آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

ملء الفراغات

اليمن اليوم-

ملء الفراغات

عمرو الشوبكي
بقلم : عمرو الشوبكي

حين تسأل البعض عن نظرية المؤامرة فستجد دائما ردين أو مدرستين: الأولى هى نظرية الكلام الفارغ السائدة فى مصر حاليا، والتى تنظر لعلاقات الدول وشبكات المصالح بطريقة أقرب إلى حديث الخرافات ومسح العقول، والثانية تتحدث عن المؤامرة باعتبارها خطط الدول الكبرى من أجل تحقيق مصالحها فى العالم، وكثير منها معلن وبعضها خفى.

ويقينا أن ما قاله الأستاذ محمد ناصر حافظ، بالأمس، ينتمى للمدرسة الثانية، فهو وإن كان قد أقر ودافع عن نظرية المؤامرة، إلا أن كل ما قاله يؤكد أنها خطط ومشاريع للدول الكبرى من أجل تحقيق مصالحها.

والحقيقة أنه يمكن اعتبار المؤامرة أداة من أدوات إدارة الصراع الدولى عبر خطط معلنة أو سرية، وكل الدول التى نجحت فى مواجهة مخططات الدول الكبرى هى التى علَّمت شعوبها كيف تواجه خطط الخصوم والأعداء وتستفيد من خطط الحلفاء والأصدقاء لا أن تفعل مثلما يفعل بعضنا، أى أن يتحول حديث المؤامرة إلى صناديق سوداء وصفراء وغرف مظلمة وتجنيد لعملاء وجواسيس، وهى كلها أمور موجودة فى كل المجتمعات وتواجهها أجهزة الأمن والمخابرات، فى حين أن مهمة الباحثين والكُتاب هى مناقشة خطط هذه الدول ومشاريعها وتقديم بدائل لها لا نشر الخرافة وقصص أرسين لوبين بصورة أكثر بلاهة لمسح العقول لا تشغيلها.

نعم لكل دولة خطط لتحقيق مصالحها، وقد تكون هذه الخطط فى حال الدول الصغرى والمتوسطة دفاعية، أى تكتفى بملء الفراغات وسد الثغرات الموجودة عندها، وقد تكون خططا كونية تُصَدَّر للعالم كله مثلما تفعل الولايات المتحدة والصين وروسيا، ويحاول الاتحاد الأوروبى، وهو عبارة عن سياسات واستراتيجيات، بعضها شرير وغير إنسانى ولا يعبأ إلا بمصالحه، حتى لو كانت على أنقاض مصالح شعوب أخرى.

ولعل الرسالة المقتضبة التى وصلتنى من الأستاذ عمر فتوح (أختلف معه أكثر مما أختلف مع صاحب رسالة الأمس، الأستاذ محمد ناصر حافظ) تدعم هذا الاتجاه حين قال: إن أمريكا منذ الخمسينيات (تحت قيادة الجمهوريين أيزنهاور وچون فوستر دالاس) وهى تطالب بإدماج الإخوان أو الإسلاميين فى الحكم.

عبدالناصر الحاكم الفرد لم يكن أبدا ليسمح بالتعددية السياسية.. لذا فقد كانت العلاقة مع الإخوان هى صراع تفوقت فيه شعبية عبدالناصر وجيشه على شعبية الإخوان وجناحهم العسكرى.. واستمر الحال هكذا إلى أن قامت ثورة يناير.. ووجدها الإخوان فرصة (نظرا للفراغ السياسى) للوصول إلى الحكم.. ولكن أنانيتهم وقِصَر نظرهم أنهيا حكمهم بسرعة.. إلا أن الإدراك الأمريكى لأهمية إدماجهم فى الحكم كان دائماً موجودا.. وقد طالبوا بعد 30 يونيو مثلما طالبوا قبله بنظام حكم يشمل الجميع، ولا أعرف ماذا سيكون موقف ترامب وحزبه الجمهورى من مسألة المصالحة مع الإخوان.. أرى أن المسألة ليست أبدا مؤامرة ولكنها رؤية سياسية أمريكية اتفقنا أو اختلفنا معها.. فحتى الآن لم يوضح لنا أحد ماذا ستستفيد أمريكا من تفتيت دول فى منتهى الضعف والتخلف تشترى سلاحها من الغرب.. وموارد ثروتها الرئيسية تفقد قيمتها وعلى وشك النضوب.. كما أن إسرائيل (التى تمثل اهتماما مباشرا لأمريكا والغرب) قد حققت تفوقا ساحقا، ولا توجد قوة فى المنطقة تتحدى هذا التفوق فى أى مجال.

أعتقد أن نظرية المؤامرة كانت مجرد عملية دعائية لنظام حكم يرفض التسليم بمبادئ الحكم الديمقراطى التى نادت بها ثورة يناير العظيمة.

وإذا كنت أعتبر الموقف الأمريكى الداعم للإخوان حمل فى جانب منه كراهية ورفضا للدولة الوطنية العربية التى جلبت وفق التصور الأمريكى الاستبداد والفشل، ولذا حين فككتها فى العراق كانت النتائج كارثية، فى حين أن الواقع يقول إن هذه الدولة حتى لو كانت غير ديمقراطية إلا أنها حَمَت أكثر من بلد عربى (مصر وتونس والمغرب مثلا) من خطط أمريكية معلنة وليس مؤامرات سرية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملء الفراغات ملء الفراغات



GMT 05:24 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 13:23 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 12:11 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

حوار الدوران الحر

GMT 07:34 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

المسار السياسي

GMT 09:39 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الحقبة العثمانية
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 15:17 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

- ألبا البارسا ستفوز بكل المسابقات في كل المواسم

GMT 20:59 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

أهم أحداث الحلقة الـ12 من المسلسل الرمضاني "الحلال"

GMT 01:13 2016 الخميس ,06 تشرين الأول / أكتوبر

سجاد "الطيبة" تحفة فنية وليس مجرد قطعة أثاث في المنزل

GMT 07:55 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

أفكار بسيطة لتغيير الروتين اليومي في حياتك

GMT 08:16 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تتوجّه إلى أمل بوشوشة بالشكر عبر "تويتر"

GMT 05:09 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

جزر غوادلوب الفرنسية المكان الأجمل لقضاء رحلة مختلفة

GMT 02:13 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

حقائق جديدة حول تغير جينات المرأة فترة الحيض
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen