الشاب محمد

كعادته اليومية، تهيأ محمد لاستقلال قطار الصباح من محطة دمنهور، في طريقه إلى كلية الهندسة التي يدرس بالفرقة الأولى بها، بصحة جسدية وابتسامة لا تفارق وجهه البشوش، فيما كان ينتظره مصير مروع.

وصل القطار، كان رصيف المحطة مكتظًا بالمسافرين، بالكاد استطاع محمد أن يجد له مكانًا على حافة بابه المفتوح، قبل أن يتحرك القطار من المحطة.

"القطر كان زحمة، مفيش موضع لقدم فيه، اتحرك ومشي مسافة مش كبيرة، وعند مزلقان المساحة، القطر اترج واتهز جامد، فرجلي اتزحلقت من مكانها، ووقعت بره، يدوب لحقت اتشعلقت في المقبض الحديد، بس رجلي جات تحت العجل، فضلت فترة بقاوم وأنا حاسس أن رجلي راحت، قبل ما أرمي نفسي جنب القطر"، يروي محمد تفاصيل الحادث الذي تعرض له.

التقط والد محمد أطراف الحديث، ويقول "مفيش اعتراض على إرادة الله، ربنا يصبره ويصبرنا، محمد حاليًا في فترة العلاج الأولى، وسمعنا أن فيه أطراف صناعية متطورة ممكن تساعده إنه يمشي على رجله بعد بتر قدميه، بس مكلفة ومحتاجة سفره للخارج علشان تتفصل على مقاسه".

"أنا أستورجي على قد حالي، وكافحت علشان أربي محمد وأخواته، والحمد لله عندي بنت متزوجة وواحدة تانية صيدلانية، ومحمد في كلية الهندسة، وأخوه في الثانوية العامة" بحزن تحدث والد محمد عن أوضاعه المادية التي تعوقه عن التكفل بمصاريف علاج ابنه.

ويقول عبد الرحمن شقيق محمد: "محمد كانت حياته كلها في لعب الكرة، كان لعيب كويس، وبيتمرن في أندية، لما دخل هندسة فضل إنه يركز في دراسته، ومع ذلك كان مواظب على اللعب دايمًا مع أصدقائه، هيبقى أمر صعب عليه جدًا إنه ما يلعبش كره تاني، ياريت نقدر نخفف آلامه شوية ونساعده يركب أطراف صناعية".

وقال عصام مهنا، المحامي بالنقض والدستورية العليا: " تقدمنا ببلاغ اليوم ضد وزير النقل ورئيس سكك حديد مصر بشخصيهما عن واقعة إهمال جسيم في السكة الحديد، نظرًا لوجود منعطف وميل واضح في منطقة مزلقان المساحة والتي شهدت حوادث متكررة لسقوط الركاب كان آخرها سقوط موكلنا محمد محمد سعد مهدي، الطالب بكلية الهندسة، و بتر ساقيه في الحال، و قيد المحضر برقم ٣٦ أحوال قسم دمنهور بتاريخ ١٨ ابريل ٢٠١٨.

رغم ما مر به من تجربة قاسية، يظل محمد متماسكًا، مصرًا على الاحتفاظ بابتسامته المميزة، رافضًا التخلي عنها لتظل هي السلاح الأقوى الذي يواجه به مصابه الأليم