الجمهور الياباني

تمتلئ عادةً مدرّجات الملاعب بنفايات الطعام والأكواب والأشياء المتناثرة هنا وهناك، وذلك بعد نهاية المباريات القوية في كأس العالم، ومِن المؤكّد أنّ الجمهور الياباني كان لديه سبب للاحتفال مساء الثلاثاء الماضي، بعد أن فاز منتخب بلادهم بالمباراة الافتتاحية له في المونديال أمام كولومبيا بهدفين مقابل هدف وحيد، ليكون هذا أول فوز للساموراي الياباني على أحد منتخبات أميركا الجنوبية.

وبعد أن أدّى المنتخب الياباني مهمته بنجاح داخل الملعب، كانت هناك مهمة أخرى للجمهور الياباني بالخارج تتمثل في تنظيف المقاعد التي كان يجلس عليها في المدرجات.

وظهر الجمهور الياباني وهو يمسك بحقائب قمامة كبيرة ويسير بين المدرجات ليجمع القمامة حتى يترك المكان نظيفا كما وجده تماما، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الجمهور الياباني بمثل هذه التصرفات، ودائما ما كان يظهر في المناسبات الكروية بسلوك رائع.

وقال سكوت ماكنتاير، صحافي متخصص في كرة القدم ومقيم في اليابان، لـ"بي بي سي": "إنها ليست مجرد جزء من ثقافة كرة القدم، لكنها جزء من الثقافة اليابانية".

ولم يفاجأ ماكنتاير، الموجود في روسيا الآن لمتابعة أخبار المنتخب الياباني، بسلوك الجمهور الياباني على الإطلاق، وقال: "غالبا ما نسمع الناس يقولون إن كرة القدم هي انعكاس للثقافة. يتمثل أحد الجوانب المهمة للمجتمع الياباني في التأكد مِن أن كل شيء نظيف تمامًا، وهذا هو الحال في جميع الأحداث الرياضية وبالتأكيد في كرة القدم أيضًا".

وشُوهد جمهور السنغال وهو يفعل الشيء نفسه في كأس العالم هذا العام، لكنّ اليابانيين هم من لهم الريادة في هذا المجال ومشهورون به الآن، وفوجئ العديد من الأجانب الذين يحضرون المباريات بسلوك الجمهور الياباني.

وقال ماكنتاير: "قد يتركون زجاجة أو بقايا طعام على الأرض، وفي كثير من الأحيان يجدون يابانيين يربتون على كتفهم ويطالبونهم بأن ينظفوا أماكنهم أو أن يأخذوها إلى المنزل لكن لا يستطيعون تركها هناك"، واكتسب اليابانيون هذه العادة منذ الطفولة المبكرة.

يقول سكوت نورث، أستاذ علم الاجتماع في جامعة أوساكا: "يعد تنظيف الأماكن بعد انتهاء مباريات كرة القدم امتدادا للسلوكيات الأساسية التي يجري تدريسها في المدارس، حيث ينظف الأطفال فصولهم المدرسية وممراتها".

وأضاف: "التذكير المستمر بهذه الأشياء طوال فترة الطفولة يحول هذه السلوكيات إلى عادات بالنسبة لكثير من السكان".