صندوق النقد الدولي

توقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد الأوروبي انتعاشًا ملحوظًا بنهاية العام الحالي 2017، ليصل معدل النمو في الاقتصادات الأوروبية إلى 2.4 في المائة، مرتفعًا من مستوى 1.7 في المائة العام الماضي، ما قد يعزز من فرص نمو الاقتصاد العالمي، إلا أنه حذر من أنه يجب على الاقتصادات الأوروبية أن تستخدم قوتها النسبية للتخطيط للمخاطر طويلة الأجل، التي تشمل إمكانية إجراء مفاوضات بطيئة ومعقدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي من شأنها التأثير على بريطانيا وعلى دول الاتحاد الأوروبي.

وذكر صندوق النقد الدولي في تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي لدول أوروبا ومنطقة اليورو" الصادر الإثنين، أن هذا النمو في دول القارة الأوروبية يعزز من توقعات النمو العالمية التي تصل إلى 3.6 في المائة خلال العام الحالي، وأشار إلى أن جميع الاقتصادات الأوروبية تنمو، وأصبحت القارة محركًا للتجارة العالمية، ولكن يجب على الدول أن تفسح مجالًا في ميزانياتها للمناورة، حتى تتمكن من الحفاظ على اقتصاداتها في الأوقات الصعبة"،  وحذر الصندوق من أن الكثير من الدول الأوروبية، بعد تعافيها من الأزمة المالية في عام 2008 ما زال لديها متكئًا رقيقًا متراكمًا من أجل يوم عاصف، مع ضعف نمو الإنتاجية واستمرار وجود قروض معدومة.

وأضاف أن ارتفاع أعمار المواطنين، ونشر الحمائية، والتوترات الجيوسياسية وقلة التصدير بسبب الانكماش في الصين، كلها تزيد من المخاطر التي تهدد النمو طويل الأجل،  وقال يورغ ديكريسين، نائب مدير إدارة القارة الأوروبية لصندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحافي عقده في سراييفو للإعلان عن الإطلاق الرسمي للتقرير، إن الفجوة في معدلات النمو بين دول منطقة اليورو التي تضم 19 دولة خلال هذا العام تعد الأقل في قرابة العقدين، مشيرًا إلى أن الانتعاش في الكثير من بلدان أوروبا أصبح الآن أكثر قوة وتزداد وتيرته، ولافتًا إلى أن المنطقة استفادت على مدار سنوات من إجراءات التحفيز النقدي غير المسبوق الذي ساعد على خفض البطالة وتعزيز الاستهلاك الخاص،  إلا أن التقرير حذر، في الوقت نفسه، من أن "استمرارية الانتعاش لا تزال موضع تساؤل على المدى الطويل"، وسط اتجاهات سكانية سلبية وانحسار في الإنتاجية، منبهًا إلى أنه على المدى القريب هناك "مخاطر صعودية.

وأشار نائب مدير إدارة أوروبا إلى أنه يمكن أن يكون هناك انتعاش أقوى على الصعيد العالمي، إلا أن ذلك يحتاج إلى انتعاش أكبر للطلب المحلي داخل أوروبا، خصوصًا في اقتصادات أوروبا الشرقية التي تشهد نموًا سريعًا في الأجور،  وقال الصندوق إن الاقتصادات المتقدمة ذات الدين العام المرتفع - التي تشمل بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا - تحتاج إلى تخفيض ديونها "دون المساس بالتنامي الاقتصادي".

وأضاف أن ألمانيا وهولندا والسويد، وهي ثلاث دول "تتمتع بقدرٍ كافٍ من القدرة على المناورة في ميزانياتها، يجب أن تهدف إلى رفع النمو، من خلال زيادة الاستثمارات العامة في البنية الأساسية والسكن ودمج المهاجرين،  ووفقًا للتقرير، فإن تحسن الطلب في أوروبا يعزز التجارة العالمية، حيث إن مساهمة أوروبا في نمو واردات السلع العالمية في 2016 - 2017 تعادل مساهمة الصين والولايات المتحدة مجتمعة، وأبرز التقرير أن اقتصاد بريطانيا قد يسجل أداءً أقل مقارنة بباقي دول في المنطقة، في ظل تباطؤ الطلب ومعدلات الاستهلاك بعد أن أدى انخفاض الجنيه الإسترليني واسع النطاق عقب قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتبعات هذا القرار وحالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إلى ارتفاع التضخم وتقلص الدخول الحقيقية.

وأوضح التقرير أن ارتفاع وتيرة النمو في أوروبا من شأنه أن يحدث ضغوطًا تضخمية بعد أن واجهت الكثير من الاقتصادات المتقدمة سنوات طويلة مع انخفاض الأسعار، مشيرًا إلى أن ثغرات الإنتاج في الدول المتقدمة في أوروبا آخذة في التراجع، وهو الأمر الذي يعد نقطة نجاح تحققت إلى حد كبير في اقتصادات أوروبا الناشئة،  وأوصى التقرير بضرورة عدم إسراع صانعي السياسات في وقف التحفيز النقدي، وأن تتحلى البنوك المركزية بالصبر، وأن يسمحوا لموجة الانتعاش لأن تستمر، وأن تكون البنوك المركزية مستعدة لسحب التحفيز تدريجيًا في حالة تسارع نمو الأجور.