آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

الهزيمة الحضارية

اليمن اليوم-

الهزيمة الحضارية

بقلم - عمرو الشوبكي

حين كان الفارق فى الخمسينيات والستينيات بين مصر والعالم المتقدم يقاس ربما بعشرات السنين، كان من الوارد أن نصمد وربما ننتصر على إسرائيل، وحين أصبح الفارق فى النصف الأخير من القرن الماضى بيننا وبين نفس هذا العالم يبدو وكأنه بمئات السنين، أصبح من الصعب الانتصار على إسرائيل فى أى صراع سلمى أو قانونى أو عسكرى سواء تعلق بالقدس أو بباقى الأراضى العربية المحتلة.

ورغم أن المقاومة المسلحة حق من حقوق الشعوب المحتلة، ورغم أن التظاهرات التى تقوم بها الشعوب ضد الاحتلال الإسرائيلى أوراق مهمة للضغط على صانع القرار المحلى والدولى، إلا أنها بالتأكيد لن تستطيع بمفردها، كما أثبت التاريخ فى العقود الأربعة الأخيرة، تحقيق أى مكاسب فى معركة تحرير الأرض العربية المحتلة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، فى ظل هزيمة حضارية مؤكدة.

تاريخ أبناء جيلى مع التظاهرات ممتد منذ غزو إسرائيل لأول عاصمة عربية (بيروت) فى 1982 مرورا بالحروب الأمريكية فى العراق فى 1991 (أى الدخول للأراضى العراقية عقب تحرير الكويت) ثم غزوه واحتلاله وتفكيك دولته فى 2003، وانتهاء بمظاهرات التضامن مع الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة على مدار أكثر من 4 عقود. كل ذلك لم يردع إسرائيل، ولم يثنِها عن سياستها التوسعية بل جعلها منذ اتفاق أوسلو فى 1993 تتوسع فى الاستيطان وترفض إعادة الأراضى التى نصت الاتفاقيات على إعادتها للسلطة الفلسطينية، ومارست جرائم بحق الشعب الفلسطينى لم يحاسبها عليها أحد.

كل ذلك جرى فى ظل مقاومة شعبية فلسطينية كبيرة وتضامن شعبى عربى ودولى واسع، ولكنه فى النهاية لم يؤد إلى تحقيق مكسب سياسى واحد منذ استعادة منقوصة السيادة لجزء من الأراضى الفلسطينية المحتلة فى 1993، بل إن كل محاولات حماس للدخول فى مواجهات عسكرية غير محسوبة مع إسرائيل انتهت بفشل ذريع، ودفع الشعب الفلسطينى ثمناً باهظاً لهذه الحروب من دماء أبنائه دون أن يحقق أى مكسب سياسى أو يستعيد سيادته على أرضه، وأصبحنا أمام تضحيات يدفعها الشعب الفلسطينى بلا أى مقابل.

والحقيقة أن الهزيمة الفلسطينية والعربية أمام إسرائيل اتضحت حين قامت حركة حماس بالسيطرة المسلحة على قطاع غزة وطرد حركة فتح منها والعمل على مدار عقدين لتحويلها لإمارة معزولة عن العالم، وساعد الانقسام الفلسطينى الاحتلال على إحكام قبضته على الأراضى المحتلة، وبدا الصراع بين الأطراف الفلسطينية أكثر حدة فيما بينها من صراعها مع المحتل، وشهدنا حملات متبادلة بين فتح وحماس نسيا فيها المحتل الإسرائيلى.
ومع تزايد الأزمات العربية الداخلية واختفاء دول، وانقسام أخرى، وسقوط مئات الآلاف من الضحايا بأيدٍ عربية فى العراق وسوريا وليبيا واليمن، لم تعد القضية الفلسطينية تمثل أولوية لكثيرين، وبدا فشلنا فى حل مشاكلنا (كوارثنا) الداخلية سببا وراء تغول إسرائيل علينا واستهانة أمريكا بنا سواء كنا حلفاء أو خصوما لها.

هزيمتنا الحضارية مؤكدة فى مواجهة إسرائيل وأمريكا، وهذه الهزيمة لا تعنى فقط الفارق فى التقدم الاقتصادى والسياسى بيننا وبينهم، إنما فى عدم قدرتنا على بناء نماذج فى الداخل قادرة على إدارة صراع سلمى وحضارى وقانونى مع المحتل الإسرائيلى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهزيمة الحضارية الهزيمة الحضارية



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:42 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 13:37 2017 السبت ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طيار يخطب فتاة على متن رحلة الخطوط الملكية الأردنية

GMT 05:15 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جنيفر لورانس مثيرة في فستان بتوقيع ألكسندر ماكوين

GMT 01:57 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور مجدي بدران يكشف سبب إصابة الأطفال بـ "الربو"

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 06:42 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

عرض أضخم خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 05:00 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل جديدة عن دور غادة عبد الرازق في "الكارما"

GMT 21:51 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أبطال "مسرح مصر" في "آثار جانبية" الجمعة على "إم بي سي مصر"

GMT 23:04 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تحرير الشام تستعيد قرى من النظام في ريف حلب

GMT 05:46 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عشاق جوان ديدون يتوجونها على عرش الموضة رغم السن

GMT 04:07 2018 الإثنين ,09 إبريل / نيسان

"مرسيدس" تتحدى كل منافسيها بسيارتها الكابورليه

GMT 09:40 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فندق فارالدا كرين- أمستردام من أميز وأغرب فنادق أوروبا
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen