آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

كيف ٲصبح إرهابيًا؟

اليمن اليوم-

كيف ٲصبح إرهابيًا

بقلم/حسام الخرباش

في ظل الوضع الاقتصادي المتردي باليمن ؛ نتيجة الحرب كان الطفل أسامة يدرس في المدرسة، وحملته الظروف على ترك الدراسة؛ لعدم قدرة والدته الأرملة على تحمُّل نفقات تعليمه. ولم يتحمل أسامة قسوة الحياة ووجع الجوع، وقرر مغادرة المنزل للبحث عن عمل، قرر أن يواجه الظروف الصعبة ويتحمل مسؤوليةً أكبر من سنه فقد فرض الواقع عليه ذلك.

غادر أسامة بحثًا عن عمل، عاش مرارة الحياة، وواجه صعوبة في حصوله على عمل، كان أسامة يمتاز بالأخلاق والالتزام الديني، وفي إحدى المناطق التي كان يبحث فيها عن رغيف العيش كان يتردد أسامة على أحد المساجد كثيرًا ليؤدي صلاته، وهناك التقى أسامة برجل كان يراه دائمًا، وتبادلا الحديث، وعلم الرجل أن أسامة ذو عقل نقي، ويحتاج إلى عمل إضافة إلى كونه بعيدًا عن أسرته، ووعد الرجل الطفل بإيجاد عمل له، في اليوم الثاني التقى أسامة بالرجل وحمل له الرجل بشارة أنه قد عثر له على عمل في أحد مراكز تحفيظ القرآن حيث أن هذا المركز يتبع صديق للرجل وهو شيخ دين سوف يعلم أسامة أمورًا كثيرة بالدين ليعمل بعد التعليم داعية إسلامي ويتكفل خلال فترة تعليمه بأكله وشربه ومبلغ رمزي يقضي به حاجته.
 وابتسم أسامة وشعر بالسعادة كونه سيكون داعية في أحد الأيام، وسيحل معضلة رغيف العيش بنفس الوقت، ولم يتردد أسامة بقبول العرض وأخذ الرجل أسامة إلى منطقة ريفية فيها منزل يتخذه الشيخ الذي سيحفِّظ أسامة القرآن ويعلمه طرق الدعوة. والتقى أسامة بالشيخ، وكان سعيدًا بذلك لا يعلم ما هو القادم فطفولته البريئة لم تكن تحمل غير الأفكار النقية .

وتحدث الشيخ مع الطفل وأنه يرى فيه شخصًا مناسبًا ؛ ليخدم دينه ويتعلم ويسلم الكثير على يده، هذا الحديث زاد من حماس أسامة للتعلم والوقوف إلى جانب الشيخ الذي بنظر أسامة شيخ يمتاز بالإنسانية وحبه لدينه والمجتمع بحسب حديثه، لم يكن أسامة وحده هناك كان يتواجد عدد من الأطفال بسنه عايشوا ظروفًا مماثلة للتي عاشها أسامة، وطلب الشيخ من أسامة أن لا يخبر أحد بمكان تواجده، وما يفعله كون السلطات تحارب دعاة الدين، ويتعرضون لمضايقات وافق أسامة على طلب الشيخ ودخل قائمة الضحايا بكل براءة.

ومرت الأيام وكان أسامة ومن معه من أطفال كل يوم يحضرون محاضرات وحلقات الشيخ الذي يكلفهم ببعض الأعمال أحيانًا. وكان تواصل أسامة مع أسرته منقطع فقد أبلغ أمه أنه وجد عملًا مع رجل يفعل الخير ويقدم له الخدمات، وزرع الشيخ الأفكار الجهادية بشكلٍ تدريجي في طفولة أسامة ومن معه، وقام بشحنهم بجرعات متدرجة بالإرهاب ؛ لكنهم لم يكونوا يعلمون ذلك ومع الوقت تغلغل الإرهاب ببراءة وعفوية داخل أسامة ومن معه، بعدها عرض عليهم الشيخ الذهاب إلى الجهاد لم يتردد أسامة ومن معه بالقبول فقد كان يغلبهم الشوق للجهاد الذي تغلغلت أفكاره على مدى الوقت في عقولهم .

وأرسل الشيخ أسامة ومن معه لإجراء البيعة، وهي مبايعة زعيم لجماعة متطرفة على الولاء لم يكن مدرك أسامة خطورة ذلك، وأن تراجعه مستقبلًا عن تلك الجماعة سيكلفه حياته أو حياة أسرته، وتحول نقاء تفكير أسامة إلى أحقاد، وسماحته إلى نشوة جهاد، وبات هو ومن معه ضحايا لتنظيم الأوغاد. وقطع أسامة تواصله بأمه، وانتقل إلى معسكر تدريبي، وسعى التنظيم "الإرهابي" إلى قطع علاقة أسامة بأسرته حتى يكون سلاحًا لا يوجد تأثير عليه، وبالفعل نجح "الإرهاب" بتفخيخ طفولة أسامة مستغلًا براءته وظروفه وحرصه على دينه، وانتزع الإرهاب من أسامة الطفولة والدين وحياته، فأسامة الذي يقاتل الآن في صف التنظيم الإرهابي قد يُقتل في معركة، أو حين يُدرك خطورة هذه الجماعة ويُقرر التراجع، فقد باع حياته بالبيعة للتنظيم، ولم يكن يدرك الخطر في أنه أقر على إعدام نفسه بكل عفوية. وتسبب الفقر والانقطاع عن التعليم وعدم امتلاك خبرة كافية بالحياة بتحول أسامة إلى "إرهابي" يرتكب الجرائم، ويقاتل إلى صف المجرمين دون إدراك ذلك.
 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ٲصبح إرهابيًا كيف ٲصبح إرهابيًا



GMT 05:55 2017 الخميس ,02 آذار/ مارس

ماذا تريد ميركل من مصر؟

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 11:28 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى النكبة

GMT 20:55 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب أوراوا الياباني يكشف صعوبة هزيمة الهلال

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:27 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

ممارسة الرياضة تمنع التقدم في العمر

GMT 11:38 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ديل تسوق لحاسبها الشخصي من فئة الكل في واحد

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen