البنك الدولي

كشف تقرير صادر عن البنك الدولي، أمس الثلاثاء، أن حجم الثروة العالمية ارتفع بشكل كبير خلال العقدين الماضيين، غير أن الكثير من الدول ذات الدخول المختلفة شهدت تراجعاً ملحوظاً في نصيب كل فرد من الثروة القومية.

وأوضح التقرير الذي يحمل عنوان "التغير في ثروة الأمم 2018" أن ارتفاع ثروة الأمم خلال العقدين الماضيين لم يصاحبه ارتفاع مماثل لنصيب الفرد من ثروة بلاده، وقد يرجع ذلك إلى الكثير من الأسباب، أهمها الزيادة المستمرة في عدد السكان في الكثير من دول العالم بنسبة تفوق مقدار الزيادة في الثروة القومية للدول، وهو ما خلق فجوة بين مستوى ثراء الدول ونصيب الفرد من هذا الثراء.

ولم يعتمد تقرير البنك الدولي في تحليلاته فقط على الأدوات التقليدية لقياس حجم الثروة في دول العالم، ومقارنتها بنصيب الفرد، كما كانت الحال خلال الفترة الماضية، فقد اعتمد التقرير بالأساس على استخدام الثروة في قياس مدى التقدم الاقتصادي، واستدامة النمو في دول العالم. وكشف التقرير، الذي يقيس مستوى التغير في ثروة 141 دولة خلال الفترة ما بين أعوام 1995 وحتى 2014، أن رأس المال البشري يمثل المكون الأكبر في القيمة الإجمالية لثروة الدول، فيما تبلغ نسبة مساهمة رأس المال الطبيعي (المعادن، والغابات، وكافة الموارد الطبيعية التي تذخر بها الدول) ما يقرب من 50 في المائة من إجمالي الثروة القومية في الدول منخفضة الدخل.

واعتمد التقرير في قياساته على عدة مكونات تتضمن: إجمالي الموارد الطبيعية للدول من خلال 19 نوعاً من رأس المال الطبيعي، ويتضمن ذلك كل ما يوجد في باطن أو على سطح الأرض من موارد طبيعية داخل الحدود الجغرافية لكل دولة، بما في ذلك ما تحويه البحار والأنهار؛ وإجمالي رأس المال البشري، ويتضمن إجمالي المكاسب التي يتحصل عليها الفرد طوال فترة حياته... وهذه هي المرة الأولى التي يعتمد فيها البنك الدولي على أدوات صريحة لقياس مدى مساهمة العنصر البشري في الثروة القومية. كما تتضمن المكونات رأس المال المنتج، ويشمل كافة المباني والمؤسسات التي أنشأتها الدولة أو مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها الحكومات، والتي أصبحت تحتل جزءاً كبيراً من الموازنات العامة للدول حديثاً. وأيضاً إجمالي الأصول الأجنبية في خزائن الدولة، ويشمل ذلك حجم الاحتياطي النقدي بالبنوك المركزية وإجمالي قيمة السندات، وأصول الخزانة الأجنبية التي تشتريها الدولة من الدول الأخرى، فضلاً عن إجمالي نصيب الدولة في المؤسسات والشركات الأجنبية الموجودة في دول أخرى.

وأضاف التقرير أن السنوات الماضية شهدت تغيرات في مكونات ثروة الأمم. ولذلك لم تقتصر أدوات القياس فقط على الموارد لطبيعية وحجم الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى أن مؤشر الناتج المحلي يمثل عنصراً حيوياً في قياس مستوى التقدم الاقتصادي للدول، لكنه لا يعكس التغيرات في حجم الأصول القومية التي تمتلكها الدول وتشكل ثروتها القومية. وأضاف أن الاعتماد بشكل منفرد على الناتج المحلي قد يؤدي إلى نتائج وعلامات مضللة حول حالة الاقتصاد الوطني، كما أنه لا يعكس حجم الإهلاك للأصول المستخدمة، وكذلك مستوى نضوب الموارد الطبيعية بمرور الزمن. وأشار التقرير إلى أن الطريقة الأفضل لقياس مستوى الأداء الاقتصادي لأي دولة هو قياس نسبة التغير في ثروتها القومية.

وأكد التقرير أن الاستثمار في العنصر البشري، وتقويته، يساعد الدول في جميع أنحاء العالم في زيادة حجم الثروة القومية وتعزيز النمو الاقتصادي بشكل كبير. من جانبه قال رئيس مجموعة البنك الدولي، جيم يونغ كيم، إنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية حقيقية مستدامة إذا لم تنظر الدول إلى العنصر البشري، باعتباره المكون الأكبر في ثروتها القومية.