قصة "قافلة العطش"

نفتح قصة "قافلة العطش" على مجموعة من المعطيات الفكرية والحضارية والاجتماعية لمجتمعنا العربي؛ فهو نص على قدرعالٍ من المرونة، يتعاطاه المتلقي من أي زاوية يشاء. فالقاصة ابنة هذه البيئة التي أجحفت حقوق المرأة عقودا من الزمن، ثم ظهرت تلك الأصوات المنددة على محدوديتها بهذا الظلم، والساعية لأن تعيد للمرأة ما سُلب منها بقصد أو بغير قصد. لتكون هذه القصة واحدة من تلك الصرخات المتشوقة لإعطاء المرأة قيمتها الحقيقية في عالمنا العربي.

وتعرض قصة من الصحراء تقوم فيها إحدى القبائل الغازية بهزيمة قبيلة أخرى وتأسر نساءها.ليقع بعد ذلك زعيم القبيلة المنتصرة في عشق إحدى الأسيرات،والتي تبدو أنها أبنة زعيم القبيلة، ليرفض بعد ذلك عرض القبيلة المهزومة بفداء النساء بالمال، بل وإكراما لتلك الفتاة التي عشقها أنعم عليهن بالحرية، وقدَّم للقبيلة الطعام والشراب. لتصل القصة إلى ذروتها عندما ترفض تلك الفتاة الجميلة المختلفة المعشوقة أن تنفك من آسرها،وتفضل البقاء معه على الرجوع مع قبيلتها لتأتي بذلك ببدعة ما سمعت بها العرب من قبل، متحدية بذلك كل الصعوبات والعقبات التي واجهتها لتحقيق حريتها الأنثوية.ثم صورت القاصة تلك القافلة التي عادت محملة بالعار كما تعتقد،بسبب فتاتها الجميلة التي آثرت حريتها وإيجاد ذاتها على العودة لما كانت عليه مع القبيلة.كما تصور رجال القبيلة أثناء عودتهم وقد قاموا بقتل نسائهم لما شاهدوه في عيونهن من عطش،وقاموا أيضا بوأد البنات الصغيرات خوفا من أن يجلبن العار عندما يكبرن ويكررن فعل البطلة في النص.

*الثيمة الأساسية التي قامت عليها القصة:

القصة تقوم في بنيتها الأساسية على تيارين فكريين متضادين:

- تيار مساند وداعم للمرأة في مطالبها المشروعة، وهو من يسعى لتخليصها من بعض المعتقدات والأفكار السلبية التي تعيدها للوراء أدراجا بائدة عتيقة.ـــــــــــــــ ويمثل هذا التيار (البدوي الأسمر).

- وتيار مندد بكل المساعي الجادة لتخليص المرأة من قسوة الأعراف والتقاليد السائدة، والمعوق لأي تطور يسعى للنهوض بالمرأة أينما كانت.ــــــــــــــــــ ويمثل هذا الاتجاه رجال قافلة العطش.

حيث تسهم هذه البنية في الكشف عن المغزى الذي ترمي القاصة لإبرازه..

*دلالـــــة العنوان (قافلة العطش) :

يعد العنوان ركنًا أساسيًا في العمل الأدبي، ذلك أنه يشكّل المفتاح الإجرائي الذي تتجمع فيه الأنساق المكونة للعمل الإبداعي، التي تصب في البؤرة ذات الحالة التكثيفية لمجريات الحدث داخل البنية النصية، ومن خلال هذه البؤرة تتشظى رؤى القارئ التي يكشف من خلالها عن جمالية الترابط بين عنوان العمل الأدبي وبين تلاحق الأنساق في الأحداث المتبلورة في بؤرة العمل".(1) هذا بالإضافة إلى كون العنوان يكشف للمتلقي عن تلك المعطيات الثقافية والاجتماعية والفكرية والنفسية التي قامت عليها بنية القصة أساسا.