اليونيسكو

أظهر التقرير البحثي الصادر عن شبكات الشباب المتوسطي NetMedYouth الذي تنفذه اليونيسكو بتمويل من الاتحاد الأوروبي جلياً مقدار الفشل الكامل في تعاطي الفضائيات الفلسطينية مع أكبر فئة اجتماعية ألا وهي الشباب.

وكشف تقرير الرصد عبر احتفال جماهيري في جامعة بيت لحم جنوب الضفة الغربية اختص بثلاث قنوات فضائية وهي: «معاً» (مستقلة) و «الأقصى» و «فلسطين» (حزبيتان)، غياب تأثير مئات الورش والدورات والتوصيات التي طالبت منذ سنوات بالعمل الجاد على إيلاء الشباب وقضاياهم في وسائل الإعلام المختلفة وبالأساس منها الفضائيات، الاهتمام. إلا أن هذه التوصيات والاقتراحات ذهبت أدراج الرياح وفق ما تظهر النتائج.

جولة في أبرز محاور التقرير تكشف الفجوة البائنة بين الإعلام والشباب، فالشباب غائبون حتى لو استخدم التقرير صيغة «ممثلون تمثيلاً ناقصاً في محتوى وسائل الإعلام الجماهيرية»، فالحضور الأكبر على الشاشات هو للفئات العمرية من 36 فما فوق، والأرقام تقول أن الشاشات الثلاث تركز على الشباب في موادها المعروضة بنسبة 4 في المئة فقط.

هذه النسبة الصادمة تحضر في مجتمع نسبة الشباب فيه تقارب الـ35 في المئة من نسبة السكان. غير أن المفارقة كانت في أن الشباب حاضرون بقوة في المهن الإعلامية لكنهم، كما يبدو، لا يؤثرون في شكل ملحوظ في ما تنتجه وسائل الإعلام أو تبثه، إذ أشارت الأرقام إلى أن 42 في المئة هي نسبة العاملين الشباب في القنوات التلفزيونية من إجمالي العاملين، وهي نسبة إن قمنا بردها إلى طبيعة المحتوى المنتج وبعده عن قضايا الشباب نكتشف أن حضورهم في الفضائيات ما هو إلا واجهة فقط.

ومما كشفه التقرير أن الفضائيات الثلاث لا تنظر للشباب على أنهم مصدر موثوق للمعلومات، إذ يحضر الشباب (19 – 35 سنة) في البرامج بنسبة 7 في المئة فقط. وجاء في تحليل الدراسة أن المسؤولين عن المحتوى في الفضائيات الثلاث يبنون افتراضات تفيد بأن الشباب لا يهتمون إلا بالموضوعات الترفيهية فقط (فن ورياضة)، إذ يسجل أضعف حضور لهم في الموضوعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأمام هذه الأرقام الصادمة ليس غريباً إطلاقاً أن يبتعد أكثر من مليون شاب فلسطيني عن المحتوى الذي تقدمه الفضائيات، حيث يصولون ويجولون في شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا حقهم، فليس من المنطقي أن تطالب فئة بمتابعة فضائيات لا تراها ولا تهتم بتمثيلها. إن التمثيل الناقص أو الحضور النادر للشباب في الفضائيات المدروسة وعموم وسائل الإعلام الفلسطينية وحتى العربية ينطوي على حالة من العمى، واللاعتراف بهم، وهذا شكل من أشكال متعددة من الإقصاء، وهو عكس الدور الجوهري الذي يفترض أن تقوم به وسائل الإعلام، فتمثيل الشباب وحضورهم في وسائل الإعلام مرتبط بالحوار المجتمعي العام، وبمدى تمكن كل فرد من إسماع صوته والمشاركة في بناء نموذج التمثيل المشترك داخل المجتمع، ومن هنا يفترض أن يمنح الشباب المساحة الكافية للتعبير عن أنفسهم كوسيلة للانخراط في الحياة العامة، ووسائل الإعلام تعتبر منبراً مهماً لذلك.

تتعالى تلك الحقيقة في ضوء إدراكنا آثار وسائل الإعلام على المجتمع، فما يعرض فيها يُرى وما لا يعرض غالباً لا يُرى. ولكن، وبعد كل ذلك، هل هناك متسع لسؤال بعلامة تعجب: ومن قال أن الفضائيات ودوراتها البرامجية في فلسطين تبنى على الجمهور واحتياجاته وتحديداً من فئة الشباب؟