإن كانت إجراءات التخارج من تدابير الأزمة المالية تعكس تعافي الاقتصاد، لكن معدل التضخم المستند إلى الاستهلاك ما زال أقل من المستوى المستهدف بالنسبة لمجلس الاحتياطي الاتحادي، حيث بلغ 1.3 في المئة خلال الربع الثالث مقابل مستوى مستهدف عند 2 في المئة.
 
من يخلف يلين؟
وبينما تترقب الأسواق الإعلان عن اسم رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الجديد، قال ترامب، إنه اختار مرشحه لهذا المنصب وسيعلن اسمه الأسبوع الجاري، مضيفًا "الناس ينتظرون بفارغ الصبر قراري بشأن هوية الرئيس المقبل للاحتياطي الفيدرالي... سيكون شخصًا آملًا في أن يقوم بعمل رائع".
 
وتسارعت خلال الأسابيع الأخيرة وتيرة البحث عن رئيس للاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وذلك مع اقتراب انتهاء ولاية جانيت يلين "71 عامًا" مطلع فبراير/ شباط بعد أربعة أعوام على تعيينها في هذا المنصب في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
 
ويتمتع الرئيس الأميركي بصلاحية تعيين رئيس الاحتياطي الفيدرالي، الذي لا يقرر السياسة النقدية للبلاد فحسب، بل يتولى مراقبة أسواق المال وضبطها أيضًا، ويفترض أن يثبت مجلس الشيوخ هذا التعيين بعد ذلك، ونظرًا إلى المهلة التي يحتاج إليها تأكيد تعيينه، يُعلن عن اسم المرشح لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي في أكتوبر/ تشرين الأول عادة ليتسلم منصبه في بداية فبراير.
 
ورئيسة الاحتياطي الفيدرالي نفسها ليست مستبعدة من لائحة المرشحين، إذ إن ترامب أكد مرارًا أنه "يحب" يلين، وبالإضافة إلى جانيت، طُرحت أسماء شخصيات أخرى لتولي المنصب بينها الخبير الاقتصادي في جامعة ستانفورد جون تايلور، واضع "قاعدة تايلور" وهي صيغة لتحديد معدلات الفائدة النقدية تثير إعجاب كثير من الجمهوريين.
 
وذُكر أيضًا في الأسابيع الأخيرة اسم كبير اقتصاديي البيت الأبيض غاري كون "57 عامًا"، وكيفن وارش المصرفي السابق في مورغان ستانلي والحاكم السابق في الاحتياطي الفيدرالي، مرشحَين لتولي رئاسة الاحتياطي الفيدرالي.