النساء في اليمن

من بيع العطور إلى العمل في محلات الملابس الرجالية والنسائية على حد سواء، تشهد الأسواق التجارية في صنعاء تزايداً ملحوظاً في إقبال الفتيات على العمل في محلات ومِهن ظلت إلى وقت قريب تُعرف أنها رجالية بحتة.وكان استمرار الحرب لعامها السادس، وانقطاع الرواتب، وتدنّي الوضع الاقتصادي، وتسريح الكثير من موظفي القطاع الخاص، وفقدان كثير من الأسر مصادر دخلها، قد دفع بكثير من النساء إلى موقع المسؤولية، فاجتهدن للبحث عن أعمال ومصادر دخل يساندن من خلالها أُسرهن، لتتوزّع أعمالهن بين الأشغال المنزلية كالطبخ والخياطة وطبخ البخور، إلى المشاريع الخاصة على اختلاف الخدمات التي تقدّمها.

حكم الضرورة

بعد انقطاع راتب أبيها المتقاعد، حاولت أميرة (25 عاما) البحث عن فرصة عمل في مجال دراستها في التربية، لكن الراتب الذي كانت تتقاضاه بالكاد يفي للمواصلات، ما اضطرها إلى العمل في الأشغال اليدوية في المنزل.

"كان العمل متعباً للغاية، والمردود بسيط جدا"، تقول أميرة التي كان تسويق منتجاتها من ملابس أطفال ومستلزماتهم هو العائق الأكبر في وجه استمراريتها، لتلجأ مؤخراً إلى السوق للعمل في أحد محال الحلويات في شارع 'الحُرية'.

صعوبة البدايات

كانت البداية صعبة بالنسبة لأميرة، فـمواجهة الشارع، وكون أغلبية زبائن المحل رجالا، شكّل لها صعوبة كبيرة في البداية، "لكن تواجد المرأة في مجال بيع الحلويات، الذي شهد توسعاً في اقتحام المرأة سوقه، وافتتاح العديد من المحلات الخاصة ببيع الحلوى التي تمتلكها وتديرها نساء ساعدها في تطبيع الوضع"،

في المقابل لم تزل أروى (23 عاما)  -نازحة من محافظة تعز- رغم مرور أشهر على مباشرتها العمل كباعئة للملابس في أحد محال الملابس الرجالية والنسائية، لاتزال غير قادرة على التكيّف مع عملها وطبيعته التي تتطلب جهداً كبيراً وأوقات دوام طويلة، تمتد من التاسعة صباحاً إلى التاسعة ليلاً.

طبيعة المجتمع.. صعوبة مضافة

تشكّل طبيعة المجتمع اليمني المحافظ حائط صد كبيرا في وجه الفتيات الراغبات بالعمل في مجالات لا يزال المجتمع يعتبرها حكراً على الرجال.

تقول أروى: "بعد جهود كبيرة في إقناع أهلي بالعمل، تفاجأت أن الناس أيضاً يرفضون فكرة أن تعمل فتاة في مجال كهذا، لكن الحاجة تجعل المستحيل ممكناً، وتجبر المضطّر على كسر كل الحواجز ما دامت من صنع العادات المتوارثة لا حكماً شرعياً، ولا تشكّل خطراً عليّ".

من جانبها، تؤكد لمياء عبدالله تخوّفها وعائلتها من ردة فعل المجتمع المحيط، الذي كاد يحكم على تجربتها في محل للعطور بشارع 'جمال' بالفشل، مع أول ردة فعل ساخرة، وانتقاد واجهتهه من أقاربها.. "لكن من ينتقدون عملنا وكسبنا من عرق جبيننا لن يطعمونا إذا جعنا"، تقول لمياء.

جهود أكبر.. رواتب أقلّ

"لا يُعرف بدّقة من كان صاحب أول مبادرة في تشغيل النساء، لكن -وبوقت قصير- كن قد حققن سُمعة جيدة، وأصحبن في موقع تقدير من أرباب عملهن"، يقول عبدالعزيز الدبعي (مالك محل ملابس).  

ويضيف عن تزايد فرصهن في العمل:  "كنا في البداية نتوقّع عدم نجاحهن في المهنة قبل أن يثبت العكس، من خلال النشاط والحركة التي تتحلى بها النساء، بالأضافة إلى المستويات الممتازة في أدائهن، وتحقيق المبيعات".

ومع تزايد حالات إقدام الفتيات على العمل في المحلات، ومنافسة زملائهن الرجال، يتوقع أن تزداد فرصهن بشكل أكبر مع بدء تقبل المجتمع الفكرة، مقابل فقدان كثير من الشباب فرصهم في العمل، خصوصا في ظل تحقيقهن أداءً جيداً، وقبولهن رواتب أقلّ مما يتقاضاه زملاؤهن الذكور.

قد يهمك أيضا

موجة ميليشياوية تستهدف مجسمات عرض الملابس النسائية في صنعاء

 

حقيقة حفلات ”الطلاق” في اليمن تثير جدل واسع في الأوساط النسوية