الملك محمد السادس

افتتح العاهل المغربي، الملك محمد السادس، السنة التشريعية الجديدة بخطاب توجيهي أكثر من كونه انتقاديًا، كما دأب على ذلك في الخطابات الأخيرة، حيث خالف الملك التكهنات التي كانت تسير في طرح أن الخطاب الملكي سيكون نقديًا. وما لفت الإنتباه أن الملك كان بلحية وجلباب أبيض، وتمت تلاوة آيات من القرآن قبل بداية خطابه التوجيهي، مما أضفى على الخطاب الرمزية الروحية والدينية التي تجعل كل مضامينه التوجيهية نابعة من إيمان عقائدي قوي، لا يترك مجالاً للشك للمتلقي في صدق ما جاء فيه، حيث حضر الملك بصفته أميرًا للمؤمنين أكثر من كونه رئيسًا للدولة. وركز الملك في خطابه على ستو توجيهات وركائز أساسية، يبدو أنها مفاتيح جميع الحلول الملكية المقترحة، وهي:

أولاً: الملك نموذج وجب الاحتذاء به

فعندما يقر الملك المغربي بأن تحركاته ومراقبته الدقيقة للأوضاع في البلاد، وخدماته لشعبه، تأتي في إطار إعطاء العبرة لكل من يتحمل مسؤولية إدارة الشأن العام، فهذه رسالة واضحة لكل المسؤولين للسير على نهجه.

ثانيًا: تغيير العقليات

وفي هذه النقطة أشار الملك بكل وضوح إلى ضرورة تغيير العقليات، ليستطيع المغاربة العيش بكرامة.

ثالثًا: الوطن للجميع

وهنا حسم الملك أي نقاش مستقبلي بشأن الأقليات في المغرب، ليٌعلم الجميع أن الوطن يسع جميع المغاربة بكل تنوعاتهم الدينية والثقافية، ولينتزع أي نزعة انفصالية قد تتأثر بالمحيط الدولي من مهدها.

رابعًا: إمكانية خلق زلزال سياسي إن تطلب الإصلاح ذلك

وهي إشارة واضحة للجميع سواء في الداخل أو الخارج، مفادها أن المؤسسة الملكية لا تخاف أي زلزال سياسي، بل من الممكن أن تتخذ هي المبادرة وتحدث زلزالاً سياسيًا إن تطلب الأمر ذلك، في إطار إصلاح الأوضاع وتغيير ظروف المغاربة إلى الأفضل.

خامسًا: ضرورة التركيز على القطاعات الحيوية مع تطوير المبادرة الوطنية

وكعادته، فضل الملك التركيز على القطاعات الحيوية من تعليم وقضاء وفرص عمل، معتبرًا أنها يجب أن توفر للمواطنين المغاربة بكرامة، خصوصًا الشباب، مشيرًا إلى ضرورة تطوير المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لتكون قادرة على تحقيق آمال وطموحات الشباب المغربي بكل فئاته ومستوياته، دون أن يغفل الملك التفاوت الطبقي الذي يجب محاربته في المغرب، خصوصًا في الأحياء والمناطق الفقيرة.

سادسًا: انتقاد المرحلة الماضية وعدم التساهل مع المُقصرين في أداء واجبهم

وهذه النقطة التي آثارها العاهل المغربي كانت رسالة مشفرة للاعبي المشهد السياسي، بأن رأس الدولة غير راضٍ على إدارة مفاصل الحياة السياسية، من تشكيل للحكومة وطريقة تصريف أعمالها من جهة، وتحميلهم المسؤولية عن ما وقع من قلاقل اجتماعية في العديد من مناطق المغرب، بما في ذلك أحداث الريف، من جهة أخرى، حيث أكد الملك أنه لن يتهاون في معاقبة أي مقصر في أداء الواجبات المنوطة به، وهو أمر مربوط بتقرير لجنة التحقيق والمجلس الأعلى للحسابات فيما يتعلق بملف الريف، وكل الملفات العالقة في المغرب.