آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

صناعة التطرف

اليمن اليوم-

صناعة التطرف

بقلم _ عمرو الشوبكي

عادة ما يغيب عن الخطاب الرسمى السؤال الرئيسى وربما البديهى فى التعامل مع ظاهرة الإرهاب: لماذا تحول شخص نحو التطرف؟، أو بمعنى آخر ما الذى جعل هذا الشخص يتقبل، وفى بعض الأحيان، يسعى نحو التفسيرات الدينية المتطرفة؟، أو يندفع لمتابعة كل يوم دعاية القتل والإرهاب؟ أو يقع فى غواية المال ليفجر نفسه؟

والحقيقة أن هذا السؤال حول سبب التطرف لابد من طرحه بالتوازى مع مواجهة المتطرفين والإرهابيين، إذا أردنا الخروج من مستنقع الإرهاب وحصاره.

والحقيقة أننا مازلنا نتحدث عن المنتج الفكرى والدينى المنحرف الذى يجب تصحيحه وتجديده، وهو أمر مطلوب ولا خلاف عليه، ولكننا لا نسأل أنفسنا ما هى العوامل التى تقف وراء جعل هذه البضاعة المنحرفة لها رواج فى «أسواقنا» وجعلت فى بعض الأحيان الطلب عليها أكبر من الخطاب الدينى الرسمى أو المعتدل.

والحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال ظلت تحكمها مدرستان، الأولى ترى أن هذه النصوص نتيجة عمقها الدينى والتاريخى قادرة، فى حد ذاتها، على أن تمثل عنصر استقطاب للكثيرين بصرف النظر عن السياق السياسى والاجتماعى المحيط بها، فى حين رأت المدرسة الأخرى أن هذه النصوص والتفسيرات المنحرفة موجودة منذ القدم وأن هناك فترات تاريخية بعينها ونتيجة ظروف اجتماعية وسياسية بالأساس يتم الإقبال عليها وإخراجها من كتب التراث وتحويلها إلى ميثاق للعمل والحركة والإرهاب.

والحقيقة أن النقاش العربى والعالمى حول من المسؤول عن الإرهاب: النص الدينى أم السياق الاجتماعى والسياسى المحيط هو نقاش مشروع حتى لو كان كثير منا حسم أمره بالقول إنه النص الدينى حتى لا يناقش وجود أى مسؤولية سياسية واجتماعية عن التطرف.

والواقع أن التحولات التى أصابت التيارات المتطرفة فى نصف القرن الأخير أعادت إحياء هذا النقاش مرة أخرى، فدوافع الإرهاب طوال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضى كانت بالأساس ترجع لغوص كثيرين فى التفسيرات الدينية المتطرفة لسنوات طويلة، دون أن يكونوا ضحايا ظلم أو قهر سياسى واجتماعى واختاروا أن يمارسوا العنف نتيجة قناعة دينية وعقائدية (منحرفة بالطبع)، دارت حول مفهوم الحاكمية لله، واعتبرت النظم القائمة نظم جاهلية لا تطبق أحكام الله، ولذا وجب تكفيرها وإسقاطها بالعنف.

وقد تغير الأمر مع بدايات العقد الماضى حين تراجع دور النص الدينى كمحدد أساسى فى عملية التجنيد لتنظيمات القاعدة ثم داعش، صحيح أنه ظل حاضرا كمبرر للقتل أو الانتحار، ولكن من يصنع الكراهية والإرهاب وتكفير المخالف لم يعد أساسا الغوص لسنوات فى تفسير دينى منحرف مثلما فعل جهاديو القرن الماضى إنما واقع سياسى واجتماعى.

إن قضية التطرف فى مصر مثل بلاد أخرى لم تعد بعيدة عن هذا الواقع، فهناك ماكينة داعشية وإخوانية تروج لمظلومية سياسية وحديث عن تجاوزات أمنية وعن أبرياء سقطوا أو اعتقلوا، وعن شرعية أسقطها تدخل الجيش، وهو خطاب يمكن الرد على جوانب كثيرة فيه وتصحيح جوانب الخلل الأخرى، خاصة ما يتعلق بالمظالم والأوضاع الاجتماعية لأهالى سيناء.

لو اعترفنا بأن هناك سؤالا أوليا لابد من الإجابة عنه، وهو لماذا يتطرف البعض ولماذا يقبلون على هذه النوعية من التفسيرات الدينية المنحرفة؟، لقطعنا خطوة جادة فى محاربة الإرهاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة التطرف صناعة التطرف



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 12:14 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالإرهاق وكل ما تفعله سيكون تحت الأضواء

GMT 15:27 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

وصول الفنان عمار العزكي إلى تعز

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 11:28 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى النكبة

GMT 20:55 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب أوراوا الياباني يكشف صعوبة هزيمة الهلال

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:27 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

ممارسة الرياضة تمنع التقدم في العمر

GMT 11:38 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ديل تسوق لحاسبها الشخصي من فئة الكل في واحد

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen