المواد الاستهلاكية في رمضان

مع اقتراب شهر رمضان الكريم وعد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بأن يتم العمل على التخفيض في أسعار المنتوجات الاستهلاكية وبالتصدي لارتفاع أسعار الخضر والغلال واللحوم لتصبح أكثر تلاؤما مع المقدرة الشرائية للتونسي، وتنكب الحكومة في الوقت الحاضر على إعداد برنامج للتحكم والسيطرة على ارتفاع الأسعار وتوفير احتياجات المواطن خلال شهر رمضان.

وتم خلال الأسبوع الماضي اتخاذ جملة من الإجراءات لمراقبة وتزويد الأسواق التونسية من أجل المزيد من التخفيض في أسعار المواد الغذائية الأولية، وتتواصل جهود حكومة الوحدة الوطنية لتعديل الأسعار وجعلها في مستوى المقدرة الشرائية للمواطن.

وأسفرت اللقاءات والاجتماعات الأولية عن اتفاق مع مسؤولي المساحات التجارية الكبرى من أجل التخفيض في أسعار عدد من المواد الغذائية.

تراجع المحاصيل الفلاحية بـ40 في المئة
وتجدر الإشارة إلى أن أسعار المواد الغذائية الأولية في الأسواق التونسية ارتفعت بشكل لافت للأنظار في الفترة الأخيرة، ويتزامن غلاء الأسعار في تونس مع أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.

ويعزى ارتفاع الأسعار إلى عدم توفر البعض من المنتجات الزراعية في غير موسمها المعتاد واعتماد موزعين مسالك غير قانونية لتزويد السوق بمنتجاتهم، حيث يشتكي تجار من انتشار الأسواق العشوائية، ويعتبرونها سببا في غلاء الأسعار.

يذكر أن المحاصيل الفلاحية في تونس، تراجعت خلال السنوات الأخيرة، بنسبة 40 في المئة بسبب الجفاف ونقص كميات الأمطار، مما أثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية.

ومن شأن تلك الإجراءات الجديدة التصدي لموجة غلاء محتملة خلال شهر رمضان المقبل وموسم الصيف، حيث تعرف الأسواق التونسية في كل سنة ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الأساسية خلال شهر رمضان خاصة، وتدعم منظمة اتحاد الفلاحين في تونس مساندة جهود الدولة لتفادي أزمة نقص السلع أو ارتفاع أسعارها، من خلال توفير المنتجات اللازمة بالقدر الكافي في أسواق البلاد.

وأعدت وزارة التجارة برنامجا لتعديل سوق اللحوم الحمراء بتوريد 600 طن من لحوم الأبقار المبردة شهريا حتى أغسطس المقبل. وقالت الوزارة إنه يمكن مراجعة هذا البرنامج حسب حاجة السوق، مع تحديد سعر البيع للتجار وللمواطنين.

وبدأت وزارة الفلاحة حملات مراقبة مكثفة على مسالك التوزيع والأسواق والتجارة الموازية، كما تم إحداث لجنة حكومية لمراقبة وتحديد الأسعار من الإنتاج إلى التوزيع.
 
تأثر الأسعار بانهيار الدينار
وحول هذا الموضوع قال سليم سعد الله رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، إن نحو 45 في المئة من المنتجات الفلاحية تباع في الأسواق الموازية، ولا يدخل سوق الجملة سوى ما يقارب 50 في المئة من هذه المنتجات.

وعمق الأزمة الاقتصادية في تونس انهيار قيمة الدينار، مما يفتح الباب على توقعات تقول بإمكانية تأثير ذلك على أسعار المواد الأساسية. ودعت قطاعات واسعة إلى استهلاك البضائع التونسية لدعم الاقتصاد المحلي والتصدي لغلاء أسعار متوقع.

وأكد الخبير الاقتصادي عز دين سعيدان أن انهيار قيمة الدينار التونسي سيتسبب في ارتفاع أسعار المواد المستوردة والمرتبطة مباشرة بالاستهلاك على غرار الزيت النباتي والسكر، ومواد أخرى مثل المواد التي تستهلك في صناعة الملابس، مما سيزيد من تدهور المقدرة الشرائية للمواطن.

وقال إن "انزلاق الدينار سيؤثر سلبا على ميزانية الدولة، من حيث تسديد الديون الخارجية وتسديد نفقات الدعم. وتمثل المواد المدعمة من قبل الدولة نحو 20 في المئة من استهلاك العائلات التونسية". وتحول غلاء المعيشة غير المسبوق في تونس إلى سجالات سياسية وشعبية. ووجهت الانتقادات للحكومة التونسية حول عدم امتلاكها وسائل فعالة لمواجهة موجة ارتفاع الأسعار والتخفيف من حدة السخط الشعبي مع تدني المقدرة الشرائية للمواطن.

ويتم الالتجاء عادة خاصة خلال شهر رمضان إلى ما يسمى بنقاط البيع من المنتج إلى المستهلك وهي مراكز بيع حكومية تبيع بأسعار أقل مما هو متداول خارجها، في محاولة لمواجهة جشع التجار والمضاربين. وأثمرت نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك نتائج إيجابية، لكنها غير كافية لسد احتياجات الملايين من التونسيين.

ويطالب التونسيون بضرورة إطلاق حملة وطنية لمراقبة الأسعار والحد من عدد المتدخلين بين المنتج والمستهلك ومحاربة الاحتكار. كما طالبوا بضرورة دعم الموارد البشرية والمادية لفرق المراقبة بوزارة التجارة وتشجيع الفلاحين على تسويق إنتاجهم عبر المسالك القانونية والشفافة.​