إسراء البابلي أول طبيبة أسنان مصرية

يثبت لنا الواقع أنه بعيدًا عن الشعارات، ثمة أشخاص قادرون على تجاوز العقبات وجعل الألم دافعًا للتقدم والإبداع.حلمت الدكتورة إسراء البابلي بالمستحيل وحققته على الرغم من صعوبة الظروف، لتصبح أول طبيبة أسنان في مصر فاقدة لحاسة السمع , وواصلت صعود سلم الطموح لتُكلل قصة نجاحها بأن تكون أول متحدثة فاقدة لحاسة السمع في الأمم المتحدة.

أقرأ أيضا:"الغارمات" المصريّات في السجون لعدم قدرتهنّ على تسديد الدَين

ذات يوم، عندما كان عمر إسراء أحد عشر شهرًا، بدأ والدها الشك في أن هناك مشكلة في حاسة السمع ليها، ليؤكد الأطباء بعد إخضاعها للكشف أنها فاقدة لحاسة السمع , وتقول إسراء لـمصادر إعلامية  "أثناء طفولتي المبكرة لم أدرك أن لدي مشكلة خلال اللعب واللهو مع أفراد الأسرة، وكل ما كان يلفت انتباهي هو وجود شيء ما في أذني، بخاصة عندما يركز أحد النظر أو يشير إلى السماعة الطبية , ومع مرور الوقت فهمت أن هناك مشكلة، وتعاملت معها مثل أي طفلة تشعر بضيق أحيانًا، وأحيانًا أخرى يتم امتصاص الغضب بالثناء والتشجيع أو اللهو بلعبة".

تضيف إسراء "تصبح الأمور مع الوقت أكثر تعقيدًا، فمستوى الإدراك يتغير ويصير الأصمّ في حاجة إلى تدريب يجنبه أن تذرف الدموع بشكل يومي أمام من جرحه، أو أمام أسرة تبذل كل الجهد لإسعاده".

*الصدمة الأولى

تعود إسراء بالذاكرة إلى الماضي وتتذكر أول صدمة واجهتها في حياتها "صدمت بقسوة المجتمع عندما التحقت بالجامعة التي عرفت فيها أقسى سنوات عمري , بمجرد معرفة الزملاء والزميلات أنني فاقدة لحاسة السمع، فرضوا عليّ حالة من الإقصاء , وعند تكوين مجموعة بحثية لم يكن أحد يرغب في انضمامي إليها".

وتوضح إسراء:"أنا اعتمد على قراءة الشفاة ولغتي ليست سليمة بشكل كافٍ، وكان أكبر تحدٍ لي هو التعامل مع مكان إصدار الحروف، أي الفم , لذا قررت أن أكون أول طبيب أسنان يمارس المهنة وهو فاقد حاسة السمع".

واجهت إسراء بعد ذلك مشكلة عدم إتاحة المادة التعليمية مكتوبة بشكل كامل للاعتماد عليها في التحصيل العلمي، ومع ذلك بدأت الأمور تتحسن شيئًا فشيئًا في الجامعة عندما أدرك أحد الأساتذة مدى عمق المشكلة وأن فقدانها للدرجات يعود إلى عدم تمكنها من الحصول على المعلومات بشكل كامل، فوضع برنامجًا لها لتستطيع التحصيل بشكل جيد.


*واقع فاق التوقعات

بدأت إسراء بعد تخرجها من الجامعة الاستعداد لمرحلة جديدة وتحدٍ مختلف، ثم أنشأت عيادتها الخاصة في القاهرة، وفوجئت بأن كل توقعاتها الخاصة بتعامل المرضى معها جاءت على النقيض تمامًا.

تقول "منذ اليوم الأول كانت الأمور في العيادة تسير على أكمل وجه، ووجدت المرضى مرحبين بالتعامل معي، بل أصبحوا مروّجين للعيادة , وتجاوز عدد المترددين عليها600 مريض، حتى أني عأمل على مدار الأسبوع بما فيه يوم الجمعة".

تضيف إسراء "المريض يحتاج إلى طبيب مخلص ومتقن لعمله، لا يبالغ في الكسب المادي، ولا يشغل باله أن يكون الطبيب يضع سماعة طبية أو زُرعت له قوقعة".

وتصف إسراء أهم محطات حياتها بقولها "أجمل لحظات حياتي على الإطلاق هي تكريمي من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر الشباب , وقتها شعرت بأن القدر قدم لي هدية كبيرة في النهاية , عقب تكريمي، تواصلت مع الاميرة نسرين الهاشمي، لأكون أول متحدثة في تاريخ الأمم المتحدة فاقدة لحاسة السمع" , وفي قلب لحظات النجاح والإبداع، لا تنسى إسراء سندها الأول، عائلتها التي كانت قادرة على مواجهة التوتر والقلق، وامتصاص الضيق والإحباط، وتحويل هذه المشاعر إلى حافز للصمود ومواصلة الرحلة من دون إنكسار.

وقد يهمك أيضًا:بغداد والأمم المتحدة تتفقان على توثيق انتهاكات المرأة في العراق بعد 2003

بعثة الأمم المتحدة تؤكد أن التوسط يقف عائقًا أمام إنصاف النساء