بابلو بيكاسو

يفتح متحف القلعة الواقع في مدينة أنتيبس الفرنسية، على منحدر ضحري فوق البحر المتوسط أبوابه للجمهور لكن نادرًا ما يزوره أحدًا، ويحتوي على مجموعة فريدة من نوعها من أعمال بيكاسو، وكل ما قام به الفنان في الأشهر الخمسة الأخيرة من سبتمبر/أيلول 1946، إلى يناير/كانون ثان 1947، بشكل دائم داخل جدران القلعة.

لم تظهر أي من لوحات أنتيب في معرض بيكاسو في تأتي العام الماضي،  فالصور، والفخار، والرسومات والنحت لم تم رسمها أو صنعها إلا داخل القصر، وتميل أعمال بيكاسو إلى الشجن والحزن ولكن لايمكن رؤية هذا فى اعماله فى معرض انتيبس ،فجميع اعمالة فى المعرض تم رسمها فى احدى الفترات السعيده القليلة فى حياتة  بعد فتره الحرب  اذ وجد رفيقته  فرانسواز جيلوت، التى  أصبحت فيما بعد أم لابنه كلود وابنته بالوما. وبدأت فى أنتيب حياتة من جديد اذ ان صوره تعكس انتعاشه الروحي. فلم يرسم أي شيء بمثل هذا الإبداع على الإطلاق.

وفي صيف عام 1945 ذهب بيكاسو إلى الريفيرا، وهو فى حالة من  الاكتئاب، إذ كان غير قادر على العمل، بسبب ودمار الحرب من ناحيه. مع وجود مشاكل شخصية لديه، وسبب له الحزن أيضا نقص في مواد الرسم ، وخاصة  الخاصة باللوحات، وعلى رصيف ميناء الصيد في أنتيبيس قابل بيكاسو صدفة أم دور دي لا سوشير، أمينة متحف القلعة. ذكر بيكاسو أنه كان يبحث عن استوديو كبير حيث يمكنه أن يعمل على نطاق واسع، مع توفر النواقص من الأدوات والخامات الفنية للوحات .

وعرضت عليه استخدام القصر، المتداعى في هذا الوقت، إذ كان القصر شاسعًا وفارغًا ،يتميز ببرودته وصمتة . وانتقل بيكاسو  وقامت ام. دي لا سوشير بتزويده بكل ما يحتاجه من الخامات الفنيه للوحاتة وأعماله، واعتاد بيكاسو القيام بجولة في المدينة على دراجته بحثا عن الكنوز الخفيه بها.

واعتاد بيكاسو على استخدام خامات الرسم التالف، في حاله نقصها أو تلفها فكان يرسم على جميع الاسطح الخشنة والتالفة المقطوعة إذ كان في باريس، بحاجة ماسة إلى قماش لكنه لم يعتر عليه ، فقام بالرسم على إحدى أعمال موديلياني، كما هو الحال مع جميع الفنانين، وقال إنه يتأثر بمواده، ويظهر هذا واضحًا في أعماله في متحف أنتيبس إذ يمكن مشاهده كيفيه تحويله للقطع التالفه إلى لوحات فنينه رائعة.

وعاش بيكاسو داخل القلعة بعيدًا العنف، فقد أعيدت إلى روحه الأيام التي كانت فيها أنتيب مستوطنة يونانية، أنتينوبوليس؛ عندما كانت السفن التجارية اليونانية تستقر في الميناء وكانت موقع القلعة مستوطنه يونانيه، واستلهم اعماله من تلك الحقبه رسم بعض الهة اليونان والكثير من الاعمال الفنيه التى عبرت عن تلك الحقبة واعتمد بيكاسو على العديد من خامات الرسم في أعماله فقد رسم بعض أعماله بالحبر والفحم وبعضها بالفرش والولوان الزيتيه.

الأن وبعض مرور الكثير من الاعوام على وفاه بابلو بيكاسو لا تزال أعماله تمثل اسطوريتة وتفرده الفني عن أي أعمال أخرى، ولا تزال اعماله تسكن متحف القلعة إذا خلفها وراءه لتكون مرجعية، لأية شخص يبحث الفن الحقيقي الذي يجمع بين عناصر الإبهار والجمال .