الرئيس الأميركي دونالد ترامب

أثارت واشنطن غضب بكين مرة أخرى، الأربعاء، بعد أنباء اعتقال مينغ وانزهو، المديرة المالية لعملاق التكنولوجيا الصينية شركة "هواوي"، وذلك بعد تظاهر الولايات المتحدة بتهدئتها التوترات التجارية مع الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع في قمة مجموعة العشرين.

واعتقلت مينغ، وهي ابنة مؤسس شركة "هواوي" رين زينيغفي، في كندا، السبت، ومن المتوقع أن يتم تسليمها إلى الولايات المتحدة بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية على إيران.

ودفع هذا التحرك إلى الإدانة الفورية من جانب المسؤولين الصينيين، ووسائل الإعلام الحكومية، كما أثار مخاوف متزايدة بين المستثمرين والمحللين من أن الهدنة التجارية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الصيني شي غين بينغ، ربما بدأت بالفعل في الانهيار.

وقال تشيويغي تسانغ، كبير الاقتصاديين الصينيين في "دويتش بانك" الخميس: "نعتقد بأن هذه إشارة واضحة على أن الحرب التجارية تتصاعد إلى مستوى جديد"، مضيفا: "نعتقد بأن احتمال وصول الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق تجاري بحلول الأول من مارس/ آذار انخفض من 40% إلى 30%".

وتراجعت أسواق الأسهم في آسيا وأوروبا بعد هذا الخبر، وكذلك كان افتتاح السوق الأميركية، فاعتبارا من الساعة 1:30 ظهرا، انخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي إلى ما يقرب من 550 نقطة، أو 2.2 ٪، في حين انخفض مؤشر "S & P 500" بمقدار 45 نقطة، أو أقل بقليل من 1.7 ٪، وفي حين أن معظم التركيز خلال الصراع مع الصين كان على تعريفات ترامب فإن اعتقال مينغ هو تذكير بأن معارك إدارة ترامب لا تقتصر فقط على الرسوم المفروضة على السلع.

وصعدت وزارة العدل الأميركية ودوائر أخرى من إدارة ترامب حملتها في محاولة لمعالجة ما تعتبره الإدارة مشاكل نظامية مع الممارسات الاقتصادية الصينية، وفي الأشهر القليلة الماضية اتخذت وزارة العدل عدة إجراءات، من بينها: اعتقال وزارة العدل لجي تشاكون، وهو مواطن صيني في الولايات المتحدة مقيم بتأشيرة طالب، في 25 سبتمبر/ أيلول، متهمة إياه بالعمل في وكالة أمن الدولة الصينية، وهو يحاول التواصل مع مهندسين أميركيين لنقل معلومات إلى بكين، وفي 10 أكتوبر/ تشرين الأول، اعتقلت الولايات المتحدة يانغون شو، وهو ضابط كبير في  وكالة الأمن العام الصيني، بعد أن استدرجته إلى بلجيكا، واتهمت وزارة العدل الضابط الصيني بمحاولة سرقة أسرار تجارية، وفي الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلنت وزارة العدل عن إنشاء فرقة عمل تسمى "مبادرة الصين" تهدف إلى ملاحقة التجسس الاقتصادي الصيني.

وتعدّ مينغ الشخصية الأرفع والأهم التي اعتقلتها الولايات المتحدة حتى الآن، وبينما لا تزال التفاصيل الدقيقة لعملية الاعتقال غير واضحة فإن هذا النمط يرسم صورة للتركيز المتزايد على الإجراءات الاقتصادية الصينية عبر الحكومة الأميركية، وهذا لا يعني أن الإدارة السابقة لم تعالج مشاكل مماثلة، لكن تركيز إدارة ترامب يبدو أنه يرسل رسالة مقصودة، وبينما كان جيف سيشنز لا يزال يعمل في منصب المدعي العام الأميركي جعل موقف الإدارة واضحا من "مبادرة الصين"، وذلك في مؤتمر صحافي، حيث قال: "كما أظهرت الحالات التي ناقشتها فإن التجسس الاقتصادي الصيني على الولايات المتحدة آخذ في الازدياد، وهوو يتزايد بسرعة"، مضيفا: "نحن هنا اليوم لنقول: كفى، لن نقبل بذلك بعد الآن".

وتدرس الولايات المتحدة أيضا توسيع قائمة التكنولوجيات التي يمنع تصديرها إلى الصين، وإدخال قيود الاستثمار على الشركات الصينية في الولايات المتحدة.

ويركز التحقيق في الفصل 301 الذي تستند إليه التعريفات الأميركية بشكل كبير على سرقة الملكية الفكرية للشركات الأميركية ونقل التكنولوجيا القسري، من قبل الصين.

وأوضح السيد تسانغ أن فرص التوصل إلى اتفاق لمعالجة هذه القضايا أصبح أقل حجما بعد اعتقال مينغ، مضيفا: "من المحتمل أن يصبح الرأي العام في الصين أكثر سلبية في ما يتعلق بالحرب التجارية، ومن المحتمل أيضا أن يكون ضد شركات أميركية.. تم استئناف المحادثات التجارية للتو في اجتماع مجموعة العشرين، والآن تبدو مظلمة".