آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

ومَنْ دفعهم للسفر

اليمن اليوم-

ومَنْ دفعهم للسفر

عمرو الشوبكي
بقلم : عمرو الشوبكي

قصة الأطفال المسيحيين الأربعة الذين حصلوا على لجوء سياسى إلى سويسرا مؤلمة إنسانياً ووطنياً، فالمؤكد أن أى مواطن مصرى طبيعى كان يتمنى ألا يذهبوا كلاجئين سياسيين خارج الحدود، وقبلها كان يتمنى أن يغير النص القانونى الذى سمح بإصدار حكم عليهم بالحبس وهم فى هذه السن المبكرة من عمرهم.

حين كتبت فى شهر مارس الماضى عن «أطفال ازدراء الأديان» كان لدى أمل فى عفو رئاسى أو تغيير النص القانونى بصورة تحول دون حبس أطفال لم تتجاوز أعمار أكبرهم 13 عاماً، نتيجة شريط مسرب من داخل منزل أحدهم، وفيه تمثيل لصلاة المسلمين ودعاء بالانتقام من السفهاء ومصافحتهم لبعضهم البعض بطريقة فيها نوع من السخرية والاستهزاء (المرفوضين) من شعائر المسلمين.

والرد يجب أن يكون من جنس الفعل، أى النصح والتوجيه من قبل الأهل ورجال الدين بأن قضية احترام عقائد الآخرين هى من صلب قضية المواطنة، وأنه ليس مطلوباً أن يحب المسيحيون عقائد المسلمين ولا العكس، إنما المطلوب احترامها وعدم الاستهزاء بها، لأنهما شركاء فى وطن واحد.

نعم أخطأ هؤلاء الصبية، وهناك نقص فى التربية وفى غرس مسألة احترام عقائد الآخر فى صفوف الصغار، مسلمين ومسيحيين، ولكنهم لم يجرموا مثلما يفعل آخرون رأيناهم يحرضون علناً على العنف وتكفير المسيحيين، وأهانوا عقائد المخالفين لهم دينيا وسبوهم، وتركتهم الدولة دون حساب.

والمدهش أن هؤلاء الصبية قاموا بمزاحهم السخيف داخل بيت أحدهم وفى مكان خاص؟ وهل يجوز دستورياً وقانونياً اقتحام الشرطة حرمة الحياة الخاصة بهذه الطريقة فى أمر لا علاقة له بالإرهاب ولا يهدد الأمن القومى، واعتبار ذلك دليل إدانة وفق مادة ازدراء الأديان المطاطة التى لم يسلم منها حتى أطفال صغار.

لا أحد يطالب باستباحة الأديان ولا بإهانة الرسل والأنبياء، ولا فى مس مشاعر الشعب المصرى الذى يعتبر المقدسات خطاً أحمر، ولكن بكل أسف الغالبية العظمى ممن سجنوا بسبب هذا النص لم يهينوا مقدسات المسلمين ولا المسيحيين إنما بعضهم اجتهد فى تفسير نصوص دينية بشكل مختلف عما هو سائد، والبعض الآخر انتقد بعض فقهاء المسلمين، والبعض الثالث مثل هؤلاء الصبية سخر داخل جدران بيته من المسلمين.

وانتظر المجتمع على مدار أشهر حلاً لمشكلة هؤلاء الأطفال، وبقيت مشكلتهم معلقة دون حل، ولم تعتبر أجهزة الدولة ولا الحكومة ولا البرلمان أننا أمام مشكلة عميقة تستلزم تغيير نص ازدراء الأديان، وهو ما لم يحدث، حتى فوجئ الرأى العام بأنهم حصلوا على لجوء سياسى إلى سويسرا (ولا نعرف كيف نجحوا فى الخروج من مصر رغم الحكم القضائى) واختارت الدولة الخيار الأسهل «يسافروا ويريحونا» وفق نظرية «بلاش وجع دماغ» طالما كان الضحية مواطنا مصريا عاديا وغير محصن.

الهجوم على «الضحية» التى فشلت الدولة فى حل مشكلتهم داخل مصر سيكرس سياسة النعامة (التى تدفن رأسها فى الرمال) التى نسير عليها منذ سنوات، فقد كان بيد الدولة أن تحول دون خروجهم والحصول على لجوء سياسى باعتبارهم مضطهدين داخل مصر، وهى أمور كنا فى غنا عنها، ونحن نحاول أن نرمم صورة مصر الخارجية التى طالتها سهام الخصوم والأنصار بسبب سوء الأداء وترحيل المشاكل حتى أصبحت كوارث.

لم أكن أتمنى أن يسافر هؤلاء الأطفال خارج الحدود، ولكن لا أستطيع أن أدينهم طالما فشلنا جميعاً فى تعديل نص ازدراء الأديان الذى سمح بحبسهم، فعلينا أن نراجع أخطاءنا أولاً ونصححها قبل فوات الأوان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومَنْ دفعهم للسفر ومَنْ دفعهم للسفر



GMT 05:24 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 13:23 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 12:11 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

حوار الدوران الحر

GMT 07:34 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

المسار السياسي

GMT 09:39 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الحقبة العثمانية
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:45 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 09:22 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

ريم البارودي تكشف عن السر وراء نجاح مسلسل "قيد عائلي"

GMT 20:35 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

مواجهات حاسمة خلال شهر كانون الثاني في ختام دوري الطائرة
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen