رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي

 أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، خلال مؤتمره الأسبوعي، "التزام الحكومة العراقية بشأن موضوع إيران بعدم التعامل بعملة الدولار وليس الالتزام بالعقوبات الأميركية". وهذا أول تعليق يدلي به العبادي بعد التصريحات التي أطلقها الأسبوع الماضي بشأن العقوبات ضد إيران، وقال فيها: "نعم نلتزم بالعقوبات لسبب بسيط هو أن الدول الأكبر منا اقتصاديًا تلتزم بها وفي الأخر نحن نخسر".

وما زال الجدل العراقي، حسبما عكست تصريحات سياسيين لـ"الشرق الأوسط" حول موقف رئيس الوزراء العبادي من العقوبات الإيرانية، متواصلًا بين مؤيد ومعارض، وما زالت الأجواء التي أحاطت بذلك الموقف والتصريحات "العدائية" التي أطلقتها شخصيات سياسية ودينية إيرانية مثار انتقاد قطاعات واسعة من العراقيين، وبخاصة داخل الأوساط السياسية. وكان مجتبى الحسيني، ممثل علي خامنئي لدى العراق، آخر من أدلى بدلوه بشأن موقف العبادي من العقوبات، معتبرًا أن تصريحاته بهذا الشأن "غير مسؤولة ولا تنسجم مع الوفاء للمواقف المشرفة للجمهورية الإسلامية".

ويعتقد هاشم الحبوبي، نائب الأمين العام لحزب "الوفاق" الذي يتزعمه إياد علاوي، أن "من حق العبادي الإدلاء برأي يكشف عن موقف العراق حيال موضوع خطير كالعقوبات على إيران، فالرجل ما زال يشغل المنصب التنفيذي الأعلى في البلاد، وذلك ربما يعرضه للضغوط والحرج". لكن الحبوبي يرى أن "العبادي كان يجب أن يكون أكثر ذكاء لتلافي الإجابة المباشرة عن موضوع له طابع معقد كالموضوع الإيراني، فالأمر يتعلق بسياسات دولة وليس بشخص رئيس الوزراء، كان أكثر فائدة له إن أشرك بقية الأطراف السياسية في اتخاذ قرار مناسب من هذا النوع". ويضيف: "كان لدى العبادي تقدير موقف صحيح، لم يقابله بتقدير سلوك مناسب".

ومع ذلك، يشدد الحبوبي على أنه "لا يجدر بإيران أن تتطاول على العبادي، كما لا يجدر بالقوى الصديقة لها في العراق المزايدة وتتحلى بحصافة التعامل والتصريح مع القضايا الدولية والإقليمية". ويتفق الناطق باسم كتلة "صادقون" التابعة لحركة "عصائب أهل الحق" ليث العذاري حول "استعجال" العبادي بالرد على موضوع العقوبات ضد إيران. ويقول: "منذ اليوم الأول أثبت العبادي انحيازه الكامل للموقف الأميركي، ولم ينحز إلى المصلحة العراقية، كما أنه لم يضع أولوية في المصالح بين من وقف مع العراق ومن وقف ضده". ويرى العذاري أن "على العبادي وغيره أن يقدم مصالح العراق على مصالح الآخرين، وليس من المفيد للبلد أن يقع بين المطرقة الأميركية والسندان الإيراني". لكنه يشدد على أن موقف حركته يرتكز على "رفض سياسة التجويع التي تنتهجها الإدارة الأميركية ضد الشعب الإيراني، ولن تكون جزءاً منها".

من جانبه، يرى القيادي في تحالف "سائرون" جاسم الحلفي أن "حكومة العبادي لا تستطيع الخروج من الموقف الدولي العالمي وتجازف بمصالح بلدها، خاصة مع وجود الضاغط الأميركي المؤثر في العراق". ويقول: "بتقديري أن العقوبات لن تؤثر على رؤوس النظام الإيراني، وستنعكس سلبا على الطبقات الوسطى والفقيرة، مثلما حدث مع العراق في عقد التسعينات، ومن هذه الزاوية أنا ضد فرض عقوبات على أي دولة". وبخصوص الانتقادات والمطالبات بالتعويض التي صدرت عن شخصيات إيرانية، يرى الحلفي أنها "ظالمة وغير عادلة، والأجدر أن يعوض العراق والضحايا الذين سقطوا في الحرب ضد إيران".

التدريسي في الجامعة المستنصرية ستار عواد، يرى أن "موقف الكتل السياسية الشيعة لم يتضح بعد تجاه العقوبات الأميركية على إيران، وبرز موقف العبادي كأهم موقف يصدر عن شخصية شيعية". وبرأيه فإن موقف العبادي "انطلق من حرصه على مصالح الشعب العراقي، حتى إنه خالف موقف حزب الدعوة الذي ينتمي إليه".

وأضاف "يواجه العبادي موجة كبيرة من الانتقادات الشيعية الموالية رسمياً لإيران، وسط صمت بقية الأطراف الشيعية الكبيرة كالتيار الصدري، وتيار الحكمة، وحزب الفضيلة". ويعتقد عواد أن "موقف العبادي من تطبيق العقوبات الأميركية سيزيد من حظوظه في الفوز بولاية ثانية على حساب خصمه في التنافس هادي العامري".