آخر تحديث GMT 07:01:18
اليمن اليوم-

من استباحوا النقابة

اليمن اليوم-

من استباحوا النقابة

بقلم : عمرو الشوبكي

اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين واعتقلت اثنين من الصحفيين، هما عمرو بدر ومحمود السقا، المعتصمين داخل النقابة، وسجلت بذلك تطورا خطيرا وغير مسبوق فى تاريخ العلاقة بين السلطة السياسية والنقابات المهنية.

وإذا عدنا للأربعين عاماً الأخيرة، أى منذ أن أعلن الرئيس السادات التعددية الحزبية مروراً بثلاثين عاماً من حكم مبارك، فإن مشهد اقتحام 30 رجل أمن بالزى المدنى مبنى نقابة الصحفيين لاعتقال زميلين لم يضبطا مرة واحدة يحرضان على العنف، ولهما آراء سياسية معارضة، وأن ما يقوله شاب جرىء ومخلص مثل عمرو بدر على موقع «بوابة يناير»، الذى يرأس تحريره، قابل للنقد والاختلاف، لا الاعتقال والقمع مثلما تفعل النظم الفاشلة.

فى عهد مبارك حافظ نظامه على حد أدنى من القواعد فى التعامل مع الخصوم لم ينزل عنه، قبل أن يتجاوزه أحمد عز فى انتخابات 2010 المزورة، فالنقابات المهنية، خاصة الصحفيين، كان مسموحاً لها بما لم يكن مسموحاً به فى الشارع ولا حتى للأحزاب، وحين تخرج نقابة مهنية عن الحدود المتوافق عليها نتيجة سيطرة الإخوان، يقوم النظام بفرض الحراسة عليها مثلما جرى فى نقابتى الأطباء والمهندسين.

لم يحدث على مدار 40 عاماً أن اقتحمت قوات الأمن نقابة مهنية واحدة فى مصر، ولا اعتقلت مطلوباً ولا فضت مؤتمراً ولا ندوة، ومازلت أذكر المؤتمر الذى نظمته نقابه الصحفيين للتضامن مع إبراهيم عيسى عقب صدور حكم ابتدائى بحبسه (استأنف عليه وحصل على البراءة) بتهمه إهانة رئيس الجمهورية حسنى مبارك (وليس الدفاع على مصرية تيران وصنافير كما فعل عمرو بدر وزملاؤه)، وحضر عيسى المؤتمر ولم يعتبرها الأمن فرصة لاقتحام النقابة واعتقاله، ليسجل نقطة عند الرئاسة (على طريقة تمام يا ريس)، وحافظ نظام مبارك «غير الديمقراطى» على حدود لم يتجاوزها.

وحتى الوقفات الاحتجاجية الشهيرة التى جرت طوال عهده على سلالم نقابة الصحفيين، كانت الشرطة وضباطها يفرضون كردوناً على مداخل شارع عبدالخالق ثروت، ويمنعون الناس من الدخول، ولكنهم لم يجرؤوا على منع الصحفيين من دخول نقابتهم، فكانوا يسمحون، مراعاة للشكل العام، لكل من يحمل بطاقة نقابة الصحفيين بالدخول رغم تأكدهم أنه جاء من أجل التظاهر. الوضع الحالى أصبحت فيه مهنة الصحافة جريمة فـ«كارنيه النقابة» أصبح اتهاماً، وكثير من الشباب تم اعتقالهم لأنهم صحفيون فى مشهد لم تعرفه البلاد من قبل.

اعتقال صحفيين من قلب نقابة الصحفيين جريمة قانونية وخطيئة سياسية مكتملة الأركان، فقانون نقابة الصحفيين الذى صدر عام 1970 فى بلد لم يكن وقتها ديمقراطياً (ولم يصبح بعد) وتنص المادة 70 منه على: «لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقابتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بحضور أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها». هذا النص الذى احترم ما يقرب من نصف قرن، أى فى نهاية عمر عبدالناصر، وفى عصرى السادات ومبارك، جاءت وزارة الداخلية فى 2016 لتنتهكه انتهاكاً صارخاً وصادماً.

لست متأكداً إذا كانت الدولة ستتراجع عن هذه الجريمة القانونية أم لا، وإن كنت أتمنى التراجع الفورى والاعتذار السريع، وأختتم بما أرسله لى الأستاذ كريم الشناوى نقلاً عن الشاعر أحمد مطر تعليقاً على اقتحام نقابة الصحفيين جاء فيها:

فى البدء كان الكلمة

ويوم كانت أصبحت متهمة

فطوردت

وحوصرت

واعتقلت

وأعدمتها الأنظمة..

فى البدء كان الخاتمة.

رحمة الله عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من استباحوا النقابة من استباحوا النقابة



GMT 05:24 2020 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 13:23 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

الساحل الشمالى

GMT 12:11 2020 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

حوار الدوران الحر

GMT 07:34 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

المسار السياسي

GMT 09:39 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الحقبة العثمانية
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 05:37 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

نيوزيلندا وجهة سياحية مميزة تتمتع بمناظر طبيعية خلابة

GMT 12:53 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

«طلاء حيوي» يقاوم التآكل والبقع وأشعة الشمس

GMT 07:34 2016 الأربعاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الافصاح عن بناء أول مزرعة موجية لتوليد الطاقة في بريطانيا

GMT 13:30 2018 الأربعاء ,21 شباط / فبراير

أفكار جديدة وبيسطة لديكور ركن الصلاة في المنزل

GMT 17:42 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بيكيه يستفز كريستيانو رونالدو ويؤكد أن "البرغوث" من كوكب آخر

GMT 01:00 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد الجمباز في بيروت يعلن جوائز بطولة لبنان للذكور
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen