وزير المال أنطون سيلوانوف

توصّل الكرملين وشركات روسية كبرى، حققت أرباحًا طائلة، إلى اتفاق بشأن آليات محددة للاستفادة من تلك الأرباح، عوضًا عن اقتراح سابق ينص على سحبها لصالح الخزينة، وتحويلها لاحقًا لتمويل خطة بوتين الاقتصادية، وهو الاقتراح الذي أثار مخاوف بالغة في الأسواق الروسية وبين الأوساط الصناعية والاستثمارية خلال الفترة الماضية.

وشهد مقر اتحاد الصناعيين والتجار الروس نهاية الأسبوع الماضي اجتماعًا شارك فيه أندريه بيلاأوسوف، معاون الرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية، ووزير المال أنطون سيلوانوف، ووزير التجارة والصناعة دينيس مانتوروف، بالإضافة إلى ممثلي 14 شركة روسية تعمل في مجالات التعدين والصناعات التحويلية، وتعتمد في نشاطها التجاري على تصدير منتجاتها إلى الأسواق الخارجية .

وكان الاجتماع مكرسًا لبحث آليات توافقية للخروج من وضع معقد نشأ على خلفية اقتراح عرضه بيلاأوسوف على الرئيس الروسي، ويدعو فيه إلى سحب نحو 500 مليار روبل أي أكثر من 8 مليارات دولار، عبارة عن أرباح إضافية زيادة عن الخطة المالية ,حققتها تلك الشركات، نتيجة هبوط سعر الروبل أمام الدولار.

وتشير التصريحات عقب الاجتماع في مقر الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار إلى تراجع معاون الرئيس الروسي عن دعوته لسحب الأرباح الإضافية من 14 شركة روسية، والنظر في آليات أخرى يمكن عبرها الاستفادة من تلك الأرباح في تمويل مشاريع ضمن خطة بوتين للتنمية الاقتصادية، من دون إلحاق ضرر بعمل تلك الشركات ووضعها المالي في السوق. وتم الاتفاق في هذا السياق على بحث إمكانية توجيه تلك الأرباح لتمويل مشاريع استثمارية في البنى التحتية و"الاقتصاد الرقمي" والبيئة، وغيرها من مجالات.

وقال ألكسندر شوخين، رئيس الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار "بحثنا خطة العمل المشتركة بين السلطات وقطاع الأعمال بشأن تكثيف النشاط الاستثماري للشركات، وقبل كل شيء عن كيفية تنفيذ الشركات لخططها الاستثمارية، ونواياها للأولويات التي عبرت عنها مراسيم مايو /أيار"، وأضاف "اتفقنا على إيجاد آليات فعّالة، وتحديد قائمة المشاريع، بغية جذب اهتمام قطاع الأعمال للمشاركة في تنفيذها، من دون الإضرار بمصالح الشركات نفسها".

وأكّد بيلاأوسوف عقب الاجتماع مع ممثلي الشركات الروسية، الاتفاق على تشكيل لجنة عمل تقوم بتحديد المجالات ضمن نشاط الدولة التي قد تكون محط اهتمام قطاع الأعمال، ليكثف استثماراته فيها. وبعد أن كان يدعو إلى سحب نصف تريليون روبل تقريبًا، تغير موقفه عقب الاجتماع، وعبر عن أمله بجذب نحو 200 إلى 300 مليار روبل، استثمارات في مشاريع هامة، من الشركات الروسية التي حققت أرباحا إضافية، وقال إن 500 مليار روبل التي تم ذكرها سابقًا هي "الحد الأعلى" للاستثمارات المتوقعة، وأضاف: "أعتقد أنه إن وصلنا حتى تأمين موارد بنحو 200 إلى 300 مليار روبل على حساب الشركات، ستكون هذه النتيجة جيدة".

وكان بيلاأوسوف حريصًا على طمأنة الشركات الروسية بأنه لن يتم فرض ضرائب إضافية عليها، وقال: "ليس من الصواب أن نقوم بهذا (نسحب الأرباح من الشركات للاستثمار) من خلال الضرائب، بينما تبدي الشركات بنفسها استعدادا للمشاركة في جدول الأعمال". وأكد بعد ذلك أنه "لن تكون هناك أي إجراءات إلزامية لدفع قطاع الأعمال للمشاركة في تلك المشاريع".

إلا أن بعض المشاركين في الاجتماع رأوا في هذا الكلام نوعًا من "اللعب"، ونقلت صحيفة "آر بي كا" الروسية عن مصدر من واحدة من الشركات الروسية قوله إن ما جرى كان مثل اللعب إذ "يطالبون في البداية بالحد الأقصى، ومن ثم يعملون لإيجاد حل وسط".

و حرص وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف على طمأنة الصناعيين الروس، وقال إن "الأموال التي دار الحديث عنها خلال الاجتماع هي أموال الشركات الروسية، ولا ينوي أحد سحبها.

ستقوم الشركات نفسها باستثمار تلك الأموال في مشاريع مثيرة لاهتمامها"، وأكد أن الحكومة ستعمل على "توجيه الشركات نحو المشاريع الاستثمارية المربحة"، وأنها مستعدة إلى دراسة تدابير لتحفيز الاستثمارات التي يدور الحديث عنها، مثل تقديم قروض بسعر فائدة متدنٍ للشركات التي تقرر المساهمة في تلك المشاريع،بالإضافة إلى امتيازات أخرى.

و لم يتضح بعد موقف الشركات الروسية المطالبة بتحويل أرباحها الإضافية لتمويل مشاريع استثمارية من اقتراح الكرملين بشأن تكثيف نشاطها الاستثماري، عوضًا عن سحب أرباحها الإضافية.

وشّكل الاجتماع ونتائجه، في الوقت الراهن خطوة أولى لتفادي أزمة بين الكرملين والصناعيين الروس، تبلورت معالمها بشكل واضح، وأخذت تتصاعد حدتها، منذ مطلع أغسطس /آب الجاري، حين كشفت وسائل إعلام روسية عن رسالة وجهها أندريه بيلاأوسوف، معاون الرئيس الروسي، للرئيس بوتين يقترح فيها سحب أرباح الشركات لتمويل مشاريع في إطار تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية خلال السنوات الست القادمة.

و أدى الكشف عن تلك الرسالة إلى هبوط في قيمة أسهم الشركات المدرجة ضمن رسالة بيلاأوسوف، عبر صناعيون روس عن رفضهم للاقتراح، وحذر الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار الروس من أن سحب الأرباح الإضافية سيؤدي إلى هروب جماعي للمستثمرين من السوق الروسية، ولن يساعد في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الروسي. كما تحفظت الحكومة الروسية على الاقتراح.