آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

سيرة محمد على فى رواية (2 - 2)

اليمن اليوم-

سيرة محمد على فى رواية 2  2

بقلم : عمار علي حسن

وفى رواية «جنة خانة» لزكريا عبيد، يُتوج المكان بطلاً إلى جانب الشخصية، فنجد حرصاً شديداً على وصف الأماكن التى يحل بها بطل الرواية منذ أول لحظة إلى النهاية، إذ تقول أول عبارة فيها «كانت الشمس تميل إلى المغيب مرسلة آخر أشعتها التى تلوّنت بالاحمرار على طول الساحل الهادئ. وبدت السفن ومراكب الصيد الصغيرة الراسية فى الميناء، كلوحة «سلويت» رائعة، غابت عنها التفاصيل، وبدأت تسكن شيئاً فشيئاً الحركة الناشطة، بينما كان المشاعلية يستعدون لإضاءة أرصفة الميناء»، بينما تقول آخر عبارة: «وقف محمد على أخيراً عند سور القلعة المطل على ميدان الرميلة.. وفى صدارة المشهد الذى كان يبدو كلوحة رسمها فنان مبدع ارتفعت مآذن كثيرة عالية، كان يستطيع أن يُميز الكثير منها: السلطان حسن، وطولون، والأزهر، وحتى مئذنة المشهد الحسينى المميزة الرفيعة، ومآذن لم يعد يستطيع أن يحصى عددها وقد تناثرت البيوت حتى نهر النيل، وتعبر عيناه إلى الأبعد، فتصلان إلى أهرامات الجيزة».

وبين مشهدى البداية والنهاية، تذهب الرواية عميقاً فى تعظيم حضور المكان، من خلال «جنة خانة»، وهو بيت أبى محمد على، الذى قضى فيه طفولته، ثم تتوالى الأمكنة الموزّعة على فصول الرواية، فبينما اتخذ الفصلان الأول والثانى عنوانى «الفارس» و«أمينة هانم»، جاءت الفصول التالية بأسماء أمكنة على النحو التالى: «فى نصرتلى» و«فى الأرض الموعودة» و«الطريق إلى القاهرة» و«تحت أسوار القلعة» و«على عرش مصر»، فيما فتح الفصل السابع فيها باباً وسيعاً أمام شخصيات تاريخية أخرى احتفت بها الرواية، حين أخذت عنواناً هو «شعب يبحث عن حاكمه»، مثل «خسرو باشا» و«يوسف كتخدا»، والمحروقى، وطاهر باشا، ومشايخ الأزهر: عمر مكرم والسادات والفيومى والمهدى والشرقاوى، ومراد بك وإبراهيم بك وعثمان بك البرديسى، والمؤرخ الشهير عبدالرحمن الجبرتى صاحب كتاب «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»، الذى يُعد المرجع العمدة لفترة حكم محمد على وما سبقها.

تنتهج الرواية بناءً خطياً، يبدأ بطفولة محمد على، وحتى تمكنه من حكم مصر، وبين هاتين المرحلتين تتوالى المحطات الحياتية له، والسياسية للدولة العثمانية ومصر، وفق ما ورد فى الحوليات التاريخية، الأمر الذى سهّل على الكاتب هندسة معمار روايته تلك، إذ جعل لها منذ اللحظة الأولى هدفاً أو نقطة جذب مركزية، وضعها عنواناً ثانياً على الغلاف ألا وهى «قصة تولى محمد على باشا عرش مصر»، وبالتالى فإن كل الأحداث والوقائع والحوارات والصور الظاهرة، وكل مضمر فى هذا النص، وكذلك ما كان يتشكل فى ذهن الكاتب وهو يبحث أو يكتب الرواية، صار خادماً لهذا الهدف. وأدى هذا إلى حضور التاريخ بقوة، وتحكم محطاته المعروفة فى سير الحدث الروائى، ليتلاقيا فى محطات كثيرة فارقة، منها لحظة مجىء محمد على إلى مصر، واحتلال نابليون بونابرت لها ثم رحيله عنها، وقيام ثورة ضد خورشيد باشا، وتطلع الشعب إلى محمد على ليكون والياً على البلاد.

وقد حاول الكاتب أن يفلت من قبضة التاريخ المحفورة بقوة فى الذاكرة وبطون الكتب، لأنه كان يدرك طوال الوقت أنه يكتب عملاً فنياً، فتعمق فى بعض الأحيان فى وصف الحالة النفسية لبطله، وللشخصيات التى أثرت فيه أو صاحبته فى حياته، وزاد على هذا بسبك لغة بليغة، وصور فنية لافتة، وجعل الطبيعة تتشاكل وتتفاعل دوماً مع الوقائع التى يصنعها البشر، وكذلك الأحوال الاجتماعية لعموم الناس، لكن لم ينسَ، كغيره من المثقفين، فكرة استدعاء محمد على رمزياً للحظة الراهنة، فى سياق ما جال بخواطر المصريين بعد ثورة يناير فى البحث عن مخلص أو بَنّاء كبير أو سياسى محنّك يحول الثورة إلى رافعة للدولة، ومن ثم ظل الماضى موجوداً فى الحاضر، وأصبح الكثير من الأعناق مشدودة إلى الوراء، لا سيما مع غموض المستقبل أو فقدان اليقين فى أن ما سيأتى سيكون أفضل مما مضى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة محمد على فى رواية 2  2 سيرة محمد على فى رواية 2  2



GMT 04:18 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

يناير العائدة ليست ثورية (2- 2)
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 17:05 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على أشهر مصمّمي الأزياء وأكثرهم شهرة عالمية في مصر

GMT 13:24 2021 الإثنين ,28 حزيران / يونيو

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة وجذابة في إيطاليا

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 06:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"مرسيدس" تُقدِّم سيارة تتغلَّب على الطّرق الوعرة

GMT 22:22 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

انخفاض حركة المسافرين في مطار مراكش بنسبة 12, 2%

GMT 08:55 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

"التجاري وفابنك" في صدارة البنوك في شمال أفريقيا

GMT 10:52 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض سلامة يعلن أساليب حماية السيولة النقدية

GMT 01:25 2017 الأربعاء ,01 آذار/ مارس

هبة مجدي تكشف عن سر عدم تواجدها في دراما رمضان
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen